هاشتاغ- يسرى ديب
كما يحصل دائماً؛ مشروع جديد للاستثمار مع القطاع الخاص تحيطه السرية وعلامات الاستفهام.
المعلومات التي تسربت هي لاستثمار مؤسسة الخطوط الجوية السورية، حيث تغيب الكثير من التفاصيل التي يجب أن تكون شفافة ليطلع عليها الشعب الذي دفع الكثير مقابل تجهيز هذه المنشأة وغيرها من المنشآت التي استثمرت.
المشروع الجديد الذي وصفته مصادر مطلعة في وزارة النقل لهاشتاغ بأنه يشبه عملية الإملاء على المؤسسة التي هي آخر من يعلم بتفاصيله وشروطه، يقدم المطار للاستثمار لشركة تدعى “أيلوما” وهذا كل ما هو متاح عن الجهة التي تستثمر من الدولة.
ولكن هاشتاغ علم من مصادر خاصة أن وزارة النقل أحالت الموضوع إلى هيئة تخطيط الدولة لدراسة الجدوى الاقتصادية من المشروع ومن ثم سيقدم إلى مجلس التشاركية لاتخاذ القرار بشأنه من قبل الدولة.
وفي هذا السياق، ذكّر بعض العاملين في المؤسسة بالعرض الذي تم رفضه في عام 1995 والذي تقدم به رجل الأعمال صائب النحاس، حيث طرح حينها مبلغ571 مليون دولار، وهو مبلغ كبير بكل المقاييس.
كتب ومراسلات
في تفاصيل المراسلات التي حصل هاشتاغ على نسخة منها يأتي في العرض:
في 22 كانون الأول من عام 2022 أرسلت شركة “ايلوما” للمساهمة المغفلة (والتي لا يتوافر الكثير من المعلومات عنها)، عرضا إلى وزير النقل تبدي فيه رغبتها “باستثمار وإدارة” مؤسسة الطيران السورية.
مراسلات واجتماعات وتوضيحات أعقبت ذلك، وشكلت الوزارة لجنة برئاسة الوزير زهير خزيم لمتابعة الأمر الذي يبدو أنه يتجه ليصبح واقعاً بعد الاتفاق على التفاصيل، ومنها حصة كل من الطرفين، وحجم الاستثمارات المطروحة، وتقدير قيم تطوير البنية التحتية في المؤسسة.
تفاصيل العرض
شركة “ايلوما للاستثمار المساهمة المغفلة الخاصة” قالت إن “خطة التطوير والاستثمار المقترحة”، تتضمن ضخ استثمارات قدرها 300 مليون دولار خلال 20 عاما تُستثمر في شراء وصيانه الطائرات والمحركات وقطع التبديل والوصول بأسطول الطائرات إلى 20 طائرة، ورفع عدد الركاب إلى أكثر من 3 ملايين راكب سنويا.”
وبموجب مذكرة أرسلتها في 24 من الشهر الماضي، مذيلةً بتوقيع مديرها دون ذكر اسمه!، تقول الشركة إن العرض المقترح هو “استثمار وتطوير وإدارة وتشغيل” المؤسسة، وذلك عن طريق ضخ استثمارات لصيانة طائرات ومعدات وتجهيزات المؤسسة القابلة للصيانة وشراء طائرات ومعدات أرضية جديدة.. وغيرها.
أسماء مغفلة
وتوضح الشركة أن ذلك سيكون مقابل حصول المؤسسة على ما نسبته 20% إلى 25% من إجمالي الإيرادات “دون اقتطاع أي نفقة وستعاد كافة أصول المشروع إلى المؤسسة دون مقابل بعد نهاية مدة الاستثمار”. (المقدرة بـ 20 عاماً).
وتشير الشركة في كتابها الجوابي إلى أن حصة المؤسسة ستكون من الإيرادات الإجمالية للمشروع عند 20 %، خلال السنوات العشر الأولى، ترتفع إلى 25 % في السنوات العشر التالية.
ويرد في المذكرة التي أعدتها الشركة، وأحالها الوزير إلى اللجنة لدراستها، أن عرضها إنما هو “إبرام عقد لاستثمار وتطوير وإدارة وتشغيل المؤسسة، وليس نقل ملكية أو استحواذ على المؤسسة”.
ستعود الأصول وترتفع الأجور
وتتعهد الشركة بـ “المحافظة على جميع الكوادر البشرية الموجودة على ملاك المؤسسة وألا يتم تسريح أي موظف، كما سيتم رفع رواتب جميع جميع العاملين والكوادر البشرية الموجودين على ملاك المؤسسة دون أي استثناء”.
وتؤكد الشركة أنها ستقوم “بصرف جدول الرواتب المعتمد في المؤسسة مع إضافة 100% حداً أدنى من سلم الرواتب والأجور المعتمد في المؤسسة وباقي التعويضات كحوافز لكل الموظفين والعاملين في المؤسسة شهرياً”.
كما تتعهد الشركة بزيادة الحوافز حسب الخبرة وحاجة المشروع “لتصل إلى نسبة 400 ـ 500%، أو أكثر، مع التركيز على تحسين دخل الكوادر الفنية من فننين ومهندسين وطواقم القيادة (الركب الطائر)، حيث سيخصص لهم حوافز إضافية خاصة”.
