الجمعة, ديسمبر 13, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةسوريامن ضرب بقرار "البعث" عرض الحائط: متخلف عن خدمة العلم يُعيّن مسؤولاً...

من ضرب بقرار “البعث” عرض الحائط: متخلف عن خدمة العلم يُعيّن مسؤولاً باتحاد الطلبة.. وآخرون حرموا من الترشح بسبب تهرب أبنائهم من الخدمة!

هاشتاغ – خاص
لعل أكثر ما يخرّب البلدان ويدمرها في السلم والحرب أن تُسن القوانين كي يتم اختراقها وتفريغها من محتواها عبر الاستثناءات، أو أن تصدر القرارات والتعاميم ليتم تطبيقها بشكل انتقائي، وعلى بعض الناس دون بعضهم الآخر!
الأمثلة كثيرة في سورية، ليس الآن أو منذ بداية الحرب التي أصبحت مشجباً تعلق عليه كل المخالفات والتجاوزات و”السمسرات”، بل إلى عقود خلت، إذ لطالما كان هناك من هم فوق القانون أو من هم أكبر من القرارات .
لكن ما يدعو للعجب، أن يكون صاحب القرار هو من يخرق قراره عبر منح استثناء هنا أو توصية هناك لمقربين أو من تربطه بهم مصلحة من نوع ما، وما يزيد الأمر غرابةً وعجباً أن يكون هذا المسؤول حزبياً بعثياً، يفترض به أن يكون قدوة لغيره من المسؤولين.
ولطالما كرر الرئيس بشار الأسد في أحاديثه وخطاباته الحديث عن موضوع الاستثناءات وضرورة ضبطها كجزء من مكافحة الفساد. وتحدث بإسهاب عن الأمر خلال ترأسه اجتماعاً للحكومة الجديدة بعد أدائها لليمين الدستورية، معتبراً أن النقطة الأهم بالنسبة للقوانين هي موضوع الاستثناءات.
وقال الرئيس الأسد إن ثمة قوانين أساسية تمس المواطن بشكل مباشر لا بد من أن نبدأ بها ونضع ضوابط ومعايير لهذه الاستثناءات والجوازات، وبالتالي يصبح هذا الجزء أو هذه الثغرة تصبح مقوننة، ولكن عادلة وتسمح لكل الأشخاص الذين يحق لهم هذا الاستثناء بأن يحصلوا عليه، ولا تسمح بالوقت نفسه لكل شخص يريد أن يمارس الفساد من المسؤولين بأن يستخدم هذه الفقرات من أجل مصالحه الخاصة.
ويبدو أن بعض المسؤولين لم يفهموا من هذا الحديث سوى ما يوافق أهواءهم، فاستمروا في منح الاستثناءات لمن لا يستحقها، وبالمقابل حجبوها عن بعض من يستحقها!
قرار حظي باحترام السوريين..ولكن!
أحد أكثر القرارات التي أثارت ارتياحاً داخلياً حين صدورها، كان قرار قيادة البعث الذي يقضي بـ”مطالبة أبناء المسؤولين بتقديم بيان وضع لأبناء القيادات الحزبية المتسلسلة، لتتم محاسبة كل من قام بتهريب أبنائه من الخدمة الإلزامية”، حيث اعتبر الأمين القطري المساعد لحزب البعث العربي الاشتراكي، هلال الهلال في حديثه حينها أن أبناء المسؤولين الحزبيين يجب أن يكونوا قدوة لغيرهم.
وجاء كلام هلال خلال اجتماع له بأمناء الفروع الحزبية ورؤساء مكاتب الشباب الفرعية، حيث شدد رئيس مكتب الشباب القطري عمار ساعاتي من جانبه على أهمية “البدء بأنفسنا كحزب ثم الانتقال إلى محاسبة شرائح الدولة كافة”. كما عقد هلال اجتماعاً آخر مصغراً ضمّ أمناء الفروع الحزبية في المحافظات السورية، أكد خلاله أن مسؤولية تنفيذ هذا القرار تقع على مسؤولية أمناء الفروع، وتطبيقه يجب أن يطول جميع المسؤولين من دون خطوط حمراء، وشرح خلاله طرق تنفيذ هذا القرار.

