الأحد, ديسمبر 22, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةأخبارهل تستعد فرنسا للمواجهة العسكرية مع روسيا؟

هل تستعد فرنسا للمواجهة العسكرية مع روسيا؟

أعلن وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان ليكورنو، أول أمس الثلاثاء، أنه يدرس جديا إرسال طلبات إلى الشركات المصنعة في قطاع الأسلحة لتسريع الإنتاج، للمرة الأولى منذ بدء الحرب في أوكرانيا.

ويعتبر الضغط الذي يحاول الوزير ممارسته بمثابة خطوة ملموسة في أعقاب التصريحات التي أدلى بها رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون في حزيران/يونيو 2022 لدعم كييف، والمتمثل في اعتماد ما أسماه “اقتصاد الحرب”.

وبينما يصر ليكورنو على ضرورة إعادة التسليح، يحذر في الوقت ذاته من ظهور سياق أمني وتوترات كبيرة بين القوى العالمية، مشيرا إلى أن “الحرب في أوكرانيا تعيد فتح الباب أمام شكل فترة الحرب الباردة من جديد على خلفية القبو النووي الروسي”.

وأكد الوزير خلال مؤتمر صحفي في باريس بمقر هيئة الأركان العامة للجيش- ضرورة “إنتاج المزيد وبشكل أسرع” من أجل ضمان احتياجات الجيش والحفاظ على دعم أوكرانيا.

“تغطية عري الجيش الفرنسي”

بهذا الصدد، يقول السيناتور جيلبير روجيه، النائب السابق لرئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والقوات المسلحة بمجلس الشيوخ، إن زيادة الإنتاج والتكاليف لا تعد أمرا مستحيلا “فقد فعلت الدول الغربية الأمر ذاته خلال الحرب العالمية الثانية”.

وأوضح أن الوزير يضغط على الشركات “لأننا في حالة تتطلب تقديم مساعدات فورية لأوكرانيا ولا يمكننا انتظار الدفاتر حتى تمتلئ بالطلبات”

وأضاف أن الاتحاد الأوروبي فتح خطا ائتمانيا كبيرا إلى حد ما (أكثر من 3 مليارات دولار) لشراء المعدات العسكرية “ولن تمنع معدلات التضخم الدول من إنتاج المزيد ومساعدة كييف”، بحسب ما نقلته “الجزيرة نت”.

من جانبه، يرى المستشار السابق بالخارجية مناف كيلاني أن المؤتمر الصحفي “إعلان سياسي لتغطية عري الجيش” لأن البلاد لا تملك الوسائل اللازمة لجيوشها، خاصة فيما يتعلق بالقدرة العسكرية، مثل طائرات “إي إم إكس” التي دمرها الروس.

ويتمثل السبب وراء ضعف أداء وكفاءة الأسلحة الفرنسية على أرض المعركة في أوكرانيا بكونها “قديمة وغير فعالة لأنه تم تكييفها حصرا للحملات الاستعمارية التي قامت بها منذ الستينيات حتى الآن” وفق نفس المتحدث.

كما وصف كيلاني تصريحات الوزير بأنها “كاذبة ومضللة ومنفصلة عن الواقع” لافتا إلى أن المهنة العسكرية في فرنسا لم تعد تجذب المواطنين بعد أن أقدم عدد من الضباط على الاستقالة وأصبح الجيش يجد صعوبة في تجنيد عناصر جدد.

وقد أعلن وزير الجيوش “لأول مرة” أن بإمكانه استخدام ما يسمح به قانون البرمجة العسكرية، الذي تم اعتماده الخريف الماضي، لفرض طلبات تسريع الإنتاج العسكري وممارسة حق تحديد الأولويات، موضحا أن الطلبات المعنية قد تتعلق بـ”الموظفين أو المخزونات أو أدوات الإنتاج، أو حتى السلع والخدمات التي تستولي عليها الدولة لأسباب إستراتيجية حيوية”.

وفيما يخص وتيرة الإنتاج العسكري، قال ليكورنو إنه يهدف إلى إعطاء الأولوية للاحتياجات العسكرية على المدنية لتسريع الإنتاج.

وانتقد كيلاني هذا القانون الذي تم التصويت عليه من قبل الجمعية الوطنية بدون اعتراض أي من النواب، رغم أنه “يعطي للدولة الحق في اتخاذ هذا النوع من القرارات وفعل ما تريد، وهو ما لم يسبق له مثيل في الديمقراطية الغربية”.

