الخميس, ديسمبر 12, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةأخبارهل استيقظ التنين الصيني النائم؟

هل استيقظ التنين الصيني النائم؟

اعتبرت  الصين إبحار حاملات طائراتها بالقرب من تايوان “أمرا طبيعيًا تماما”، وذلك بعد أن أعلنت الجزيرة، التي تتمتع بالحكم الذاتي، يوم الأربعاء 23 ل تشرين الأول/أكتوبر الفائت، أن سفينة لياوينغ التابعة لبكين عبرت المضيق الذي يفصلها عن البر الرئيسي، معتبرة ذلك “عملا حربيا”.

جيرار ديب، أستاذ الفكر السياسي في الجامعة اللبنانية، أشار إلى أن “الأمر الطبيعي” الذي اعتبرته تايوان أنه “عمل حربي”، يؤكد أن هناك تغييرا جديا في دبلوماسية الصين بتعاطيها مع الأحداث والتطورات الدولية.

ويرى الكاتب أن “دبلوماسية الظل” الصينية قد انتهت على ما يبدو مع رحيل الزعيم دنغ شياوبينغ، القائل إن بكين يجب أن “تخفي قوتها وتتمهل”، لتبدأ دبلوماسية جديدة تحاكي المرحلة القادمة لما بعد الهيمنة الغربية، بحسب ما نقله موقع “الجزيرة.نت”.

وقد أدركت الدبلوماسية الخارجية، مع الزعيم الحالي شي جين بينغ، أن السير على طريق إحداث صدمة إيجابية في النظام العالمي لا يكون عبر إخفاء القوة، ولن يحصل إن كان نمط السير متمهلا.

لهذا، فإن إطلاق السفير الصيني السابق لدى بريطانيا، ليو سياو مينغ، دبلوماسية “الذئب المحارب”، راقت للزعيم شي الذي دعا بتاريخ 19 تشرين الأول/أكتوبر، قوات بلاده إلى تعزيز استعدادها للحرب، بعد أيام فقط من إجراء بكين تدريبات عسكرية واسعة النطاق حول تايوان، وذلك حسب ما ذكرت وسائل إعلام رسمية.

هذا، وكانت بكين قد أطلقت في 14 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، مناورات عسكرية تهدف إلى تطويق تايوان من خلال نشر طائرات وسفن، حسبما أعلنت وزارة الدفاع الصينية.

وقالت بكين إن الهدف من المناورات التي أطلق عليها اسم “السيف المشترك 2024 بي” هو “اختبار القدرات في العمليات المشتركة للقوات الصينية”. بالمقابل، أعلنت تايبيه أنها نشرت القوات المناسبة ردا على إطلاق الصين مناوراتها العسكرية.

وبحسب كاتب المقال، فإن من يتابع سير الأحداث يدرك أن دبلوماسية شي جين بينغ قد لا تتوقف عند “الذئب المحارب”، بل هي ذاهبة نحو إيقاظ التنين النائم،  فدبلوماسية “الذئب المحارب” استعراضية تقوم على إطلاق العنان للسفراء الصينيين في الخارج، لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، بهدف الدفاع عن الحزب الشيوعي والترويج له.

لهذا فهي لا تحاكي استفزازات واشنطن في شبه الجزيرة التايوانية، لا سيما فيما خص سياسة “الصين الموحدة”، فبات التساؤل: أيتم إيقاظ التنين كحاجة للصين لمحاكاة التطورات الميدانية، أم سيبقى في سُباته إلى أن تأتي الساعة؟

هناك من يعتبر أن ما حذر منه الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت سابقا بات العالم أمامه اليوم.

ويشير الكاتب إلى أن قول بونابرت وهو في خضم قراءته لواقع آسيا والعالم، إن “الصين تنين نائم، لا توقظوه، لأنه عندما يستيقظ سيهتز العالم”، هو قراءة لما سيكون عليه عالمنا اليوم، فهل سيهتز؟

إمبراطور فرنسا صاحب هذه المقولة لم يعاصر الصين الحالية، لكنه كان يتمتع بالفطنة لفهم قوتها الهائلة وأهميتها المستقبلية، حيث يجد البعض أنها أثبتت بعد قرنين من التوقع صحة النبوءة.

ويتابع، في العالم ساحات قتال ساخنة، ينغمس فيها حلفاء بكين الرئيسيون، وتحديدا روسيا التي لم ينفك زعيمها فلاديمير بوتين يطلق الدعوة بإصرار للعمل على إحداث تغيير في النظام الدولي القائم.

