هاشتاغ _ نور قاسم
تتزايد المخاوف على الموسم الزراعي بسبب الأجواء الربيعية المبكرة التي حلت على سوريا منذ منتصف شباط/فبراير الفائت إلى الآن بالرغم من تدني درجات الحرارة بعض الشيء ابتداءً السادس من آذار ولكن دون هطولات مطرية، الأمر الذي يدخل الفلاحين في دوامة من القلق على محصولهم وخاصةً القمح الذي يتناقص موسما بعد موسم.
الأمل بالهطول
مدير إدارة الموارد الطبيعية في البحوث الزراعية التابعة لوزارة الزراعة منهل الزعبي، بيّن في تصريح ل”هاشتاغ” أن الأمل ما يزال معقوداً على الهطولات المطرية في قادم الأيام ولاسيما أن فصل الشتاء لم ينته بعد، و الرطوبة جيدة على التربة.
وعدّ الوضع مقبولا نوعاً ما لغاية الآن، وأن موسم القمح حالياً سينقذه هطول مطري واحد على أقل تقدير.
كما أشار إلى أن الزراعة بعلية في أغلب المناطق السورية.
ولفت الزعبي إلى أنه في حال اضطر الأمر فسيتم اللجوء إلى الري التكميلي؛ أي إعطاء ريّتين أو ثلاث ريّات لمحصول القمح على وجه الخصوص باعتباره محصول استراتيجي والخوف الأكبر عليه، كما قال.
تبريرات وانتقادات
وكان وزير الزراعة والإصلاح الزراعي، محمد حسان قطنا، قال في تصريح سابق ل”هاشتاغ” إن العوامل الجوية خلال الموسم الذي مضى لم تساعد بالشكل الأمثل لإنتاج كميات أكبر من القمح، وعند تحسن عوامل الطقس فعندها سيتحسن الإنتاج السوري من القمح بشكل أفضل.
و طالت انتقادت، تعامل وزارة الزراعة مع موسم القمح حينها ووصفته بالمقصر.
واعتبرت الصحافة أن إلقاء المسؤولية على الظروف المناخية الاستثنائية لتبرير تراجع الإنتاج غير مجدِ أو مقنع، فهذه الظروف على حالها منذ تسعينيات القرن الماضي، والفارق أنه في العقود الماضية استُثمرت الموارد المائية لإنتاج ما يكفي من سلع إستراتيجية وأساسية.
في حين لم تكترث أي جهة بتأمين الريات للأراضي المزروعة بالقمح المروي خلال السنوات الماضية، كما حصل في سهل الغاب الموسم الفائت.
تغيرات مناخية
وبالنسبة للعوامل المناخية المتغيرة والمتضطربة التي تشهدها سوريا بيّن رئيس مركز التنبؤ في المديرية العامة للأرصاد الجوية شادي جاويش ل”هاشتاغ” أن الطقس المضطرب لم يبدأ هذا العام فقط، فبداية هذه الظواهر لوحظت خلال الأعوام الماضية وباتت أكثر شدةً وتواتراً في الفترة الماضية، و يُعزى هذا كله، وفقا لجاويش إلى التغيرات المناخية حول العالم، الناتجة عن زيادة تراكيز غازات الاحتباس الحراري وما ينجم عنها من ارتفاع في درجة حرارة الأرض، وبالتالي تغير أنماط الطقس المعتادة وفق تقارير عديدة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية.
وأشار جاويش إلى أننا مقبلون إلى المزيد من الظواهر الجوية المتطرفة في المستقبل إلى جانب تداعيات ضارة وطويلة الأمد على التنمية المستدامة و النظم الأيكولوجية عالمياً.
ولفت جاويش إلى أن إحدى التأثيرات السلبية الناتجة عن عدم الانتظام والانخفاض في معدلات الهطول المطري في بعض المناطق يمكن أن يؤدي إلى زيادة حالات التصحر،
ومن ناحية ثانية فإن زيادة كميات الهطول في مناطق أخرى خلال فترات قصيرة تؤدي إلى فيضانات خطيرة في الوديان والمنحدرات، أي سوء في توزع الهطول زمانيا ومكانيا.
وطرح مثالاً على ذلك بأن كمية الهطول في مدينة دمشق خلال 30 يوما من الشهر الأول كانت 5 ميلمتر فقط، وتلاها هطول 30 ميلمتر خلال ثلاث أيام فقط، إضافة الى ضعف الهطولات الثلجية على المرتفعات الجبلية التي تعتبر المصدر الأساسي لتغذية الينابيع الجوفية وتالياً نقص المياه العذبة.
تأثير الدوامة القطبية
وأشار جاويش إلى الدوامة القطبية باعتبارها إحدى أقوى المحركات لأنماط الطقس خلال فصل الشتاء، وهي منطقة كبيرة ذات ضغط جوي منخفض وهواء بارد موجودة دائماً بالقرب من المناطق القطبية، وهي الأقوى شتاء نتيجة تلقي كمية أقل من أشعة الشمس بينما تضعف صيفا مع وصول كمية أكبر من الأشعة الشمسية إليها.
وأوضح جاويش أنه عندما تكون الدوامة القطبية قوية فهي تحبس الهواء البارد في المنطقة القطبية و تمنعه من التسرب أو الامتداد نحو خطوط العروض الدنيا.
أما الدوامة القطبية الضعيفة الأكثر تموجاً فلا تستطيع احتواء الهواء القطبي البارد وبالتالي وصوله إلى مناطق خطوط العرض الدنيا ومنها جنوب القارة الاوروبية والمتوسط وحتى وسط أمريكا.
وأضاف، وهذه الحالة تمت ملاحظتها خلال بداية فصل الشتاء الحالي في مناطق أمريكا وكندا عندما اجتاحت عاصفة ثلجية وهواء قطبي القارة الأمريكية.
كما سجلت درجات حرارة قياسية بمقدار 53 درجة تحت الصفر لأول مرة.
في حين لوحظ في منطقتنا وبنفس الفترة أجواء دافئة نسبياً طيلة فترة “المربعانية” بعد تأثير هذه الدوامة القطبية و تلاها أجواء صقيعية في النصف الأول من شباط/فبراير، وتلتها الأجواء الربيعية في النصف الثاني من شهر شباط/فبراير. على حد تعبيره.