الجمعة, ديسمبر 13, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةخطوط حمر"مو" هيك الأعمال الوطنية ؟!

“مو” هيك الأعمال الوطنية ؟!

هاشتاغ-ديانا جبور

لفتت صديقة نظري إلى التأثير الهائل الذي تمارسه بيللا حديد، عارضة الأزياء الأمريكية من أصل فلسطيني على الجيل الثالث من فلسطينيي اللجوء، ممن تربوا في أمريكا أو أوروبا وتشبعوا ثقافة وقيم بيئاتهم الجديدة، وبالتالي خدمتها الكبيرة للقضية الفلسطينية.

وبيلا لمن لا يعرف عارضة جريئة ( على كل المستويات)، يصل عدد متابعيها على وسائل التواصل إلى الملايين، وهي لا تتوانى عن مشاركة فيديوهات تدين وحشية ممارسات الاحتلال الاسرائيلي تجاه أبناء شعبها ما جعلها بمفردها ماكينة إعلامية لا تقدر بثمن.

هذه المقدمة لأقول إن المزاج العام بات يحتاج إلى خطاب مختلف، ومن هنا تأتي أهمية وجمال مسلسل (مو) الذي تعرضه منصة نتفليكس، وكتبه كل من رامي يوسف ومحمد عامر.

(مو) هو اسم الدلع لمحمد النجار ( ليس صدفة اختيار الاسم : على اسم النبي محمد مع لقب عيسى المسيح)، الذي طرد مع عائلته من فلسطين، فلجؤوا إلى الكويت، ثم فروا منها إبان غزو صدام إلى الولايات المتحدة الأمريكية، أملا لم يتحقق بالحصول على جنسية وجواز سفر قد يمكنهم يوما من حقهم بزيارة فلسطين المبعدين عنها .

تدور أحداث العمل في إطار كوميدي ناقد سمحت لصناعه بأن يقوموا ببعض المبالغات أو القفزات التي تناسب النوع الذي اختاروه، لكن دائما بما يتناسب مع رسالته وهي من أجمل وأنبل ما شاهدت.. فلا تمر حلقة دون حوار أو مونولوج عن فلسطين كحق وجذر وثقافة وتفاصيل، سواء أتى ذلك بنوع من التمجيد أو المبالغة الناقدة لكن بحب يعيد إلى القلب والوجدان مسألة تريد الأغلبية طمسها.

مثل أبيه، (مو) موهوب في إصلاح الأجهزة الدقيقة، لكنه لن يلبث أن يطرد من عمله لأن الشرطة تلاحق أرباب العمل الذين يشغلون عمالا دون تراخيص، فيعود إلى عمله السابق كبائع أكسسوارات وثياب مقلدة..

ولأنه وريث الأب يحاول أن يحل مكانه في رعاية أسرته، على حساب حياته الخاصة ما يدفع بصديقته المكسيكية لأن تتخلى عنه حتى لا تتكرر معه خيبتها مع أبيها..

خلال بحثه عن فرص عمل جديدة لن يوفر مو أي تجمع أو أقلية من سهام نقده وسخريته، بدءا من السكان الأصليين، إلى الهنود، الأفارقة، الأمريكيين.. وصولا إلى الفلسطينيين لكن بكثير من الحب وحس الدعابة حيث نرى الأم تحاول أن تنقل لأبنائها طقوس الحياة الفلسطينية ما يخلق مفارقات محببة، لكن العلامة الفارقة والأهم هي العلاقة مع شجر الزيتون المبارك وزيت الزيتون الذي يتحول إلى مسحة رسول، تغذي وتطبب وتكسب المال والأصدقاء.. ولأن (مو) ابن بار سيتجه للعمل في حقل زيتون، يتعرض ثمره للسرقة وشجره للاقتلاع فيتطوع مو لاستعادتها. لكن المفاجأة أن السارقين قطعوا الحدود باتجاه المكسيك ليجد نفسه وقد نفى نفسه بنفسه محجوزا خلف جدار فصل عنصري جديد .. وكأن قدر الفلسطيني مربوط بهذه الثنائية .. الجذور والجدار، الأصالة والنفي ..

رحلة نفي ومقاومة وإرادة حياة وتمسك بتفاصيل فلسطينية ستكون كفيلة على مدى الحلقات الثمانية من تقريب المسافة بين المتلقي أيا يكن، وبين أي فلسطيني .

لاشك أن أداء الممثلين قد حمى العمل وأكد على نوعه الكوميدي ولاسيما مو عامر وهو المعروف كستاند آب كوميديان في دور مو وفرح بسيسو بدور والدته التي أبدعت في اللكنة والنبرة وإمساك الشخصية بأداء متسق وباهر من أول العمل إلى نهايته، تحرر الضحكات بنفس قدرتها على تفجير الدموع كما في مشهد مرافعتها أمام القاضي.

مو .. يثبت من جديد أنه إذا كانت الأعمال الرديئة كفيلة بالإساءة إلى قضاياها، فإن الأعمال الجيدة تقدم خدمة لا مثيل لها.. لابد أن تكون الأعمال الفنية الوطنية مسلية أولا.

ترى هل يغري نجاح (مو) المنصات العربية بالتوقف عن استنساخ أعمال تجارية أجنبية باهتة والتوجه لإنتاج أعمال عربية أصيلة؟

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
مقالات ذات صلة