الخميس, ديسمبر 12, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةأخبارمصالحة إقليمية..

مصالحة إقليمية..

هاشتاغ-رأي-مازن بلال

تعمل تركيا لتصحيح مسار عودة علاقاتها مع سوريا وفق آلية تعود إلى ما قبل 2011، وبصرف النظر عن أي نتائج لهذا المسار لكنه ينطلق أساسا من بعد إقليمي لا يستند فقط لرغبة موسكو في هذه المصالحة، إنما لطبيعة التحولات التي يشهدها الخليج العربي، إذ يذهب لتشكيل مساحة اقتصادية قادرة على رسم ملامح لسياسات مستقلة، فرغبة أنقرة تنطلق من التصور الذي يحاول رسم استقلالية سياسية عبر أبعاد اقتصادية وثقافية بالدرجة الأولى.
ما حدث في السنوات العشر الماضية، وتحديدا منذ قررت السعودية الانكفاء عن تأدية دور في الحرب السورية، هو إعادة تشكيل للبعد الاقتصادي لدول الخليج جعلها مساحة بعيدة عن أزمات الشرق الأوسط كلها، في وقت بدأت دول المتوسط وابتداء من لبنان بالدخول في حالة اختناق اقتصادي، فالطريق الذي كانت طهران تريد عبره النفاذ إلى المتوسط أصبح منهكا وخلق حاجزا سياسيا بين تركيا ومنطقة “الازدهار الاقتصادي” في الخليج.
هذه الحالة لم ترهق تركيا اقتصاديا فقط، بل جعلتها محاصرة بأزمات كان من المفترض أن تنتهي مع تنفيذ سياسات الخليج في سوريا، وقطع الطريق أمام إيران باتجاه سواحل المتوسط؛ ما حدث هو استقدام قوى إضافية روسية أو أمريكية ليصبح الجوار التركي مساحة صراع دولي، وهذا جعل القوة الإقليمية التركية في موقع حرج، وهدد أيضا حزب العدالة والتنمية الذي تآكلت قوته على الرغم من أنه ما زال يمتلك قاعدة قوية، والعودة إلى نقطة البدء في الأزمة الإقليمية لا تبدو خيارا تركيا فقط إنما محاولة لرسم ارتباط بين منطقتي “الازدهار، والتوتر”.
بهذه الصورة فإن أنقرة تحاول إعادة تصحيح مسار إقليمي تستعيد فيه دورها، ويبدو أنها في سباق مع نتائج حرب غزة التي من المفترض أن تعيد تموضع “إسرائيل” في المنطقة، وعلى الرغم من أن تركيا لا تحاول الدخول في منافسة مع “إسرائيل” لكنها تحاول الدخول شريكا للوسطاء في إنهاء الحرب، ولكن عبر مسار موازٍ يسعى للمساعدة في إنهاء التوتر، والقضايا المعقدة جميعها نتيجة الاعتداء “الإسرائيلي” على غزة لها ما يقابلها على الجبهة التركية – السورية، ابتداء من الواقع في إدلب وانتهاء بمشكلات “الإدارة الذاتية” للأكراد في شمال شرقي سوريا.
وفق هذه الصورة فإن تركيا لا “تحاول” الدخول في مصالحة مع سوريا، بل ترسم استراتيجية لنفسها ضمن بعد إقليمي عام، وعلى الرغم من أن هذا الخط لأنقرة لم يتضح بعد، وما زالت نتائجه مرهونة بضغوطات دولية، وربما برغبة واشنطن في تقييد التحرك التركي القائم بالدرجة الأولى على مبادرة روسية لإنهاء الأزمة بين أنقرة ودمشق، ولكن في الوقت نفسه فإن الإنهاك طوال عقد ونصف سيفرض حضوره أيضا في دفع دول الإقليم لإيجاد حول مرتبطة بملفات اللاجئين والإرهاب والانهيار الاقتصادي.
في إغلاق الملفات الإقليمية الحالية شكل مختلف عن أي مبادرات سابقة، لأنه ينطلق من حاجة استراتيجية ليست تركية فقط بل تخص دول المنطقة كلها بما فيها الخليج الذي يحتاج إلى ضمان أمن شماله الجغرافي، وسلامة الممرات البحرية أيضا.
مقالات ذات صلة