فالزعيم الروسي لا يترك مناسبة إلا ويعلن ذلك، خصوصا أن الدب الروسي استيقظ منذ عام 2014، وذهب نحو ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا رغم المعارضة الغربية، وها هو اليوم يخوض حربا مفتوحة على كافة الاحتمالات مع حلف شمال الأطلسي “الناتو” على خلفية حربه مع أوكرانيا.

رغم ذلك، لم تنجح روسيا في حربها مع الغرب بإيقاظ التنين النائم، فسلكت طريقا مختلفة في المواجهة من خلال إطلاقها مفاجأة مدعومة صينيا.

وبرز ذلك من خلال ما تمّ التأكيد عليه في قمة مجموعة “بريكس” التي انعقدت بتاريخ 23 تشرين الأول/أكتوبر الفائت في قازان الروسية، بشأن ضرورة إيجاد عملة للتبادلات التجارية بديلة عن الدولار، الذي تعتمده واشنطن كسياسة “عقابية”.

وبغض النظر عما إن كانت هناك عقبات ستحد من نجاح هذه الخطوة، فإنها ستفتح حتما المجال لخطوات أخرى في المستقبل بهدف “إزاحة” الهيمنة الغربية على النظام العالمي، بحسب كاتب المقال.

ليست هناك مؤشرات حقيقية تؤكد استيقاظ ذلك التنين، لأن أولويات الصين قد لا تلتقي مع أولويات حلفائها، رغم رغبتها في تعديل النظام الدولي. لكن الصين تحتاج إلى عدو قوي ومتمكن على الساحة الدولية، يتمثل في الولايات المتحدة، لأن الاستفزازات الأميركية لا تضعف من عزيمة الصين بل تحفز شركاتها نحو المزيد من التطور، وما شركات الاتصالات الصينية إلا نموذج لذلك.

لم يعد مستغربا هذا الصمت الصيني، والذي يحلله البعض بأن بكين ليست مهتمة بأي حرب مباشرة مع الولايات المتحدة، فهي بحاجة إلى تعزيز اقتصادها الذي شهد تراجعا في النمو في الفترة الأخيرة..

وقد أعلنت وزارة المالية الصينية في 12 تشرين الأول/أكتوبر الفائت أنها ستطرح سلة من التدابير السياسية لدعم الاقتصاد، بالإضافة إلى دراسة أدوات جديدة مرتبطة بالسياسة النقدية، من دون إعطاء أي حجم محدد للخطوات المستقبلية وفق “بلومبيرغ”.

لهذا ربما تكون روسيا قد أخذت قرار المواجهة بشكل متسرع دون التنسيق مع بكين، التي تستمهل وضع نفسها في صراع مع الغرب.

يشير الكاتب إلى أن الصيني يدرك أن مجموعة “بريكس” ترتكز على الاقتصاد الصيني، وأن اقتصادها لا يمكنه تحقيق النمو إلا بالانفتاح على الغرب لتسهيل التصدير، بينما تنظر هي إلى حليفيها الروسي والإيراني تحديدا كمصدرين للطاقة، وتفرض عليهما البيع لها بأسعار أدنى من سعر السوق، لحاجتهما إلى التصدير لتمويل ميزانية الحرب.

التنين الصيني لا يريد أن يستيقظ وعلى حدوده دولة هندية تحلم بعودة مجدها السابق، ومن خلال فرض منافسة شرسة مع الصين لاحتلال المركز الأول في آسيا. وما صراع الممرات إلا نموذج لذلك، بين ممر “الحزام والطريق” الصيني الذي أعلن عنه الزعيم شي عام 2013، والممر الاقتصادي الهندي الذي تم التوقيع عليه في نيودلهي عام 2023.

وبحسب الكاتب، لن يستيقظ التنين حتى لو دخلت روسيا في حرب مع حلف “الناتو” وأشركت معها كوريا الشمالية، ولن يستيقظ رغم ما تعانيه إيران في حرب “إسرائيل” على الشرق الأوسط، لأن هذا لا يهدد أمن قومها.

ويخلص الكاتب إلى أن ذلك التنين سيبقى نائما لأن بكين غير جاهزة لتصبح مركزا للثقل المالي العالمي، ما دام أن شركاتها لم تزل تنتظر براءات الاختراع الغربي لتستنسخه وتقوم بتشغيله، وما الذكاء الاصطناعي إلا نموذج لهذا.

مقالات ذات صلة