كان المنطاد الصيني الشغل الشاغل للأميركيين منذ دخوله أجواء بلادهم، قبل عدة أيام، إلى أن أسقطوه في المحيط الأطلسي، يوم أمس السبت.
وأسقط الجيش الأميركي المنطاد الصيني بأمر من الرئيس جو بايدن قبالة سواحل كارولينا الجنوبية المطلة على المحيط الأطلسي، بعدما أثار مخاوف أمنية وزاد من توتر العلاقات بين واشنطن وبكين.
وشدّدت الصين مرارا على أن المنطاد كان مدنيا، وأن تواجده في تلك المنطقة كان “عرضيا”، نافية أن يكون هدفه “التجسس” على المصالح الأميركية.
وفي مقال رأي على صحيفة “واشنطن بوست”، قال الصحفي الأميركي ديفيد إغناتيوس، إن المنطاد الصيني كان مصدر إحراج لإدارة بايدن، التي واجهت مطالب عديدة بإسقاطه والدفاع عن المصالح القومية للبلاد.
في المقابل، يشير إغناتيوس إلى أن تأخر الإدارة الأميركية في الاستجابة لهذه المطالب كان هدفه “انتظار اللحظة الأنسب لإسقاط البالون وجمع معلومات استخباراتية إضافية ومفيدة للبلاد”.
وتابع: “من خلال الانتظار حتى يمر المنطاد فوق المياه الإقليمية للولايات المتحدة، تمكنت إدارة بايدن من زيادة احتمالية استعادة الكبسولة، مع تقليل مخاطر إصابة الأميركيين من الحطام المتساقط”.
هل استفادت الصين من منطادها؟
أبرز إغناتيوس، وهو محاضر سابق في كلية كينيدي بجامعة هارفارد، أن المناطيد “لا يبدو أنها تجمع قدرا أكبر من المعلومات الاستخباراتية مما يمكن أن تجمعه الأقمار الاصطناعية الصينية في مدار أرضي منخفض”.
وأضاف: “يمكن أن تحوم البالونات لفترة أطول فوق أهداف معينة، لكن قدرتها على جمع المعلومات لا تختلف اختلافا جذريا عن الأنظمة الأخرى المتاحة للصينيين”.
هذا الأمر أكده مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون”، حيث قال إن المنطاد يوفر دقة أفضل في صوره، لكن لا يوفر معلومات أوفى مقارنة مع الأقمار الاصطناعية.
وأوضح: “أما بالنسبة للأخبار الرائجة حول أن البالون كان ينثر أجهزة تجسس صغيرة، مثل الميكرودرونات القادرة على مراقبة أهداف سرية، فلا يوجد دليل على هذا الأمر”.
في المقابل، قد تكون الولايات المتحدة الأكثر استفادة من المنطاد الصيني، خاصة وأن سقوطه في المحيط الأطلسي كان “سليما إلى حد كبير”، كما ذكر المسؤول.
وأبرز: “إذا نجح البنتاغون في استعادة المعلومات الاستخباراتية التي جمعها البالون، فسيكون ذلك مفيدا”.
وأردف قائلا: “كما ينبغي أن يوفر المنطاد فرصة جيدة لفحص أنظمة الاستخبارات والاتصالات الصينية”.
وبالتالي، من وجهة نظر استخباراتية، يعتقد مسؤولو البنتاغون أن رحلة المنطاد التي استغرقت أسبوعا ستكون “في النهاية أكثر فائدة للولايات المتحدة من الصين”.
عملية الإسقاط
حسب إغناتيوس، كانت عملية الإسقاط بسيطة نسبيا، حيث أطلقت مقاتلة من طراز F-22 Raptor صاروخ AIM-9 على المنطاد.
وقال مسؤول في البنتاغون إن “أولوية عملية الاستهداف تجلت في تجنب إطلاق النار بوضوح على البالون، حتى يبقى سليما إلى حد كبير وقادرا على السفر لمسافة 500 إلى 600 ميل أخرى شرقا، أي أن يظل داخل نطاق الأراضي الأميركية”.
لغز المنطاد.. لماذا الآن؟
حتى الآن، لا يعرف مسؤولو المخابرات الأميركية الدافع وراء إطلاق الصينيين هذا المنطاد في هذا الوقت بالتحديد.
وفي هذا الصدد، ذكر إغناتيوس أن الاحتمال الأكثر ترجيحا هو أن يكون الجيش الصيني أو العناصر المتشددة داخل القيادة قد سعوا عمدا إلى تخريب زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى بكين، وهو ما حدث في نهاية المطاف.
وأضاف: “كما قد تكون العملية عبارة عن محاولة صينية لتأكيد قوتها في وقت لم تكن فيه الأمور تسير جيدا بالنسبة لبكين، بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي والاحتجاجات الأخيرة وسوء إدارة جائحة فيروس كورونا”.
وختم بالقول: “الاحتمال الأخير هو أن المنطاد كان مجرد عملية خاطئة – وهو أمر ممكن في أي عملية استخباراتية أو عسكرية”.