مخاطر الاستثمار!!
تؤكد “ايلوما” أن المؤسسة لن تتحمل خلال فترة إدارة الشركة للمشروع أي أعباء أو أي نفقات أو أي مصاريف ناتجه عن عمليات التشغيل.
وتتحدث الشركة في كتابها عن “مخاطر الاستثمار” في سوريا، وعن واقع عدم ثبات سعر الصرف، وتقول إنها ستقوم “بضخ استثمارات بالقطع الأجنبي لصيانه طائرات ومعدات وتجهيزات المؤسسة القابلة للصيانة، وشراء طائرات ومعدات أرضية جديدة، فيما أن واقع الحال أن جزءاً كبيراً من الإيرادات ستكون بالليرة السورية ما يشكل مخاطر استثمارية علينا خوفا من التضخم واختلاف أسعار الصرف خلال مدة الاستثمار” على حد قولها.
رابحون
تقدمت مؤسسة الطيران السورية بمذكرة رفعتها إلى الجهات العليا مما جاء فيها أن “المؤسسة رابحة رغم محدودية الأسطول، وأنه في أعوام 2015-2020 تم تزويد المطار بطائرتين 320 من إيران سعر إحداها 18 مليون دولار، تم تسديده خلال 3 أشهر، وطائرتين أخريين 340. كما يؤكد المصدر في وزارة النقل.
وقال إن الربح الصافي الذي تحقق في عام 2021 وصل إلى 129 مليون دولار للشركة الناقلة لقاء نشاطها داخل سوريا دون حساب عوائد المحطات الخارجية.
مخالف للقانون
وأشار مصدر في “السورية للطيران” إلى أن عرض الاستثمار يخالف القانون، لأن المتقدم جهة واحدة، بينما تقتضى القوانين أن لا يقل العدد عن 3 جهات، ويجب أن يعاد الإعلان أكثر من مرة حتى يتحقق ذلك.
قلق وترقب
بعد التواصل مع عاملين في “السورية للطيران” تبين أن أكثر ما يثير قلقهم هو مصيرهم، رغم أن تفاصيل العقد تؤكد الحفاظ على العمال الموجودين في المؤسسة والذين يقدر عددهم بنحو 3 آلاف عامل.
ولم ينل موضوع الأجور كما هو في العقد رضى العمال، إذ إنه ينص على أن تكون الزيادة ضعف الراتب، وهذا يعني حسب هؤلاء أن الراتب لن يتجاوز 250 ألف ليرة بأحسن حالاته، ويضاف لذلك رفع نسبة التعويضات والحوافز ولكن لن يصل في أفضل حالاته إلى المليون ليرة.
استخفاف غير مقبول
الخبير الاقتصادي عامر شهدا وصف العرض بأنه لا يرتقي لمستوى أن يتقدم لتشاركيه مع حكومة، ولاستثمار بذلك الحجم.
وقال شهدا لهاشتاغ إن طريقة العرض وعدم وجود أسماء وتواقيع هو استخفاف غير مقبول، فعندما يأتي عرض للحكومة لاستثمار مطار فهذا استثمار مال عام، وهذا يخلق مسؤولية على الحكومة لجهة أن تعرض على الشعب دراسة الجدوى الاقتصادية التي أجراها العارض والحكومة، لأنه لا يحق لهم التصرف فيه.
كما أن الموضوع الأمني والقانوني مبهم وغير مفهوم في موضوع التشاركية.، وفقا للخبير شهدا.
شكوك
وأشار شهدا إلى أن أساس التشاركية هو الشفافية، أما أن تقوم حكومة بمشروع بعيد عن التشاركية والشفافية وبشكل سري فهذا غير مقبول. ويجعل المواطن بمكان مليء بالشكوك.
أول ما يثير الشكوك، كما يقول شهدا، هو أين الإعلان عن ذلك الاستثمار، وهل تم إعلام المكاتب الاقتصادية بالسفارات حوله، لاستقدام استثمارات خارجية؟
يعزز الاحتكار
ولفت شهدا إلى أن هذا الأسلوب في طرح التشاركية بغياب الإعلان وغياب دفتر شروط يعزز الاحتكار والاستفراد في السوق، لأن معظم الاستثمارات التي تطرحها الحكومة، مخصصة لرجال أعمال في سوريا، وهؤلاء يحاربون مشاركة أحد من الخارج.
وتساءل: كيف يتم هذا الاستثمار دون الإعلان عن ذلك في وسائل الإعلام، ومتى أعلنت الحكومة عن طرحه للتشاركية في الصحف أو التلفزيون؟
ويضيف أن هناك ما يدعو للريبة، وعلى مجلس الشعب أن يقوم بمسؤولياته تجاه الموضوع، فهذا مال للشعب الذي تحمل أعباء بناء وتجهيز كل ما في البلاد ومنها المطارات والطائرات.
ويختتم بأن التشاركية بين الحكومة والقطاع الخاص يجب أن لا تكون فردية وإنما مجتمعيه، من خلال تفعيل القانون ١١ الخاص بالشركات العامة المساهمة المغفلة.