هاشتاغ_ إيفين دوبا
علم “هاشتاغ” أنه تمت مصادرة ما يقارب 400 طن من طحين “الزيرو” من مطحنة “الصابونة” الخاصة بحماة، مع كميات من السميد وأخرى كبيرة من النخالة.
من حيث المبدأ، يبدو الأمر طبيعياً حول الكمية التي تم إنتاجها، حسب ما يقول مصدر مطلع على القضية لـ”هاشتاغ”، إلا أن المشكلة تكمن في النوعية؛ حيث يتم التعاقد مع مطاحن خاصة لتأمين طحين تمويني أسمر.
أما الطحين “الزيرو” فيتم إنتاجه -كما يقول- لإنتاج الحلويات فقط، ويباع بشكل خاص، وفي حال تعاقدت المطحنة الخاصة الصابونة مع مؤسسات الدولة لإنتاج الطحين، فإنها تحصل على القمح من الدولة وتطحنه كطحين تمويني أسمر من أجل إنتاج الخبز.
والسؤال: لماذا تم طحنه كطحين زيرو وباعت منه تلك المطحنة ومن ثم صادرت الدولة 400 طن مخالف دفعة واحدة، ليتم فيما بعد إيداعها فرع السورية للتجارة بحماة؛ حيث سرق ما سرق منها، فيما تم إتلاف الباقي بعد إصابته بالحشرات؟!.
والسؤال الآخر الذي يطرح نفسه بعد معرفة مخالفة العديد من المطاحن الخاصة (سيتم تفصيلها ضمن تحقيقات قادمة)، ماذا عن مراقبة عمل المطاحن الخاصة “الصابونة” ، وخاصةً بعد التأكد من هدر مليارات الليرات جراء التعاقد معها، والتي تذهب في أغلب الأحيان إلى جيوب أصحاب المطاحن الخاصة، فيما تحرم منها خزينة الدولة؛ علماً أن المطاحن العامة يمكن أن تقوم بالمهمة نفسها “في حال رغبت برفع قدرتها الإنتاجية إلى الحدود اللازمة”، هذا عدا عن التلاعب بنسبة الرطوبة، ما يرفع الوزن، حيث تقدر مصادر خاصة لـ”هاشتاغ” الفرق بما يصل إلى خمسة ملايين للسيارة الواحدة عند وضعها على القبان.. وما أكثر السيارات”، إضافةً إلى استنزاف كبير للمال العام.
“في مرمى السرقة والمرض”!
تمت مصادرة الكمية المخالفة 400 طن من مطحنة “الصابونة”، وكان من المقرر أن تباع لفرع “السورية للتجارة” في حماة، لكن، حسب المعلومات التي وصلت إلى “هاشتاغ”، فقد تمت سرقة قسم من الطحين وقسم آخر تم تخزينه ليصاب فيما بعد بالحشرات، خسرت الدولة عليه ملايين الليرات من أجل إجراء الكشف الحشري بسبب إهماله والتقصير في الحفاظ عليه، ومن ثم تم إتلافه.
أما بالنسبة إلى بقية الكمية من النخالة، فقد علم “هاشتاغ” من مصادره أنه تم تصريفها إلى مؤسسة الأعلاف، ليبقى الطحين والسميد في “مرمى السرقة والاصابة بالحشرات”!.
“هاشتاغ” تواصل مع المدير الحالي للسورية للتجارة في حماة، خالد الفاضل، الذي قال إنه كان هناك مشكلة ما حول كمية من الطحين، في ذلك الوقت من “الصيف الماضي”، أي قبل تسلمه لمهامه، ولكنه لا يعرف كيف تم بيعها.
وأضاف الفاضل:” أعتقد أن هناك مراسلات بين الجهات المعنية بالموضوع وتم التصرف بها وفق القانون، كما تم بيع المادة وتسديد ثمنها وتحويلها كرصيد للوزارة”، وختم حديثه بعجلة :”أعتذر.. لا توجد لدي أي وثائق.. فأنا لم أكن موجوداً وقتها”.
السورية للتجارة.. والأمانة!
