بينت الدراسات التحليلية لواقع الخدمات الإلكترونية في سورية انخفاض نسبة تنفيذ المشاريع المتعلقة بعملية التحول الرقمي خصوصاً تلك المشاريع التي تقع خارج إطار عمل وزارة الاتصالات والتقانة.
وقد اختلفت نسبة تنفيذ المشاريع في الجهات العامة عن تلك المخطط لها، وذلك لعدم توفر دراسات واضحة عن هذه المشاريع وعدم وجود نظام حوكمة واضح يحدد الأولويات ويضمن تكامل المشاريع، وعدم القدرة على الاستفادة من التطور التكنولوجي المتسارع.
بالإضافة لعدم موائمة أنظمة العقود الحالية لمتطلبات التطور التكنولوجي لهذا النوع من المشاريع والخدمات، وآلية رصد الاعتمادات التي تعتمد الأسلوب المركزي دون توفر المرونة الكافية.
نتائج الواقع الإلكتروني
أدى ذلك الواقع لعدم القدرة على تتبع تنفيذ هذه المشاريع، وأنعكس سلباً على تكامل الخدمات الإلكترونية مع بعضها، مما أدى لعدم توفر خدمات مقدمة للمستفيدين بشكل إلكتروني وفعال وسريع.
ترافق ذلك مع غياب النماذج المعيارية لتبسيط إجراءات الخدمات الحكومية، ومن ناحية ثانية، فإن التمويل المطلوب لتنفيذ مشاريع الاستراتيجية كان يعتمد أساساً على المصادر المالية الحكومية المحدودة دون النظر في إيجاد نماذج تمويلية تعتمد على الشراكة مع القطاع الخاص، أو نماذج للتمويل الذاتي.
مع ماذا انسجمت استراتيجية التحول الرقمي؟
يأتي وضع استراتيجية التحول الرقمي في سياق عام منسجم مع مجموعة من التوجهات والخطط الاستراتيجية التي يجري العمل عليها على مستوى وطني وعلى مستوى قطاعي، وقد استندت الاستراتيجية على المرتكزات التالي:
أولاً: التوصية الصادرة من الاتحاد الدولي للاتصالات بتكليف الدول الأعضاء وضع سياسة تحول رقمي خلال الفترة (2020 -2023) حيث تم تحديد خمس أهداف أساسية لها من ضمنها التواصل مع الأعضاء المشاركين لوضع سياسات متقاربة ومتشابهة بين الدول الأعضاء للاستفادة من التجربة المشتركة للدول الأعضاء في الاتحاد.
ثانياً: برنامج سورية بعد الحرب، المعتمد من رئاسة مجلس الوزراء، وهو خطة سورية الوطنية في التنمية المستدامة ويتضمن مجموعة من البرامج المرتبطة بتقانة المعلومات والاتصالات، وقد ظهر هذا الدور مباشرةً في أربعة برامج رئيسة وثمانية برامج فرعية تؤثر وتتأثر باستراتيجية التحول الرقمي بشكل مباشر أو غير مباشر.
ثالثاً: مشروع الإصلاح الإداري وهو برنامج أطلقه رئيس الجمهورية العربية السورية في العام 2017 خلال جلسة عقدت برئاسته في مقر مجلس الوزراء ويرتبط هذا المشروع باستراتيجية التحول الرقمي بعلاقة تبادلية إذ يتأثر كلاهما بمدخلات ومخرجات الآخر.
رابعاً: مؤتمر التحول الرقمي الذي نفذته وزارة الاتصالات والتقانة بالتعاون مع الاتحاد العربي للتجارة الإلكتروني في عام 2021 بمشاركة من الجهات المحلية والعربية وتم طرح الاستراتيجية التي تبنتها وزارة الاتصالات والتقانة على الحضور لمشاركة الرأي وتحسينها وتطويرها بما يلائم المرحلة الراهنة.
خامساً: استراتيجية الإنترنت عريض الحزمة التي تقوم وزارة الاتصالات والتقانة بوضعها آخذةً بعين الاعتبار العلاقة التبادلية بينها وبين استراتيجية التحول الرقمي.
سادساً: آخر التطورات التكنولوجية في هذا المجال، وإطلاق عملية التحول الرقمي اعتماداً على أحدث التقانات بما أمكن.
لا بد من اعتماد استراتيجية التحول الرقمي للخدمات الحكومية في سورية لأنه عاجلاً أو آجلاً مطلوب من سوريا أن تتبنى استراتيجية للتحول الرقمي لما له من أثر كبير على التنمية الاقتصادية وعلى التحول إلى نموذج الحكومة الإلكترونية.