عبر الدكتور مايكل موسلي، خبير التغذية ذائع الصيت عالميًا، عن شعوره بالصدمة والمفاجأة عندما طالع العناوين الرئيسية التي تشير إلى أن نظام الصيام المتقطع الغذائي، وتحديداً النوع المعروف باسم الأكل المقيد بالوقت TRE، يمكن أن يكون له تأثيرات سيئة على القلب بمعنى أنه يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بنوبة قلبية مميتة، بحسب ما نشرته “ديلي ميل” البريطانية.
وأضاف موسلي أنه بعد انتشار الخبر امتلأ هاتفه بالرسائل والمكالمات التي تطلب منه “التعليق”، حيث إنه، مثل كثيرين آخرين، قام منذ سنوات بدمج عناصر مختلفة من الصيام المتقطع في روتينه اليومي، للمساعدة في التحكم في وزن جسمه والحفاظ على مستويات مناسبة من السكر في الدم.
أبحاث ودراسات على مدى عقد
ومضى موسلي قائلًا إنه على مدى العقد الماضي، تحدث إلى الكثير من الخبراء، وقرأ الكثير من الأبحاث وشارك في الدراسات التي أظهرت جميعها مدى فائدة الصيام المتقطع.
وعبر عن تساؤله عما إذا كانت نتائج الدراسة الأخيرة يمكن أن تؤدي إلى تغيير رأيه بشأن نظام الصيام المتقطع الغذائي.
إن هناك الكثير من الأشكال المختلفة للصيام المتقطع، بما يشمل النظام الغذائي 5: 2 (حيث يقوم الشخص بخفض السعرات الحرارية يومين في الأسبوع) وصولًا إلى نظام الأكل المقيد بالوقت TRE.
ويمكن ببساطة تقليل الساعات التي يتم فيها تناول الطعام.
ويوضح دكتور موسلي أنها، في الأساس، طريقة لمنح الجسم استراحة من هضم الطعام، للمساعدة في تحفيز “الالتهام الذاتي”، وهو شكل من أشكال “التنظيف” الخلوي، حيث يتم تحطيم الخلايا القديمة وإعادة تدويرها.
مراجعة موثوقة لأفضل الدراسات
ويستشهد موسلي بنتائج مراجعة علمية لأفضل الأبحاث، نشرتها دورية نيو إنغلاند الطبية عام 2019، والتي جاء فيها أن “الصيام المتقطع له فوائد واسعة النطاق للعديد من الحالات الصحية، مثل السمنة ومرض السكري [النوع الثاني من مرض السكري] وأمراض القلب والأوعية الدموية والسرطانات والاضطرابات العصبية [مثل الخرف]”.
“لا يوجد ما يدعو للقلق”
وقال موسلي إنه كان في حيرة شديدة من نتائج البحث الجديد، الذي يشير إلى أن اتباع نمط 16/8 الغذائي المحدود (أي الصيام لمدة 16 ساعة وتناول الطعام خلال فترة مدتها ثماني ساعات) يرتبط بارتفاع خطر الوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان بنسبة 91%.
وأكد موسلي أنه بعد اطلاعه على ملخص الدراسة الجديدة، حيث إن كل ما هو متاح حاليًا لا يزيد عن ملخص الدراسة، التي أجراها باحثون من كلية الطب بجامعة شنغهاي جياو تونغ، يجعله مقتنعًا بأنه لا يوجد ما يدعو للقلق، خاصة وأن الدراسة تستند إلى بيانات من الدراسات الاستقصائية لفحص الصحة والتغذية الوطنية الأميركية، والتي تم جمعها بين عامي 2003 و2018.
استقصاء شديد العمومية
وشرح موسلي أنه في هذه الاستطلاعات، سُئل الأميركيون عن عاداتهم الغذائية، وأن ما قام به الباحثون الصينيون هو اختيار أولئك الذين وضعوا علامة في المربع قائلين إنهم في يومين قاموا بتقييد استهلاكهم الغذائي لمدة ثماني ساعات أو أقل.
