الجمعة, نوفمبر 22, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةالواجهة الرئيسيةنتينياهو.. سردية الرعب

نتينياهو.. سردية الرعب

هاشتاغ – نضال الخضري

تلاحق الجنائية الدولية بنيامين نتنياهو بقضية لم يكن لدول الإقليم أي يد فيها، فهي بدأت بجنوب إفريقيا وانتهت بحكم قضائي سيشكل رمزاً لأكثر من عام أنهى مسار حياة مليوني شخص، فحرب غزة التي قتلت عشرات الآلاف في غزة، ودمرت مدناً ما بين فلسطين ولبنان بدلت كل الصور لأجيال كانت تحمل أحلاماً مختلفة، وتنظر نحو البحر وترسم صوراً لعالم يصعُب رؤيته من القطاع المحاصر، وبعد الحرب فإن مشهد العالم أصبح مختلفاً لأنه بات صورة للظلم القادم من كل الاتجاهات، وباتت الأحلام روايات رعب لمسرحية قتل طويلة.

حكم الجنائية الدولية لن يوقف الحرب، وهو بالتأكيد سيشكل لـ”إسرائيل” صورة أخرى للتفكير بالقتل من جديد، فهناك تركيب متناقض تجاه الآخر ترسمه السياسة “الإسرائيلية” في كل لحظة، وتُركب خيالات مريضة لشعوب تحاصرها، فتاريخها القصير لم يمنحها سوى حالة “إجرام” انفجرت بشكل غير مسبوق بعد طوفان الأقصى، وخلال عام من “الغرابة” تكسرت كل تصوراتنا نتيجة موت كان يحصدنا بقوة “الشرعية الدولية”، وقرار الجنائية الدولية هو كسر للاعتياد السياسي الذي رافقنا طوال زمن الحرب الأخيرة.

ليس مهماً ما سيفعله هذا القرار لأنه لن يطال نتينياهو ويضعه قيد المحاكمة، وفي المقابل فإن مسألة العدالة المفقودة لن تعيدها الجنائية الدولية التي ظهرت للوجود لمحاكمة الجرائم ضد اليهود، فما بقي لنا هو سردية الرعب التي تركها نتينياهو ورغبته في رؤية الخراب والموت يسحقان المنطقة، أما ماذا سنفعل إذا توقفت الحرب فهذه مسألة مختلفة لا يمكن للجنائية الدولية ولا حتى لمجلس الأمن رسم مسار مستقبلي لها.

الرعب الذي زرعه نتنياهو طوال أكثر من عام لن تزيله أي قرارات صادرة عن الهيئات الدولية، فهو مشروع ثقافة مستقبلية علينا بناؤها من الصور التي رافقتنا والأرواح التي غادرتنا، فعدم امتلاك القوة لا يعني أننا لا نستطيع رسم حياة مختلفة تستطيع الاستمرار من دون “إسرائيل”، وحتى من دون الدول التي كانت تنظر إلى الكارثة من زاوية “غض البصر” والبحث عن متعة الاندماج بالترف العالمي، وأحلامنا لا تتحقق إلا بتصور أننا قادرون  على البقاء من دون “إسرائيل”، وعلى بناء نموذج مختلف للحياة حتى ولو دمرته “إسرائيل” آلاف المرات، فالتدمير سيطالنا بمشروع مقاومة أو من دونه، وسيلاحقنا الاضطهاد حتى ولو قررنا تجاهل كل الأرواح التي حصدتها الحروب.

في مرحلة قادمة علينا بناء أحلامنا وتحصينها بقوة مختلفة، وكتابة سردية لا تحمل أي تسامح ولا ترسم العالم على أنه فسحة حرية، فتجربة الحرية سقطت منذ أن بدأ الحصار يطال دولنا، وجعل من غزة معتقلاً واسعاً يغزوه الأسمنت وينحسر عنه الأمل، والقوة التي يمكن بناؤها ستحمل معها كل الملامح التي رافقتنا في الحرب الطويلة، وربما في تاريخ لم يوفر أي جيل من آثاره، ولم يترك لنا مساحات لاختيار دروب متعددة، فمستقبلنا في النهاية لن يكون في الجنائية الدولية أو مجلس الأمن بل في رسم تفكير يتيح لنا امتلاك أنفسنا والقوة والعلم التي ترسم لنا مساراً جديداً.

مقالات ذات صلة