انطلقت اليوم في العاصمة السعودية الرياض، أولى جلسات التحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين، وهو التحالف المعنيّ بترجمة هدف إنشاء دولة فلسطينية “تعيش بسلام إلى جانب إسرائيل”، وفق ما أعلنه وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، في نهاية أيلول/سبتمبر 2024.
واشترط وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في كلمته الافتتاحية إقامة الدولة الفلسطينية للمضي قدما في قضية التطبيع مع “إسرائيل”، مشيرا إلى أن دولا كبيرة عدة بدأت بالاعتراف بالدولة الفلسطينية وأن المساعي جارية للاستمرار باعتراف باقي الدول.
وبيّن بن فرحان أن اجتماع التحالف الدولي لدعم حل الدولتين خطوة أولى ضمن عدة خطوات بمشاركة 90 دولة، وستسعى المملكة من خلاله إلى “تجييش” الرأي العام الدولي ضد ممارسات إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني.
وطالب الوزير السعودي بالوقف الفوري لإطلاق النار في غزة، وأن يعمل المجتمع الدولي بشكل جماعي لتحقيق السلام في المنطقة، واصفاً الوضع في غزة بـ”المأساوي والكارثي بسبب الحصار الإسرائيلي”.
وفي السياق، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني إن قطاع غزة “تعرض للتدمير بشكل ممنهج”، ودعا “إسرائيل” إلى التراجع عن قرار حظر الوكالة.
وأكد لازاريني أن الهجوم على “الأونروا”، “مدفوع بأسباب سياسية تهدف للتخلص من اللاجئين الفلسطينيين”.
تعزيز دور السعودية في قيادة المنطقة
يرى الباحث في الشؤون الاستراتيجية والأمنية فواز كاسب العنزي، أن احتضان الرياض لأول اجتماع للتحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين “يعكس تحولا في ديناميكيات السياسة الدولية ودور المملكة العربية السعودية في قيادة جهود السلام الإقليمية”، بحسب ما أورده موقع “بي بي سي”.
ولم تعلن روسيا والصين مشاركتهما في الاجتماع، رغم دورهما في الملف الفلسطيني إذ استضافت موسكو وبكين مؤخرا اجتماعات “لتقريب وجهات النظر بين الفصائل الفلسطينية”.
وأشار العنزي، إلى أن “السعودية تلعب دور الوسيط والمحفّز للسلام في المنطقة، وهي تتحرك لتعزيز دورها كقائد دبلوماسي في القضايا الإقليمية الكبرى، مما يعكس رغبتها في أن تكون قوة فعالة للتغيير الإيجابي، بما يتوافق مع تطلعاتها الداخلية ضمن رؤية 2030”.
وعلّق العنزي على غياب الولايات المتحدة عن الاجتماع قائلاً: “غياب الولايات المتحدة لا يعني بالضرورة فشل التحالف، بل يمكن أن يكون فرصة للدول الأوروبية والإقليمية لتعزيز مكانتها وبناء تحالفات استراتيجية مع السعودية التي تراهن على تحقيق التوازن في القوى من خلال تحالفات جديدة وفعالة، مما يعكس مرونة استراتيجيتها الواقعية في التكيف مع التحولات الدولية”.
وكان ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، قد ترأس جلسة لمجلس الوزراء السعودي، الثلاثاء، جاء فيها “نتطلع إلى أن يتوصل أول اجتماع رفيع المستوى للتحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين الذي يعقد بالرياض، إلى خطوات عملية لدعم الجهود الأممية ومساعي السلام، ووضع جدول زمني لتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة وإنهاء الاحتلال”.
وحول حجم المشاركة في الاجتماع، أوضح العنزي أنه “يحمل دلالات سياسية قوية، ويعكس هذا الاهتمام الدولي رغبة الدول في التحالف مع السعودية، لما تتمتع به من قوة اقتصادية وسياسية تمكنها من تحقيق توازن قوى جديد في المنطقة، وهو ما تراهن عليه لإنجاح الاجتماع”.
وبحسب العنزي، “السعودية تراهن على إقامة شبكة تحالفات متوازنة تُمكنها من توجيه الأجندة الإقليمية بما يخدم أهداف الاستقرار والسلام، وهو ما يتماشى مع فهم النظرية الواقعية لطبيعة العلاقات بين الدول التي تركز على تحقيق الأمن القومي والمصالح الذاتية”.
من جهته، قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إن إطلاق التحالف العالمي هو بمثابة فرصة لكل الدول للمشاركة لإنهاء الحرب في غزة، والعمل على تحرير الرهائن، وفك الحصار عن غزة، والسعي إلى حل الدولتين، مشيرا إلى “ضرورة تحويل الأقوال إلى أفعال”.
وأكد بوريل أنه بعد اجتماع الرياض، ستعقد لجان التحالف اجتماعاً في بروكسل والقاهرة وعمّان وإسطنبول وأيضا في العاصمة النرويجية أوسلو للبحث حول الأوضاع في غزة من أجل تنفيذ حل الدولتين.
ويقول أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جورج تاون، إدموند غريب، إنه في حال تحقيق ذلك “فإن الهدوء سينعكس على المنطقة ككل، وسيمنع التصعيد في العلاقة الإسرائيلية الإيرانية، وأيضا فيما يتعلق باليمن والحوثيين في منطقة البحر الأحمر”.
ولم تُبدي “إسرائيل” أي موقف رسمي حول اجتماع الرياض المعني حول تنفيذ حل الدولتين.
المحاضر في مركز الدبلوماسية العامة في إسرائيل، جولان برهوم، زعم وجود رغبة لدى “إسرائيل” في التطبيع مع السعودية، مع تفهم “إسرائيل”، “لالتزام المملكة بالملف الفلسطيني”.