تطبيق “انتقائي”
لكن، هذا القرار، كما غيره من القرارات لم يطبق على الجميع، فثمة استثناءات دائماً تحت هذه الذريعة أو تلك، وفي نفس التوقيت الذي كانت الاجتماعات الحزبية تنعقد بهدف وضع حد للتهرب من الخدمة الإلزامية من قبل أبناء المسؤولين، كان ثمة “مسؤولون” يضربون عرض الحائط بكل القرارات، وبالأحرى كان بعض المسؤولين الذين أخذوا على عاتقهم أمام قياداتهم الحزبية محاربة ظاهرة التهرب من الخدمة الإلزامية، هم أول من خرقوا القرار عبر استثناء رئيس فرع اتحاد الطلبة في محافظة حلب منها!.
وفي التفاصيل، حصل “هاشتاغ سورية” على مجموعة من الوثائق التي تفيد بأن الرئيس الحالي “المكلف” لفرع اتحاد الطلبة في محافظة حلب، متخلف عن السوق بتاريخ22\4\2017، و أن نشرةً شرطية صدرت بحقه تحت 15 لعام 2017.
وبدأ الأمر مع شكوى موقعة من قبل عدد من الطلاب المنضوين تحت مظلة اتحاد الطلبة بجامعة حلب، (حصل هاشتاغ سورية على نسخة منها) يطالبون فيها بعدم تعيين جاويش رئيساً لاتحادهم.
ويقول هؤلاء في كتابهم ” تبين لنا أنه سيتم تعيين الرفيق ياسر جاويش رئيساً لفرع جامعة حلب خلفاً للرفيق عمار كعدة عضو المكتب التنفيذي، وذلك “من قبل الرفيق الدكتور أمين جامعة حلب لحزب البعث العربي الاشتراكي”.
وتضيف الشكوى بأن المدعو ياسر عمر جاويش متخلف عن الخدمة الإلزامية، وتم حجزه في أحد الفروع الأمنية لمدة أسبوع، وتم إخراجه بشرط إكمال عملية تسويته مع الجيش العربي السوري، حيث تبين أنه لم يفعل ذلك وهو ما زال متخلفاً عن خدمة العلم ومتخفي ويسير ببطاقات أمنية من سنوات عديدة “.
ويضيف الطلاب في كتابهم الموجه إلى رئيس مكتب الشباب القطري “إننا لا نقبل أن تكون قيادتنا الطلابية من المتخاذلين عن خدمة العلم”.
أمين فرع .. “مخالف”!
ولكن أمين فرع الحزب في جامعة حلب لم يلقِ بالاً لهذه الشكوى، حيث أصرّ على تعيين جاويش في رئاسة الاتحاد!
ففي كتاب صادر عن أمين فرع الحزب في جامعة حلب، “الرفيق الدكتور ابراهيم حديد”، والموجه لـ”الرفيق الأمين العام المساعد للحزب” هلال الهلال، يطلب فيه حديد “قبول ترشح الرفيق ياسر الجاويش لانتخابات مؤتمر شعبة “الشهيد الأخضر العربي” التابعة لفرع جامعة حلب”
ويتساءل الطلاب: هل جفت جامعة حلب وعجز جهازها البعثي عن إيجاد مرشح يتمتع بالمواصفات المطلوبة لشغل هذا المنصب؟ وهل يكلف المسؤولون البعثيون في الجامعة أو من هم أعلى منهم أنفسهم بالتدقيق في وضع المرشحين لمناصب قيادية، أم أنهم أول من يضرب بالقوانين والقرارات عرض الحائط، كما يقولون.
لكن العجب سيبطل حين يُعرف السبب، فأمين فرع الحزب نفسه، ابراهيم حديد، الذي أصرّ على تعيين جاويش، ممنوع حسب قرار البعث من شغل منصبه فيما لو تم تطبيق القرار، ذلك أن لديه ولدين تهربا من الخدمة العسكرية، أحدهما في مصر والآخر يقيم في بلد أوروبي! فكيف نتوقع من مسؤول حزبي أن يتصدى لموضوع التهرب من الخدمة العسكرية، وهو نفسه أول من خرق القرار وحصل لنفسه على استثناء ؟

“دفاع محلي”!
في كتابه للأمين القطري المساعد، يوصي أمين فرع الحزب في جامعة حلب، يعرض حديد لما يقول بأنه “بيان وضع للمكلف جاويش ورقمه 12343 تاريخ 24/11/ 2019 وهو صادر عن “قائد قوات الدفاع المحلي بحلب” يوضح بأن الرفيق “يعمل ويقاتل ضمن التشكيل المشار إليه حتى تاريخه”، لكن هذا الكتاب لا يساوي في حقيقة الأمر الحبر الذي كتب فيه، ذلك أن بيان الوضع يجب أن يصدر عن شعبة التجنيد التي يتبع لها المكلف وبتوقيع من وزارة الدفاع، وليس من قوات الدفاع المحلي بحلب!
ومع ذلك صدر القرار بتكليف جاويش، وجاء فيه: “بحسب الفقرة رقم (613734) من قرار اتحاد الطلبة في سورية، فإن ياسر عمر جاويش، هو عضو فرع جامعة حلب للاتحاد الوطني لطلبة سورية، وتم تكليفه برئاسة فرع الاتحاد الوطني لطلبة سورية – فرع جامعة حلب”