ثم قام الباحثون بمقارنة هؤلاء الأشخاص الأميركيين بقاعدة بيانات مؤشر الوفاة الوطني الأميركي لمعرفة ما حدث لهم.
وتبين أن هؤلاء الصائمين المتقطعين كانوا أكثر عرضة للوفاة بسبب أمراض القلب بمقدار الضعف تقريبًا مقارنة بالأشخاص الذين لم يلتزموا بهذه المتطلبات.
افتقار لأساسيات بديهية
إن هناك الكثير من المشكلات في محاولة فهم هذه الدراسة، لأسباب ليس أقلها أنه من غير المعروف عمر المشاركين ومدى جودة حالاتهم الصحية، وما إذا كانت ذاكرتهم قوية ودقيقة، والأهم من ذلك، ما إذا كان هذان اليومان يمثلان ما قاموا بفعله بقية الأسبوع.
وكما أشار كيفن ماكونواي، الأستاذ الفخري للإحصاء التطبيقي في الجامعة المفتوحة: “نحن لا نعرف ما إذا كانت أوقات تناول الطعام خلال فترتي الـ 24 ساعة تلك كانت مماثلة للأوقات، التي يتناولون فيها الطعام عادة”.
وتابع ماكونواي، “لذا فإن ربط هذه الأنماط بالتدخل المتعمد في تناول الطعام على المدى الطويل والمحدود زمنيًا يبدو أنه يتجاوز البيانات بكثير”.
ويتفق السير ديفيد سبيغلهالتر، أستاذ الإحصاء الفخري في جامعة كامبريدج، مع رأي بروفيسور ماكونواي.
وأضاف، بطريقة لاذعة إلى حد ما: “ما كان ينبغي لهذا الملخص [ملخص الدراسة الجديدة] أن يُكرم ببيان صحفي”.
الحالة الصحية للمشاركين
وأشار خبراء آخرون إلى أن الأشخاص الذين أبلغوا عن تناول الطعام فقط خلال فترة ثماني ساعات ربما فعلوا ذلك لأنهم كانوا يعانون من مشاكل سابقة في القلب أو تناولوا الطعام بهذه الطريقة لأنهم كانوا يعملون في نوبات العمل، وهو ما يرتبط في حد ذاته بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب ومرض السكري من النوع 2.
ويضيف موسلي أنه لا توجد أي فكرة عما كان يستهلكه هؤلاء المشاركون في الدراسة وما إذا كان النظام الغذائي الصحي لمنطقة البحر المتوسط أم الوجبات السريعة المصنعة، مؤكدًا أن ثقته في نظام الصيام المتقطع لم تتزعزع نتيجة لما ورد في ملخص نتائج الدراسة الجديدة.
نصائح مهمة
ونصح موسلي من يهتمون وحريصون على الاستمرار في اتباع نظام TRE، بالأخذ بما توصلت إليه أحدث الأبحاث والتي تشير نتائجها إلى أنه من الأفضل تناول المزيد من السعرات الحرارية في وقت مبكر، وتجنب تناول وجبة مسائية كبيرة.
توصلت دراسة، نُشرت في دورية Nature Communications، شارك فيها 100.000 شخص بالغ، أن تناول وجبة الإفطار قبل الساعة 8 صباحًا والتوقف عن تناول الطعام بعد 12 إلى 13 ساعة أدى إلى أكبر التحسينات في خطر الإصابة بأمراض القلب وخطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
وارتبط تناول الطعام بعد الساعة التاسعة مساءً بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 13%.
وأوضح موسلي إلى أن السبب ربما يرجع إلى أن نظام الصيام المتقطع يعمل بشكل أفضل ويحقق نتائج جيدة مع إيقاعات ساعة الجسم البيولوجية، وإنتاج الهرمونات مثل الأنسولين.
النظام الغذائي “المتوسطي”
كما أوصى موسلي بتجنب تناول الطعام في وقت متأخر من الليل (محاولة التوقف قبل ساعتين إلى ثلاث ساعات من النوم)، وأن يهدف الشخص إلى “الصيام” لمدة 12 إلى 14 ساعة، وأن يلتزم بالنظام الغذائي “المتوسطي” المغذي.