رصدت صحيفة “وول ستريت جورنال” في تقرير مطول ظاهرة تزايد مقاطعة إسرائيل في مجالات متعددة تشمل الأكاديمية والاقتصادية والعسكرية والثقافية، خصوصاً بعد الحرب الأخيرة في غزة.
وأشار التقرير إلى أن الحملات المؤيدة للفلسطينيين كانت قد حظيت بدعم محدود في السابق، إلا أن الحرب في غزة قد زادت من الدعم لعزل “إسرائيل” وتوسيع نطاق المقاطعة إلى ما هو أبعد من الجهد العسكري الإسرائيلي.
التقرير نوه إلى أن تزايد المقاطعة يمكن أن يؤثر سلباً على عدة قطاعات، مما قد يضر بالأعمال التجارية ويثقل كاهل الاقتصاد الإسرائيلي.
“إسرائيل” التي يبلغ عدد سكانها نحو تسعة ملايين نسمة، تعتمد بشكل كبير على التعاون الدولي والدعم في مجالات الدفاع والتجارة والبحث العلمي.
التعليم
على سبيل المثال، قامت لجنة الأخلاقيات في جامعة غينت في بلجيكا في أواخر مايو بالتوصية بإنهاء التعاون البحثي مع المؤسسات الإسرائيلية.
هذا القرار جاء كمفاجأة لعالم الأحياء الحاسوبية الإسرائيلي، إران سيغال، الذي يتعاون مختبره في معهد وايزمان للعلوم مع جامعة غينت في أبحاث متعلقة بالعوامل المسببة للسمنة.
برغم أن قطاع التعليم لم يشهد تأثيراً كبيراً من حركات المقاطعة العالمية حتى بعد أشهر من بدء الحرب، إلا أن لجنة غينت أشارت إلى أن التعاون البحثي للجامعة يشمل مجالات حيوية مثل مرض التوحد ومرض الزهايمر وتنقية المياه والزراعة المستدامة.
إلا أن اللجنة بررت موقفها بأن المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية تطور تكنولوجيا لأجهزة الأمن تُستخدم لاحقاً في انتهاكات حقوق الإنسان، وتوفر التدريب للجنود وعناصر أجهزة الأمن الذين يسيئون استخدام هذه المعرفة في انتهاكات حقوق الإنسان.
إران سيغال عبّر عن قلقه الشديد من هذا القرار، مشيراً إلى أن هذا التطور قد يكون له تأثير سلبي كبير على قدرة مختبره على إجراء البحوث العلمية الأكاديمية.
اللجنة البلجيكية دعت أيضاً إلى تعليق مشاركة “إسرائيل” في برامج البحث والتعليم في جميع أنحاء أوروبا، والتي تعتمد غالباً على تمويل الاتحاد الأوروبي.
وقد تشكل استجابة الشركاء الأوروبيين لهذه الدعوة ضربة كبيرة لقدرة إسرائيل على مواصلة أبحاثها العلمية.
حملات سياسية وقانونية
رئيس قسم القانون الدولي السابق في الجيش الإسرائيلي، إران شامير بورير، أكد أن الحملات السياسية والقانونية الجديدة ضد إسرائيل غير مسبوقة.
هذه الحملات تشمل تحركات ضد “إسرائيل” وزعمائها في محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية.
شامير بورير أشار إلى أن تحول “إسرائيل” إلى دولة منبوذة يمكن أن ينعكس سلباً على الاستثمارات الأجنبية والتعاون العلمي مع المؤسسات الإسرائيلية.
إلى جانب ذلك، بدأت بعض الجامعات الأوروبية في تقييد مشاركة الإسرائيليين في التعاون العلمي والمؤسسات الثقافية ومعارض الدفاع.
إلغاء المشاركة بمعرض دفاعي
القطاع الدفاعي في “إسرائيل” تأثر أيضاً بهذه المقاطعة. فعلى سبيل المثال، ألغت تشيلي وفرنسا مشاركة الشركات الإسرائيلية في معارض دفاعية كبيرة في آذار/ مارس وحزيران/ يونيو على التوالي.
هذا المنع جاء بعد تحقيق “إسرائيل” لمبيعات دفاعية قياسية بلغت 13 مليار دولار في عام 2023.
في حزيران/ يونيو، طلبت فرنسا من “إسرائيل” سحب مشاركتها في معرض “Eurosatory” للأسلحة الدفاعية بسبب الحرب الدائرة في قطاع غزة.
وبررت وزارة الدفاع الفرنسية هذا القرار بعدم توافر الشروط لاستضافة شركات إسرائيلية في المعرض، بينما كانت الضغوط الدولية تتزايد على “إسرائيل” لوقف عملياتها العسكرية في رفح.
تزايدت الانتقادات الدولية لـ “إسرائيل” خلال الأشهر الماضية بسبب سلوكها في حرب غزة، حيث بدأت بعض الدول الأوروبية مثل إسبانيا والنرويج وإيرلندا بالاعتراف بدولة فلسطينية.
هذا التطور قد يدفع دولاً أوروبية أخرى لاتخاذ خطوات مماثلة.
الاقتصاد
العلاقات الاقتصادية بين “إسرائيل” وبعض الدول تأثرت أيضاً، فقد فرض الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، مقاطعة على تصدير البضائع والمواد الخام إلى “إسرائيل”.
ورد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، بإعلان إلغاء اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا وفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على الواردات التركية.
كما اتخذت وزارة الخارجية الإسرائيلية إجراءات أخرى للرد على قرار إردوغان، من بينها تقليص العلاقات الاقتصادية بين تركيا والسلطة الفلسطينية وغزة.
تحركات سابقة
حركة مقاطعة “إسرائيل” وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS)، التي تشكلت عام 2005، دعت لسنوات إلى استخدام الضغوط الدولية لتعزيز أهدافها مثل إنشاء دولة فلسطينية مستقلة وعودة اللاجئين الفلسطينيين.
وقد زادت الحرب في غزة من زخم هذه الحركة، حيث شهدت دول عديدة مظاهرات حاشدة منددة بالمجازر الإسرائيلية. قادة حركة BDS أكدوا على أهمية عزل الشركات والمؤسسات الإسرائيلية لجعل “إسرائيل” تجد صعوبة أكبر في قمع الفلسطينيين.
مقاطعة ثقافية
التعاون الثقافي الإسرائيلي تضرر أيضاً، حيث وقع أكثر من 1000 فنان اسكندنافي على عريضة لمنع “إسرائيل” من المشاركة في مسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن).
وبالرغم من ذلك، مثّلت المغنية إيدن جولان “إسرائيل” في النهائي وحصلت على المركز الخامس، في حين رفض بعض الفنانين ترجمة كتبهم إلى العبرية وبيعها في “إسرائيل”.