واعتبر المستشار السابق أن تطبيق قانون البرمجة العسكرية يأتي أيضا ضمن “تبرير النقص أو سوء تنفيذ موازنة عامي 2023 و2024 “للقول إن إعداد أنفسنا للدفاع عن أوروبا وأوكرانيا أولوية قصوى”.

ومن خلال تطبيق هذا القانون، يمكن للحكومة أن تقرر الطلب “في حالة وجود تهديد، حالي ومتوقع، يؤثر على الأنشطة الأساسية لحياة الأمة، لحماية السكان والسلامة الإقليمية” أو “ذات طبيعة تبرر تنفيذ الالتزامات الدولية للدولة في مسائل الدفاع”.

دعم أوكرانيا

وقد توصلت فرنسا إلى اتفاق مع أوكرانيا والدانمارك لتمويل وتسليم 78 مدفع هاوتزر ذاتي الدفع من طراز قيصر إلى كييف لتعزيز إمداداتها من القذائف وتلبية احتياجاتها الملحة من الذخيرة ضد القوات الروسية، حسبما أعلن الوزير الفرنسي، الثلاثاء.

كما حددت الوزارة شكل دعمها لأوكرانيا، بما في ذلك إنتاج 100 ألف قذيفة من عيار 155 ملليمترا هذا العام على أن يخصص 80 ألفا منها لأوكرانيا، مقارنة بـ30 ألفا توصلت بها منذ بداية الحرب في 24 شباط/فبراير 2022.

ويكشف كيلاني ما يحدث بأن فرنسا اتخذت مكان ألمانيا لتطبيق وتنفيذ مخططات السياسات الأميركية بالقارة الأوروبية، موضحا أن الألمان “استطاعوا تبرير مشاركتهم المعتدلة في الحرب الأوكرانية بعد تسريبهم المتعمد للمحادثة بين كبار ضباط قواتهم الجوية قبل بضعة أسابيع”.

واستبعد المستشار السابق بالخارجية استخدام أعضاء “الناتو” المادة الخامسة من المعاهدة التأسيسية للحلف، التي تنص على الالتزام بالحماية المتبادلة، لأن “الجميع يختبئون خلف إصبعهم” متبعين بذلك “عقيدة أوباما” أي القيادة من الخلف وعدم الانخراط بشكل مباشر في الحرب، على حد تعبيره.

إرسال أولى الوحدات العسكرية إلى أوكرانيا

يذكر أنه منذ حوالي الأسبوع، أكد مدير جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية سيرغي ناريشكين أن موسكو لديها معلومات تفيد بأن فرنسا تقوم بإعداد وحدة عسكرية يصل عددها بشكل أولي إلى نحو ألفي شخص لإرسالها إلى أوكرانيا.

وقال ناريشكين: “القيادة الحالية للبلاد (فرنسا) لا تهتم باحتمال وفاة المواطنين الفرنسيين وبمخاوف الجنرالات”، بحسب ما نقله موقع “روسيا اليوم”.

وأضاف: “وفقا للبيانات التي تلقتها المخابرات الخارجية الروسية، يتم بالفعل إعداد وحدة لإرسالها إلى أوكرانيا.. في المرحلة الأولى سيصل العدد إلى نحو 2000 شخص”.

وأشار مدير جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية إلى أن الجيش الفرنسي يخشى من عدم إمكانية نقل مثل هذه الوحدة المهمة بهدوء وصمت إلى أوكرانيا والتمركز هناك.

واختتم ناريشكين حديثه قائلا: “ستصبح (الوحدة الفرنسية) هدفا مشروعا ذا أولوية لهجمات القوات المسلحة الروسية. وهذا يعني أنها ستواجه مصير جميع الفرنسيين الذين جاءوا إلى أراضي العالم الروسي بالسيف”.

وفي وقت سابق لم يستبعد الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون إرسال قوات غربية إلى أوكرانيا. وأكد ماكرون في وقت لاحق تعليقا على هذه التصريحات أنه تحدث بكامل وعيه عن إمكانية إرسال قوات غربية إلى أوكرانيا، قائلا إنه “وزن” كلماته و”فكر فيها مليا”.

وسبق أن شدد سيرغي ناريشكين على أن تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزعماء أوروبيين آخرين بشأن إرسال قوات من الناتو إلى أوكرانيا “خطيرة للغاية”، معتبرا أنها تدفع إلى حافة حرب نووية”.

كذلك قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، في وقت سابق إن هزيمة أوكرانيا في الصراع الحالي تهدد بصدام عسكري مباشر بين حلف شمال الأطلسي (الناتو) وروسيا.

