يؤثر الدين العام كثيراً في مستوى النشاط الاقتصادي لأي بلد، فكلما ارتفع حجم المديونية (الداخلية والخارجية) كلما رتب ذلك على الاقتصاد أعباء أكثر من حيث قدرته على سدد الدين من حيث استنزاف الموارد المالية الوطنية لخدمة الدين.
وبالتالي فإن السيطرة على مستويات مديونية داخلية أو خارجية أو كليهما معا عند مستويات أقل بكثير من حجم الناتج المحلي الإجمالي إنما يعد أمراً صحياً بالنسبة للاقتصاد، أما في حال تجاوز حجم المديونية حجم الناتج المحلي الإجمالي فسيدخل الاقتصاد في دائرة الخطر حكماً.
من الانكماش إلى النمو
قبل أزمة جائحة كورونا، كان الاقتصاد الأردني يواجه صعوبات بسبب استمرار تباطؤ ديناميكيات النمو وبسبب التحديات الهيكلية فيه.
وفي الفترة بين عامي (2016 – 2019) بلغ متوسط نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي نحو (2%) الأمر الذي
لم يكن كافياً لخلق وظائف تستوعب قوة العمل الشابة في الأردن.
إلا أن الأردن بدأ تعافيه من صدمة جائحة كورونا في عام 2021 حيث بلغ معدل نمو إجمالي الناتج المحلي
الحقيقي (2.2%) في عام 2021 بعد انكماش بنسبة (1.6%) في عام 2020.
وعلى الرغم من ذلك فإن التحوُّل الاقتصادي في الأردن لا يزال مرهوناً بتحديد الفرص لزيادة التوجُّه الانفتاحي
للاقتصاد وتوجيهه نحو الاستغلال الأمثل لما يملكه من كفاءات داخلية.
ومن الضروري مواصلة التركيز على تنفيذ الإصلاحات لتعزيز النمو وخلق الوظائف بقيادة القطاع الخاص.
وقد أطلق الأردن في عام 2022 عملية لوضع رؤية اقتصادية تستهدف تشجيع النمو وخلق الفرص في
البلاد على مدى السنوات العشر المقبلة أو أكثر بالإضافة إلى خطة لتحديث القطاع العام.
المديونية حسب البنك الدولي
تشير بيانات البنك الدولي أنه في نهاية عام 2021، بلغ إجمالي الدين العام والمضمون من الحكومة في الأردن
أي ما نسبته (113.8%) من إجمالي الناتج المحلي فيما بلغ وصافي حيازات الدين من جانب صندوق استثمار
الضمان الاجتماعي (92%) من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي.
المديونية حسب “المالية الأردنية”
كشفت إحصاءات وزارة المالية الأردنية أن الدين الداخلي للأردن وصل نهاية مايو من عام 2022 إلى (19.4) مليار
دولار، فيما وصل الدين الخارجي إلى نحو (21.4) مليار دولار وبالتالي فإن مديونية الأردن تصل إلى قرابة (41)
مليار دولار وتشكل ما نسبته (110.6%) من الناتج المحلي الإجمالي.
توقعات “النقد الدولي” مغايرة
وفق تقرير المراجعة الرابعة لصندوق النقد الدولي فإنه من المتوقع أن يصل الدين الخارجي للأردن في العام
2022 إلى ما نسبته (42.3%) من الناتج المحلي الإجمالي.
ويصف التقرير ديون الأردن الخارجية بـ “المعتدلة”، مع توقع أن تسير الديون بشكل تنازلي نحو الهبوط خلال السنوات المقبلة.
وقيم تقرير “النقد الدولي” الدين العام للأردن على أنه “مستدام” وأن الدين العام الداخلي والخارجي بلغ ذروته
مع نهاية عام 2021، ووصل إلى ما نسبته (91.9%) من الناتج المحلي الإجمالي.
وتوقع “النقد الدولي” انخفاض هذه النسبة، ليصل مجمل الدين العام إلى أقل من (85%) من الناتج المحلي
الإجمالي، بحلول عام 2025، وأقل من (80%) بحلول عام 2027، وعلى الرغم من من ذلك فإن تلك الأرقام تشير إلى مديونية حادة للاقتصاد الأردني.
معارضة المديونية
يعارض الكثير من الخبراء الاقتصاديين والأكاديميين الأردنيين استمرار الاتجاهات الحالية للمديونية الداخلية
والخارجية في الأردن كونها قد تؤدي في المستقبل إلى تراجع النمو وانهيار الاقتصاد.
ويطالبون في الوقت نفسه بضبط نفقات المالية العامة وترشيد الإنفاق العام والاعتماد على مصادر تمويل
حقيقية داخل الاقتصاد أكثر من الاعتماد على مصادر الاقتراض الداخلي والخارجي.