الأربعاء, أكتوبر 9, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةخطوط حمرما بعد الوعود والتطمينات... أزمة ثقة

ما بعد الوعود والتطمينات… أزمة ثقة

هاشتاغ سوريا- رشا سيروب

يقول الاقتصادي كينيث آرو “يبدو لي أن فضيلة الصدق ذات أهمية عظيمة في الحياة الاقتصادية” ويضيف “ونستطيع أن نقول بقدر معقول من اليقين إن الكثير من التخلف الاقتصادي في العالم يمكن تفسيره نتيجة انعدام الثقة المتبادلة».

تواجه سورية اليوم، أخطر نوع من الأزمات، ليست الحرب ولا المؤامرات الخارجية الكونية التي تستهدف سورية وشعبها، بل أخطر من ذلك بكثير، ما تواجهه سورية اليوم هو “أزمة ثقة”.

لم تتمكن الحكومات المتعاقبة من الإيفاء بوعودها -القديمة الجديدة- “المعلنة مراراً وتكراراً” في معالجة المشاكل المعيشية للمواطن، ومحاربة الفساد وكفاءة الإنفاق العام، ولم تتمكن أيضاً من الوفاء بوعودها “اليومية” في حل أزمة البنزين وتقليص ساعات الانتظار على طوابير السلع “الحياتية الأساسية”، ما أدى إلى انعدام ثقة المواطن في الحكومة.

يقول إعلان فيينا عام 2007 في ذلك “ﻋﻨﺪﻣﺎ تخيب ﺁﻣﺎل اﻟﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ ﻓﻲ الطريقة اﻟﺘﻲ تعمل ﺑﻬﺎ اﻟﺪوﻟﺔ وﻓﻲ ﻣﺎ تقدمه إﻟﻴﻬﻢ، يمكن أن يترتب ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ تنافر ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن يتفاقم ويفضي إﻟﻰ اﻧﻌﺪام اﻟﺜﻘﺔ واﻟﻼﻣﺒﺎﻻة”.

وهو ما يبرز جلّياً في الواقع السوري، كم من وعود أُطلقت لتخفيض الأسعار، وكم من شعار رُفع لتسخير السياسات لخدمة المواطن، وكم من تصريح أُعلن عن سلاسة البطاقة الذكية وحل أزمة البنزين على الأبواب، وكم…؟! وكم…؟!! وكم؟!!

فكانت الوعود وما زالت “حبراً على ورق” أو “مجرد كلام”؛ مما دفع بالمواطنين “قسراً” إلى اللامبالاة والبحث عن آليات للتكيف الذاتي مع الواقع، التي تجسدت بوضوح من خلال سيطرة “قانون الغاب” في معاملاتنا اليومية و”تشريع المصالح” في القضايا الجوهرية.

يؤدي انعدام الثقة دائماً إلى إثارة الشكوك حول جدوى وأهداف السياسات والإجراءات الحكومية، مما يحول دون تعاون المواطن مع الحكومة-حتى في أبسط الممارسات- وتجاهله أو عدم التزامه بالقوانين والتشريعات، التي من أهم مؤشراتها حجم التجاوزات والمخالفات التي ازددات وتزداد “دون خشية” و “دون حسيب أو رقيب” عقب صدور أي قانون أو مرسوم مهما كان صارماً أو حاملاً في طياته التهديد والوعيد؛ وهذا معناه الإبقاء على أسباب الفوضى.

لذا لا بد أن تكون أولويات الحكومة هو العمل على خلق “الثقة” لدى المواطن اتجاه الحكومة، وهذا يتطلب تجسير الهوة بين ما يتوقعه المواطن من الحكومة وما تحققه، وبين ما تخطط “وتصرح” له الحكومة وما تنفذه.

ورغم صعوبة تجسير فجوة الثقة بين المواطن والحكومة في سورية -لأسباب مختلفة منها استشراء الفساد وانخفاض الكفاءة والترهل في الأداء الحكومي لسنوات متعاقبة- غير أنها ليست عملية معقدة إذا توفرت الإرادة السياسية والنية الصادقة لبناء عوامل الثقة القائمة على توقعات المواطنين لنمط الحكومة التي ينبغي أن تكون عليه، وكيف ينبغي للحكومة أن تعمل وتتفاعل مع المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية، وهذا يستدعي قليل من “الوعود الصادقة” وكثير من “الشفافية” في طرح المشكلات وإبراز التحديات.

مقالات ذات صلة