الاتحاد الوطني .. موافق!
“هاشتاغ سورية” تواصل مع الاتحاد الوطني لطلبة سورية، الذي اعتبر أنه لا يوجد أي بلاغ رسمي من أي جهة أمنية تقول بوجوب التحاق ياسر جاويش، وبالتالي لا ضير في وجوده في هذا المنصب”!، بينما تفيد وثيقة يحتفظ بها “هاشتاغ” بعدم قبول ترشح جاويش إلى رئاسة اتحاد الطلبة “بسبب عدم وجود بيان وضع تجنيدي” له وموقعة من أمين شعبة الشهيد الأخضر العربي، حيث تبين أنه تم تجاوزها.
ويبدو موقف اتحاد الطلبة مستغرباً في عدم تدقيقه على حالة جاويش، فهل كان صمته عن هذه المخالفة وتمريره لقرار تعيين جاويش مؤشراً لوجود حالات مشابهة في مكتبه التنفيذي؟

جاويش : “الفيش” نظيف
وفي اتصال مع ياسر جاويش، قال لـ”هاشتاغ سورية” إنه لا صحة للموضوع، وهو مكلف بتسيير أمور فرع الاتحاد في حلب، ريثما ينعقد مؤتمر فرع الاتحاد في حلب، (الذي كان من المقرر انعقاده منذ بداية شهر تشرين الأول، وتم تأجيله إلى موعد غير محدد)..
وبحسب جاويش، فإن موضوع طلب التحاقه بخدمة العلم غير صحيح؛ حيث إنه يمتلك بيان وضع مدرج ضمن قوائم التسوية، بأمر من وزير الدفاع، وبناءً على مرسوم رئاسي يقضي بأن تحسب خدمة العلم للاشخاص الذين التحقوا بالعمل مع قوات الأصدقاء في حلب، وهو أحد أولئك الأفراد الذين يعملون مع القوات الروسية الموجودة في حلب منذ العام ٢٠١٤ ” حسب قوله، لكن الحقيقة هي أن المرسوم الرئاسي ينطبق على من أدوا الخدمة الإلزامية، ومطلوبون للخدمة الاحتياطية، فيحق لهم تسوية وضعهم عبر الالتحاق بالقوات الرديفة أو “الصديقة”.
جاويش أصر بأنه لدى طلب أي فيش أمني حول وضعه، سيتم التحقق بأن اسمه غير مطلوب للخدمة الإلزامية منذ أربعة أشهر، في حين تأكد “هاشتاغ” من وجود اسمه حتى اليوم على قوائم المطلوبين المتخلفين عن أداء الخدمة الإلزامية.

حالات معاكسة!
في العديد من الحالات السابقة التي ترشح فيها مواطنون سوريون للانتخابات، سواء إلى مجلس الشعب أو إلى الاتحادات الحزبية، كانت ترشيحاتهم ترفض بذريعة تهرب أبناءهم من الخدمة الإلزامية، وهروبهم خارج الوطن، والأمثلة كثيرة…
فكيف يمكن فهم أن يتم رفض ترشح سوريين بسبب عدم أداء أبنائهم لخدمة العلم ( وبعضهم كان أولادهم خارج البلاد قبل الحرب)، فيما يتم الإصرار على تعيين أشخاص آخرين تهربوا شخصياً من خدمة العلم، وتحايلوا بكل طريقة ممكنة لعدم تأدية واجبهم، سواء عبر التلطي خلف القوات الرديفة، أو من خلال الحصول على بطاقات أمنية تسهل مروره على الحواجز المكلفة برصد المتخلفين عن الخدمة.
وكيف يتم التغاضي عن مسؤولين حزبيين بمنصب أمين فرع أو عضو مكتب تنفيذي، فيما يتم تطبيق القرار على آخرين؟
في النهاية، ليس هناك ما هو شخصي ضد أي شخص، إلا أننا نؤمن بأن أكثر ما أوصل سورية إلى هذا المكان هو وصول بعض المسؤولين إلى مواقع يُفترض بمن يشغلها أن يكونوا جديرين بها عن استحقاق وجهد وتضحيات، وليس عبر القفز فوق القوانين والتحايل على القرارات، وخاصةً في مسألة حساسة تتعلق بخدمة العلم المقدسة، فماذا يمكن أن نتوقع من مسؤول رفض أداء واجبه المقدس في خدمة العلم أن يفعل لخدمة ملايين السوريين؟

مقالات ذات صلة