كشفت مصادر سورية مطلعة، عن اتفاق بين الأمن العام السوري والقوات الروسية في قاعدة “حميميم”، يسمح للأخيرة بتسيير دوريات في القرى الساحلية الواقعة بين مدينتي اللاذقية وطرطوس، وأيضا في المناطق ذات الغالبية “العلوية” في محافظتي حمص وحماة الواقعتين وسط سوريا.
وقالت المصادر لـ”إرم نيوز” إن قرار تسيير الدوريات الروسية جاء بالتفاهم مع الحكومة المؤقتة في دمشق، وذلك على خلفية المجازر التي شهدها الساحل السوري في السابع والثامن من آذار/مارس.
وذكرت المصادر أن بعض الفصائل التابعة لوزارة الدفاع السورية، أخلت مواقعها وثكناتها في المناطق الريفية التي اتخذتها بشكل مؤقت، لتتجمع على حواجز ثابتة مع رفع السواتر الترابية عند كل حاجز، وذلك بالتزامن مع الأحاديث عن بدء تسيير دوريات روسية.
يأتي ذلك في وقت قالت فيه مصادر أهلية وإعلامية سورية، إن دورية تابعة للجيش الروسي خرجت لأول مرة منذ سقوط نظام الأسد، من أماكن تمركزها في قاعدة “حميميم”، ويتجول عناصرها بين السكان المحليين في اللاذقية، وقد شوهدوا في منطقة الزراعة الحيوية قرب جامعة تشرين (اللاذقية) الحكومية.
وكانت مصادر من داخل قاعدة “حميميم” قد كشفت للموقع الإخباري المذكور، أن ضباطا روسا اجتمعوا مؤخرا مع اللاجئين الهاربين من القرى والمناطق “العلوية”، وأكدوا لهم أن الحماية الروسية للساحل السوري ستصبح أمرا واقعا خلال الشهرين القادمين.
وقالت المصادر داخل القاعدة، إن الضباط الروس أبلغوا اللاجئين من سكان بعض المناطق في جبلة وريفها ( الرميلة والعسالية وحميميم والقرى المجاورة لها) أن بإمكانهم المغادرة إلى منازلهم إن رغبوا وبضمانة الروس، بعد اتفاق مع الأمن العام على عدم التعرض لهم أو الاقتراب من منازلهم.
وذكرت المصادر أن الروس طلبوا بالمقابل ممن حُرقت أو نُهبت منازلهم أو أراضيهم وأرزاقهم، وهؤلاء يبلغ عددهم حوالي ألفي شخص، البقاء في القاعدة حتى إيجاد حلول لهم إما باللجوء إلى موسكو لمن يرغب، أو بإعادة إعمار منازلهم في الفترة القادمة.
وأكد الضباط الروس للمدنيين اللاجئين أن مطلبهم بالحماية سيتحقق خلال شهرين، وأن الحماية الروسية قادمة إلى الساحل السوري، حيث ستتولى دوريات عسكرية روسية حماية المدنيين في الساحل، وإنهاء أي شكل من أشكال العنف.
بالتزامن مع ذلك، أصدرت لجنة تنسيق الساحل السوري، وتضم المقيمين في “حميميم” القاعدة العسكرية الروسية، بيانا تضمّن مطالب وشروط اللاجئين للخروج من القاعدة والعودة إلى بيوتهم، وقد سُلم البيان للجانب الروسي.
وبحسب ما جاء في البيان فإن اللجنة التنسيقية “اجتمعت بعد سلسلة من اللقاءات والمشاورات مع طيف واسع من أبناء الساحل السوري في الداخل والخارج، وبحثت التطورات المؤسفة التي أعقبت سقوط النظام السابق”.
وقالت اللجنة في بيانها إنه “رغم التفاؤل الكبير الذي أبداه أبناء الساحل السوري وخصوصا العلويين منهم في بداية المرحلة الانتقالية، وما أبدوه من استعدادهم للمشاركة الفاعلة في عملية بناء وتعافي الدولة، إلا أن الواقع الميداني كشف عن ممارسات خطيرة ومقلقة، تهدد وحدة المجتمع السوري، وتضرب السلم الأهلي في عمقه”.
وطالب بيان لجنة التنسيق، بتشكيل لجنة وطنية للمصالحة برعاية الأمم المتحدة، تضم شخصيات مدنية، دينية، واجتماعية من مختلف المناطق والمكونات السورية، شرط أن تكون مقبولة من قبل لجنة التنسيق في الساحل السوري.
وتتولى هذه اللجنة مهمة التواصل مع لجنة تحقيق دولية للإشراف على تحقيق شفاف ومستقل في المجازر التي ارتُكبت بحق المدنيين، خصوصا الأطفال والنساء، والكشف عن المتورطين فيها، وأيضا كشف مصير المختطفين، والعمل على إعادتهم إلى ذويهم، وضمان وقف الاعتقالات التعسفية، وإطلاق سراح الأبرياء، وتعويض المتضررين ماديا ومعنويا.
كما دعا البيان إلى إعادة تأهيل المناطق المنكوبة في الساحل السوري، وتهيئة الظروف المناسبة لعودة الأهالي بشكل آمن وكريم، ووضع إطار وطني للعدالة الانتقالية، يضمن عدم الإفلات من العقاب، ويؤسس لمجتمع سوري جديد قائم على حقوق الإنسان، والمساواة في المواطنة.
ويخلص البيان الصادر عن لجنة التنسيق في الساحل السوري إلى المطالبة بضمان حقوق العسكريين (غير المتورطين بسفك الدماء)، كاملة بمختلف رتبهم من التعويضات والمرتبات الشهرية والتعاقدية، وسحب الفصائل المسلحة الأجنبية من الساحل السوري، والعمل تدريجيا على مشاركة أهل الساحل بحماية مناطقهم وأهاليهم.