هاشتاغ _ نور قاسم
درَجت في الآونة الأخيرة ظاهرة إعادة إنتاج مسلسلات غير عربية، وغالبا منسوخة عن أعمال تركية وكورية جنوبية، إذ يتم نسخ قصة المسلسل كما هي بكافة التفاصيل سواء الإخراجية أو الكتابية، وحتى الممثلين يجب عليهم تقليد طريقة تمثيل الشخصية التي سيؤديها .
وبالرغم من الانتقادات الكبيرة، لا يمكن نكران أن هذه الدراما “الدخيلة” لاقت ترحيباً كبيراً من قِبل متابعي هذا النوع من المسلسلات .
على سبيل المثال مسلسل “ستيليتو” الذي يجري عرضه حاليا، وبالرغم من وصوله إلى ما يقارب الخمسين حلقة إلا أنه ما يزال يحظى بالمتابعة والشعبية الكبيرة.
جمهور “نسائي” بالدرجة الأولى
“هاشتاغ” سأل العديد من المتابعين عن سبب إعجابهم بهذه النوعية من المسلسلات فكانت الإجابات تتفق بمعظمها على أن أصحابها “لم يعد لديهم رغبة بمشاهدة المسلسلات التي تعج بالمآسي والظلم، وأن هذه الدراما الجديدة جميلة، كما قالوا .
ويجتذب هذا النوع من الدراما جمهور الفتيات ما بين ال١٧ إلى ٢٥ عاماً، حيث تركز هذه الدراما على جمال الأزياء والموضة، فيشعرن بالسعادة لدى مشاهدتهن للممثلات يرتدين أجمل الأزياء، ويحلمن بأن يستطعن يوما ارتداء مثل هذه الموضة والحصول على حياة تشبه حياة نجوم العمل، وفق حديث بعضهن مع هاشتاغ .
مروة، واحدة من هؤلاء الفتيات اللواتي يتابعن مسلسل “ستيليتو”، قالت لـ”هاشتاغ” : لا أفهم سبب هذا الانتقاد والهجوم الكبير على مجرد “حكاية” !
وسخرت من المنتقدين بقولها: كُثُر بدأوا يحللون التأثيرات النفسية، بالرغم من أنه مجرد مسلسل مثله مثل “كساندرا” في التسعينيات الذي لاقى نجاحاً كبيراً حينها، وشاهده أكثر من 80 بالمئة من المجتمع السوري بشغف كبير ، ولم يؤثر سلباً حسب تعبيرها .
مشابهة لأحلام المشاهدين
الاستشارية والمدربة الشخصية والإدارية هزار قطاع قالت في حديث لـ”هاشتاغ” إن المسلسلات التركية والكورية تبدو مشابهة بأفكارها وأسلوب الطرح فيها للبيئة التي يحلم بها الأغلبية، وتأثيرها سوف يكون بخلق عزلة إرادية وواقع افتراضي شخصي لا يشبه الواقع الحقيقي سواء بصعوباته أو ميزاته ونقاطه الإيجابية، وتالياً سيسبب نوع من الصدمة للشخص عند معاينته لواقعه وتجاربه .
هروب من الواقع
خريجة علم النفس، نيرمين أحمد رأت أن الميل الكبير إلى هذه المسلسلات بمثابة الهروب من الواقع ، فالجمهور ملَّ من الدراما التي تتحدث عن الواقع بما فيه من معاناة، والناس اليوم بحاجة لرؤية أفلام وحكايات بعيدة عنهم لكي لا تؤلمهم. بحسب رأيها.
وقالت نيرمين إنه يجب على الكتّاب الابتعاد عن تناول واقع الحرب والألم، والعودة بالدراما السورية كما كانت سابقاً بحكايا اجتماعية جاذبة مثل “الفصول الأربعة” أو “مذكرات عائلة” وغيرها .
المشكلة.. في التسويق
المنتِج علاء مهنا قال في حديث ل”هاشتاغ” إن كتّاب الدراما السورية اليوم في خطر بسبب بدء التوجه للقوالب الجاهزة، والمشكلة الأساسية بعدم وجود تسويق للدراما السورية، فالمنتِج صاحب رأس المال سيفكر مطولا قبل إنتاج أي نص يُعرَض عليه، وقبل أن يخاطر بمئات الملايين.
ويضيف: من هذا المنطلَق أصبح كتّاب الدراما السوريين يفكرون اليوم بالقصص التي يرغبون بسردها؛ هل هي ضمن اهتمامات المنتِج أولا، وتاليا تأتي مرحلة الاهتمام بالإبداع، حسب تعبير مهنا .
ولفت مهنا إلى أن الدراما السورية ليست ضعيفة للاستعانة بقوالب جاهزة خارج إطار المجتمع السوري، وأنه لا يمكن إرغام الكتّاب على الكتابة لبيئة لا تشبه محيطهم.
وطرح مهنا مثالاً حول مسلسل (ستيليتو) الذي لا يشبه المجتمع التركي ، وإنما فانتازيا من نوع جديد .
وأشار إلى المسلسلات في الدراما السورية التي شكّلت قوة كبيرة، وانتشاراً واسعاً في الوطن العربي مثل “دقيقة صمت” ، “على صفيح ساخن” و “كسر عضم” نِتاج إبداع كتّاب الدراما السورية، وهذا يدل على وجود أفكار كتابية جميلة، أما القوالب الجاهزة فهي لمجتمع فقد رصيده من المبدعين، كما قال.
وبيّن المنتج الفني علاء مهنا أن الدراما المصرية تحترم مجتمعها وكتَّابها ولا يقتبس كتّابها أو يأخذون أي نصوص جاهزة من الدراما التركية أو غيرها لأنهم لا يعانون من مشاكل التسويق، فيوجد لديهم عشرات الأقنية التلفزيونية لشراء المسلسلات، في حين أن أبرز معضلة تعاني منها الدراما السورية هي “التسويق”، مما أدى للكتابة والإنتاج حسب السوق وليس الإبداع.
ويرى مهنا أن الحلول ليست في المتناول حالياً، لأنه يجب أولاً توفر عدد كبير من الشاشات السورية القادرة على شراء الأعمال التلفزيونية.
النجوم.. لا ينتقدونها
و كان بعض نجوم الدراما السورية، تجنبوا انتقاد هذا النوع الدخيل من دراما القوالب الجاهزة.
وفي لقاء تلفزيوني، توافق كل من المخرجة رشا شربتجي والممثل خالد القيش حول عدم إنكار وجود جمهور عريض وواسع لهذا النوع من الدراما والتي لا يمكن تجاهلها أو نقدها، وقالا إنه لا يوجد أي مشكلة بهذه الدراما الجديدة التي دخلت مؤخراً إلى الدراما السورية.