التهديد الروسي

وتعليقا على التوترات الأخيرة بين فرنسا وروسيا، يرى السناتور السابق أنها دفعت إلى ممارسة الضغط لإنتاج المزيد من العتاد العسكري، لافتا إلى “ضرورة أخذ عملية إعادة التسلح والتعزيز الصناعي بعين الاعتبار من قبل جميع شركاء القطاع الخاص لأننا بحاجة إلى مزيد من الغواصات والطائرات بدون طيار”.

في المقابل، اعتبر المستشار كيلاني أن فرنسا على منحدر زلق نحو المواجهة المفتوحة مع روسيا منذ عام 2014 عقب إلغائها طلبية حاملة الطائرات الميسترال “مما أدى لفقدانها المصداقية والسيادة على وسائلها وقدراتها، سواء كانت عسكرية أو سياسية أو اقتصادية، لأنها تتبع فقط أوامر الناتو، وهو منظمة أميركية آخر المطاف”.

تفوق روسي

في ذات السياق، ذكرت مجلة “إيكونوميست”، الخميس، أن قدوم الربيع بدفئه  التي تعيق تحرك الجيش الروسي على طول الجبهة-

قد يجلب بعض الراحة لأوكرانيا. لكنه لن يدوم طويلا، لأن الصيف سيأتي ومعه مخاوف بأن تشن موسكو هجوما جديدا كبيرا كما فعلت العام الماضي.

يأتي ذلك في وقت تبدو فيه قدرة أوكرانيا على المواجهة أقل مما كانت عليه آنذاك، مما يعني أنها تحتاج بشكل عاجل إلى حشد المزيد من القوات وبناء دفاعات أكثر قوة على الخطوط الأمامية.

وأضافت المجلة بأنها تتفهم لماذا تتوجه كييف باللوم لساسة العالم على محنتها، بسبب انشغالهم بالشرق الأوسط ومشاكلهم الاقتصادية والانتخابات الأميركية المقبلة، حتى أصبحوا مشتتين، خاصة بعد القرار الذي اتخذه الجمهوريون المؤيدون للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في الكونغرس بمنع الحزمة العسكرية التي قدمتها إدارة الرئيس جو بايدن لأوكرانيا بقيمة 61 مليار دولار، مما سيكون له تأثير على خط المواجهة وفوق المدن الأوكرانية.

ونبهت المجلة إلى أن الجنود الأوكرانيين مضطرون الآن إلى الاقتصاد في استخدام قذائفهم، وسط تفوق روسي يصل أحيانا إلى نسبة 5-1، حيث أطلق الروس أكثر من 150 مسيرة وصاروخا على أوكرانيا في ليلة واحدة، في حين أن الأخيرة لم تعد لديها صواريخ اعتراضية.

وبالتالي فإن الطريق المسدود الذي وصلت إليه أميركا، كما تقول المجلة، يهدد بالسماح لروسيا باختراق الخطوط الدفاعية غير الكافية في أوكرانيا.

وما يزيد الوضع سوءا أن أداء الأوروبيين لم يكن أفضل بكثير رغم أحاديث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المتشددة التي تصر على ضرورة هزيمة روسيا، دون أن يرسل سوى القليل من المعدات للمساعدة في تحقيق ذلك، ولا يزال المستشار الألماني أولاف شولتس يرفض تقديم صواريخ توروس القوية والبعيدة المدى، بحسب المجلة.

مشاكل الحلفاء

وتابعت “إيكونوميست” بأن أوروبا فشلت في تحقيق هدفها المتمثل في إرسال مليون قذيفة إلى أوكرانيا بحلول هذا الشهر، رغم جهود التشيك لتعويض النقص، إلا أن المال هو الآخر يطرح مشكلة، كان على أوروبا أن تساعد في حلها، ولكن بولندا وفرنسا، بين دول أخرى، تحاول منع صادرات أوكرانيا الزراعية الحيوية من أجل حماية مزارعيها.

ومع ذلك، تخلص المجلة إلى أن أوكرانيا لا تستطيع أن تلوم حلفاءها ببساطة، لأنها مذنبة بارتكاب الأخطاء هي الأخرى، حيث لا تزال عملية التجنيد متعثرة، والرئيس فولوديمير زيلينسكي لم يبذل قصارى جهده لدفع الموضوع بسبب نقص الأموال والخوف على شعبيته.

ومن ناحية أخرى تأخرت كييف كثيرا في تعزيز مواقعها الدفاعية التي بدأت فيها الآن، لأنها لا تزال تحلم بشن هجوم مضاد جديد، وتخشى أن يتحول خط المواجهة الحالي إلى ما يشبه الحدود، خاصة أنه يستولي على خمس البلاد ويحرمها من معظم منافذها البحرية.

مقالات ذات صلة