مع بداية العام الجديد، اهتزت الولايات المتحدة على وقع هجوم دموي نفذه شمس الدين جبار، جندي سابق وخبير تكنولوجي، في شارع “بوربون” الشهير بمدينة نيو أورليانز.
الهجوم الذي وقع في الساعات الأولى من عام 2025، أودى بحياة 14 شخصاً وأصاب 30 آخرين، قبل أن تقتله الشرطة في موقع الحادث.
وقد وصف مكتب التحقيقات الفدرالي (FBI) الهجوم بأنه عمل إرهابي، خاصة بعد العثور على علم أسود لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في الشاحنة المستخدمة.
وأشار محللون إلى أن اختيار هذا الشارع المكتظ بالمحتفلين برأس السنة يعكس رؤية جبار المتطرفة تجاه المجتمع الأميركي، خصوصاً في ليلة معروفة بالاحتفالات الراقصة وشرب الخمور.
حياة متقلبة ومسار مثير للجدل
ولد شمس الدين جبار عام 1982 لعائلة مسيحية في بومونت بولاية تكساس، فيما تُظهر السجلات الحكومية أن عائلته كانت لها جذور طويلة في الجنوب الأميركي.
اعتنق جبار الإسلام في سن صغيرة، لكنه امتلك سجلاً حافلاً في مجالات التعليم، العسكرية، والعمل المهني.
وخدم جبار في الجيش الأميركي بين عامي 2007 و2015، وترك الخدمة برتبة رقيب، لينضم بعدها إلى قوات الاحتياط حتى عام 2020.
خلال خدمته، تخصص في تكنولوجيا المعلومات وشارك في مهام عسكرية بأفغانستان، حيث حصل على “ميدالية الحرب العالمية على الإرهاب”.
بعد خروجه من الجيش، عمل جبار في شركات استشارات كبرى مثل “أكسنشر” و”ديلويت”، وحصل على عدة شهادات في التكنولوجيا، إضافة إلى رخصة خبير في العقارات التجارية.
لكن حياته الشخصية انهارت خلال السنوات الأخيرة، كما عانى من اضطرابات مالية وزوجية أثرت على مسار حياته.
وقد خضع مرتين لإجراءات الطلاق، وكان آخرها في عام 2022، تاركاً خلفه ابناً وفتاتين من زيجتين سابقتين.
دوافع غامضة واتهامات بالتطرف
رغم أن جبار ظهر في فيديو عام 2020 يتحدث عن “الانضباط والخدمة العظيمة”، إلا أن تحولات حياته الشخصية دفعته نحو التطرف، وفقاً لبعض الخبراء.
وأشارت مورغان تاديتش، الخبيرة العسكرية بالمجلس الأطلسي، إلى أن الهجوم الإرهابي يوم رأس السنة يشترك في خصائصه مع عمليات سابقة ارتكبها أفراد تأثروا بالدعاية المتطرفة عبر الإنترنت.
ورغم أن تفاصيل تفاعل جبار مع تنظيم داعش لا تزال غامضة، إلا أن وجود علم التنظيم في شاحنته والتقارير عن مقاطع فيديو متطرفة بثها قبل الهجوم، يشير إلى احتمالية تطرفه الرقمي.
ظاهرة الذئاب المنفردة
تسجيلات الفيديو التي بثها جبار قبل الهجوم تضمنت تصريحات غامضة عن التخطيط لقتل عائلته وأحلام دفعته للانضمام إلى داعش.
لكن بعد مقتله، أكد الرئيس جو بايدن أن جبار تصرف بمفرده، ولم يكن مرتبطاً بأي خلية إرهابية، مما يضعه ضمن ظاهرة “الذئاب المنفردة”.
تحديات أمنية جديدة
الهجوم بسيط في تنفيذه، لكنه يحمل دلالات خطيرة على التحديات التي تواجه الولايات المتحدة في التصدي للإرهاب الفردي.
يبقى الغموض يلف دوافع جبار الحقيقية، بينما تتسارع الجهود لفهم ظاهرة الأفراد الذين يتحولون إلى أدوات للعنف في ظل انهيار حياتهم الشخصية والاجتماعية.