مدير تموين حماة رياض زيود، كان وقتها مديراً للسورية للتجارة في حماة
نفى من جانبه في تصريحات لهاشتاغ وجود 400 أو 500 طن تمت مصادرتها، وأكد أن ما جرى وقتها عبارة عن مصادرة “أطنان” من الطحين والسميد وتم وضعها في السورية للتجارة كـ”أمانة”، وما حصل أنه نتيجة الارتفاعات الحرارية أصيبت المادة بالحشرات و”قمنا بإبلاغ الجهات المعنية بكتب رسمية، كما وضعت المادة تحت تصرف القضاء ومن ثم تم بيعها بالسعر النظامي؛ حيث اجتمعت اللجنة وتم تحديد السعر وتم بيعها بناءً على موافقة صادرة من الإدارة العامة للسورية للتجارة” حسب كلام زيود.
وأشار زيود إلى تسديد قيمتها في المصرف الزراعي لصالح وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، مؤكداً أن الدولة لم تتكبد أي مبالغ على الكشوفات، “فالقصة واضحة بالعين المجردة ولا تحتاج إلى لجان تفتيش وكشوفات” حسبما قال.
ووعد زيود بإرسال الملفات الخاصة بتلك العمليات، ولكن دون “أن تصل” إلى هاشتاغ حتى الآن!.
مدير لا يعرف التفاصيل!
القصة التي تم كشف أوراقها بعد أيام قليلة من استلام زياد هزاع مهامه كمدير عام للسورية للتجارة خلفاً لأحمد نجم، لم يكن على علم بتفاصيلها كما قال، مشيراً في تصريح خاص لـ”هاشتاغ”، إلى أن الطحين الذي يتم طحنه في المطاحن الخاصة يباع للمطاحن الحكومية أو مؤسسة الأعلاف، وعدا ذلك فإنه يتم عمل مزاد للكميات المخالفة وتباع لمؤسسة الحبوب أو الأعلاف وليس للقطاع الخاص، كما وعد بالتقصي حول الموضوع، دون أن نحصل على إجابة منه حتى الآن.
المطلوب.. إعادة نظر!
في النهاية، ليس الهدف تسليط الضوء على مطحنة ما، وانما على عمل المطاحن الخاصة، وعمليات التلاعب التي تحصل فيها، والوقوف على التعاقدات التي تتم مع مؤسسات الدولة، فما يهم هو إعادة إدارة عمل المطاحن الحكومية بكامل طاقتها، خاصة بعد العلم أنه “بتغيير بسيط في الإدارة ومحاسبة قليلة للتقصير والإهمال” يمكن إعادة إنعاش بعض تلك المطاحن كما تؤكد مصادر في مؤسسة المطاحن.
وحسب المعلومات الواردة إلى “هاشتاغ” فقد قفز إنتاج مطحنة الكسوة اليومي إلى 400طن والغزلانية إلى 350 طن وتشرين إلى 250 طن والجولان التي كانت في طريقها للإغلاق النهائي بسبب تدميرها المتعمد وخلال عشرة أيام عادت لتنتج 220 طن باليوم.
وحسب المعلومات أيضا، فقد امتلأت مستودعات مطاحن دمشق بمخزون يتراوح ما بين ثلاثة إلى أربعة آلاف طن دقيق، واكتفت مخابز القطاع العام ذاتياً في دمشق وريف دمشق والقنيطرة والسويداء، وذهب الدقيق الملوث والملغوم من القطاع الخاص وصفقات الفساد الى غير رجعة.
وبعد تحسن الإنتاج لدى المطاحن العامة في قطاع فرع دمشق تم توفير 100 طن يومياً من الكميات الموزعة، والتي كانت تذهب كسرقات وتباع في السوق السوداء لصالح بعض التجار.
وبحساب بسيط يظهر حجم هذه السرقات، إذ أن توفير كمية 100 طن باليوم يساوي سعرها بيعها للمخابز الحكومية 7 مليون ل.س فيما سعرها في السوق السوداء 150 مليون ل.س، وهذا يعني سرقة قدرها 4 مليار ل.س شهريا.
بمعنى آخر، بات الاعتماد على المطاحن الحكومية “يكفي وزيادة” ولذلك تمت إعادة النظر في التعاقدات السابقة مع المطاحن الخاصة” الصابونة”.