تترقب دولة الإمارات زيادة نشاط التجارة والأعمال والانفتاح، بعد الخروج من “القائمة الرمادية” التابعة لـ”مجموعة العمل المالي” (فاتف)، وفق تصريحات وزير الاقتصاد عبدالله المري، اليوم الاثنين.
وقال المري إن الدولة طالما ركزت على بناء القدرات وتطوير الكفاءات، والتأكد من عمل الحكومة بأكملها بشكل متضافر للخروج من القائمة.
كما أشار إلى أن الدولة تعتزم زيادة طلبات المساعدة القانونية المتبادلة، وأنها وقعت 45 طلبا حتى الآن.
وتوقع أن يكون نمو الناتج المحلي الإجمالي بين 4% و5% خلال العام الجاري، لكنه يعتقد مواجهة بعض التحديات، وإن كانت ضئيلة.
وأشار إلى تزايد قوة الدرهم الإماراتي بفضل ربطه بالدولار الأميركي.
كما لفت المري أيضا إلى أن الدولة تستهدف تواجد مليون شركة خلال الأعوام السبعة المقبلة، وأنها تسعى إلى زيادة المعروض العقاري في السوق خلال السنوات المقبلة.
تقدم كبير
وقامت “مجموعة العمل المالي” (فاتف)، يوم الجمعة، برفع دولة الإمارات من “القائمة الرمادية” للدول والأقاليم التي تتطلب مزيدا من التدقيق.
ويأتي ذلك في أعقاب الجهود الحثيثة التي تبذلها دولة الإمارات لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وأجرى مقيمون من فريق العمل المعني بالإجراءات المالية ومقره باريس زيارة ميدانية الشهر الماضي.
وأشارت التعليقات اللاحقة على خطة لإزالة الإمارات من “القائمة الرمادية”، بعد التقدم الكبير الذي أحرزته الدولة في مجال مكافحة غسيل الأموال وفرض عقوبات على المؤسسات المالية التي لا تلتزم بمعايير الشفافية المالية.
وقالت “فاتف”، المعنية بمراقبة الجرائم الدولية في بيان، الجمعة، إن دولة الإمارات العربية المتحدة لم تعد خاضعة لعملية المراقبة المتزايدة التي تقوم بها المجموعة.
ورحبت بالتقدم الكبير الذي أحرزته البلاد في تحسين نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وأشارت إلى الخطوات التي اتخذتها الإمارات لتعزيز فعالية نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب للوفاء بالالتزامات الواردة في خطة عملها فيما يتعلق بأوجه القصور الاستراتيجية التي حددتها “مجموعة العمل المالي” في شباط/فبراير 2022.
وتم إعلان خروج الإمارات من القائمة في اليوم الأخير للاجتماع العام لمجموعة العمل المالي في العاصمة الفرنسية باريس.
وتتضمن التدابير المتخذة من دولة الإمارات زيادة التحقيقات المالية، والملاحقات القضائية، وتعزيز التعاون الدولي والمواءمة بين لوائح الأصول الافتراضية والمعايير الدولية.
ما هي مجموعة العمل المالي “فاتف”؟
هي منظمة حكومية دولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وتتمثل مهامها بوضع المعايير الدولية التي تهدف إلى منع الأنشطة غير المشروعة والأضرار التي قد تلحق بالمجتمع.
وقد وضعت مجموعة العمل المالي سلسلة من التوصيات التي تعتبر بمثابة المعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل.
كما أنها تشكل الأساس لاستجابة عالمية منسقة لمنع الجريمة المنظمة والفساد والإرهاب.
وتعمل المجموعة على وقف تمويل أسلحة الدمار الشامل.
كما تقوم مجموعة العمل المالي بمراقبة التقدم الذي تحرزه الدول الأعضاء في تنفيذ التدابير اللازمة للمكافحة، وتقوم بمراجعة وسائل غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتدابير وتقنيات مكافحتها، وتشجع على اعتماد وتنفيذ التدابير المناسبة على الصعيد العالمي بالتعاون مع الجهات الدولية الأخرى المعنية بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
التحسن السريع
يذكر أنه من شأن رفع الإمارات من القائمة إعطاء إشارة إلى التحسن السريع الذي حققته الدولة منذ عامين.
وأشار تحقيق نشرته “بلومبيرغ” حينها إلى مكانة دبي باعتبارها وجهة لعدد من أغنى أثرياء العالم المنفيين.
فبعد حرب أوكرانيا، أصبحت الإمارات واحدة من 3 دول في الشرق الأوسط، التي جذبت بقوة الأثرياء الروس.
وقد ساعد ذلك في تجنب الدولة الخليجية الآثار الاقتصادية المشابهة لتلك التي حدثت في بعض الدول الأخرى المُدرجة على القائمة الرمادية.
وعملت البنوك الإماراتية على تشديد التدقيق في معاملات مواطنين من عدة جنسيات، من بينهم الروس، وذلك ضمن الجهود التي بذلتها الحكومة بهدف الرفع من القائمة.
كما شددت الرقابة على تحويلات الأموال، سواء كانت من شركات تعيد الأموال إلى روسيا أو تنقلها إلى دولة ثالثة، وفق ما كشفته “بلومبيرغ” في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
وقد طالبت بعض البنوك بمزيد من المستندات، وجمدت الأموال في بعض الأحيان، في إطار بحثها عن أسباب التحويلات أو استفسارها عن مصدر تلك الأموال.
وقالت الحكومة إنها فرضت غرامات مرتبطة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بلغت نحو 250 مليون درهم “69 مليون دولار” خلال الفترة ما بين شهري كانون الثاني/يناير وتشرين الأول/أكتوبر 2023، ويمثل هذا المبلغ زيادة بأكثر من 3 أضعاف الغرامات المفروضة في العام السابق.
تقييم يتطلب وقتا
يذكر أن المجتمع الدولي قد لا يُعيد فورا تقييم طريقة تعامله مع الإمارات، فمن المتوقع أن تستغرق المؤسسات الأجنبية وقتا لتحديث إجراءاتها ضد غسل الأموال وتمويل وتمويل الإرهاب، ما قد يعني تأخير الاستفادة الكاملة من رفع اسم البلد من القائمة لفترة.
ومن المفترض أن يلاقي رفع الإمارات من القائمة الرمادية ترحيبا من البنوك الأميركية بالأخص، حيث يقوم عدد منها بعمليات كبيرة داخل الدولة، لا سيما أن تلك البنوك قد عانت في ظل زيادة تكاليف الامتثال من الإدراج على القائمة الرمادية، ما اضطر بعضها إلى إسناد مزيد من المهام إلى الهند.