أكد نقيب أطباء سورية، كمال أسد عامر، أن سبب وفاة وإصابة عدد من الأطباء بفيروس كورونا جاء نتيجة تعرضهم الشديد للإصابة لتماسهم المباشر مع المرضى المصابين بهذا الفيروس على مدار 24 ساعة متواصلة، وليس بسبب قلة الاحتراز، مطالباً وزير التربية بالاعتذار الرسمي للأطباء الذين استشهدوا، على خلفية تصريحاته بأن هناك استهتاراً من الأطباء.
وأشار عامر أنه لا يجوز أن يتم وصف الأطباء بالمستهترين لأنهم يقومون بواجبهم وهم يبذلون جهوداً كبيرة ما يضعف المناعة لديهم أيضاً، وهذا يجعلهم عرضة للإصابة بشكل كبير.
وفي أول رد رسمي طالب فرع الأطباء بدمشق في بيان له نشره على صفحته الرسمية على فيسبوك وزير التربية دارم الطباع بالاعتذار عن تصريحاته الأخيرة المتضمنة أن هناك استهتاراً من الأطباء والتعويل على وعي الأطفال في العام الدراسي، مؤكدة أنه لا يجوز نعت الأطباء الذين استشهدوا خلال معالجتهم لمرضاهم المصابين بكوفيد 19 بالمهملين وإنما هم شهداء الواجب والحق والإنسانية.
النقابة، ومن باب “الرجوع عن الخطأ فضيلة” كما قالت وجهت دعوة إلى الوزير الطباع لكتابة رسالة اعتـذار من كادر الجيش الطبي – أطباء سورية وشهدائها الأبرار.
ورداً على اتهام الأطباء بالإهمال، كما قال وزير التربية، قالت النقابة في بيانها، إن الأطباء تابعوا بكل شرف مهني وتفان كل ما يمكن ورغم كل الظروف المحيطة عمليات الإنقاذ الصحي، وقد كانت متابعتهم لكل حالة مرضية دليل عمل وإخلاص ووفاء لمهنتهم مهنة الإنسانية وإيمانا منهم لما أقسموه في قسم أبقراط، وبالتالي، فإن حالات الوفيات التي تجاوزت السبعين للأسف الشديد بين الأطباء الذين استشهدوا خلال معالجتهم لمرضاهم المصابين بـ”الكوڤيد ١٩” لا يجوز نعتهم بالمهملين وإنما هم شهداء الواجب والحق.. شهداء الإنسانية.
وتابعت النقابة:” كنا ولا زلنا مؤمنين بأن الطبيب السوري هو شعلة ضمير عمل وإنسانية، ومن الواجب تقدير الجهود المبذولة من قبل الكادر الطبي على اختلاف مواقعهم و جغرافية الوطن خلال أزمة الكورونا، دائماً تجدهم جنوداً واقفين في خط الدفاع الأول لقلب معادلة الموت الى معادلة حياة، يضحون بكل شيء، يرسم التعب ملامحهم في سبيل انقاذ المرضى و بث الأمل والاستمرار في نفوسهم أمام أكبر تهديد للصحة من خطر فايروس كورونا المستجد الذي أوقف الحياة في شرايين العالم.. فنجدهم من قلب المستشفيات أبطالاً ميامين في معاطف بيضاء.. اتخذوا القرار محاربة الوباء لاستمرار الحياة عند الآخرين”.
في هذا الوقت، قال الدكتور مجد كيالي، عضو فرع نقابة أطباء دمشق، إن الأطباء الذين أصيبوا أثناء عملهم في رعاية المرضى المصابين بفيروس كورونا كانوا يرتدون اللباس الواقي بالكامل لم ينتظروا ارشاداتكم الكريمة ومنهم من استشهد، متابعاً في رده على تصريح وزير التربية:” وصفك لهم بالأقل وعياً من الأطفال وأنهم مهملين لهو تقليل من كرامتهم”.
وكان عدد من الأطباء ردوا بشكل شخصي عبر صفحاتهم على فيسبوك على تصريحات وزير التربية، ومنهم الدكتور بشار عزت اختصاصي الجراحة القلبية الذي كتب في منشور: “أن يعمل أحدنا كطبيب ويعتني بالمصابين بالكورونا ليس إهمال بل هو إخلاص أن تعرض نفسك أو أهل للإصابة فداء للمرضى الآخرين ليس إهمال بل هو شرف أكثر من 70 طبيباً توفوا خلال معالجتهم للمصابين هم ليسوا مهملين بل هم شهداء السيد الوزير أفضل ما يمكن أن تفعله الآن كمربي هو أن تقدم اعتذارك لأطباء سورية المخلصين والشرفاء غير المهملين”.
في المقابل، انتقد، الدكتور مازن خيرالله، الإهمال الحكومي والتقصير في توفير الألبسة الصحية الواقية للأطباء الذي يواجهون كورونا، ويعالجون المرضى منه، مضيفاً:” كأن الوزير لا يعلم أن مؤسسات دولته لا توفر للأطباء وسائل التشخيص والوقاية المتطلبة لتحميهم، هل أخبركم أحد أن الكمامات ذات الوقاية العالية N95 وغيرها من أجهزة الوقاية الشخصية لم تكن موجودة بالقدر الكافي لأولئك الأطباء، أو هل وصل إلى علمكم أنه لا يوجد غرف عزل أو غرف ذات ضغط سلبي في مشافي هذا البلد المعطاء، او لعلكم لا تعلمون أنه يجب تنقية تهوية المشافي بغرف عمليتاها وغرف عزلها بواسطة أجهزة تنقية جزيئات ذات كفاءة عالية أو ما يعرف ب HEPA والتي هي غير متوفرة في المشافي العامة والخاصة على سواء إلا ما ندر!”.
وقال الدكتور مازن السعيد:” انا كطبيب وأمارس مهنتي الطبية، أعارض ما تقدم به وزير التربية، والإهانة التي أصابت الكادر الطبي، ونطالب الدولة بعزله وبإحالته إلى التحقيق”.
هذه المطالبات، جاءت بعد سلسلة الردود بين كل من وزير التربية، دارم الطباع، وعميد كلية الطب البشري، الدكتور نبوغ العوا، حين تقدم الاخير بمقترح لوزارة التربية من أجل تأجيل المدارس مدة 15 يوماً، يقاس فيها الأثر الرجعي لدوم كل من طلاب شهادتي التعليم الأساسي والثانوية، في حين يتم تأجيل دوام باقي الطلاب، خوفاً من عودة انتشار فيروس كورونا، بين الطلاب، بعد ان استقام منحنى المرض.
في هذا الوقت، رد وزير التربية على العميد، برفض المقترح، وبأنه وعلى الرغم من وجود حالات وفيات كبيرة بين الأطباء، إلا أنه لم يتم إغلاق المشافي، ليجيبه، الدكتور العوا، بأن الرد ليس على قدر المقترح، إغلاق المشافي لا يعادل إغلاق المستشفيات. ومن بعدها وفي أحد لقاءات وزير التربية، قال مطمئناً الأهالي، إن الاطفال أكثر وعياً من الكبار في مواجهة كورونا، والدليل ان أكثر من 70 طبيباً توفوا بسبب الإهمال، وعليه، ارتأت نقابة الأطباء، وعدد من الاطباء مطالبة وزير التربية بالاعتذار عن تصريحاته.