الجمعة, ديسمبر 13, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةالواجهة الرئيسيةهل ندعم تراثاً مستداماً؟!

هل ندعم تراثاً مستداماً؟!

هاشتاغ_سامر ضاحي

يعد الحفاظ على التقاليد والممارسات الثقافية أمرًا ضروريًا للحفاظ على الهوية والتراث الفريدين للمجتمعات المحلية. ومع ذلك، عندما تصبح المجتمعات نفسها ضحية الآثار الضارة لبعض هذه العادات، يصبح من الضروري إعادة النظر فيها انطلاقاً من المسؤولية المجتمعية لنا. فتبرز أهمية الحفاظ على العادات والتقاليد مع إجراء التغييرات اللازمة لحماية البيئة وصحة الإنسان بشكل عام في هذه المجتمعات.

يعد عيد البربارة أو “القوزلة” من الأعياد الراسخة تاريخياً في عدد من المناطق السورية اهمها منطقة الساحل، ومنها على سبيل المثال لا الحصر قريتي وعديد القرى المجاورة، وترتبط الاحتفالات فيها بعدد من الممارسات التقليدية أهمها طبخ مادة الهريسة (قمح ولحم) وكذلك إيقاد النيران في فترة المغرب.

ولأسباب عديدة اعتاد الاهالي استعمال الإطارات القديمة لإشعال النيران توفيراً للحطب، لكنها بالمقابل تبعث اطنان من الأمتار المكعبة من الغازات الملوثة، والخطر الأكبر يتركز حين يشارك الأطفال في هذه الاحتفالات ويتحلقون حول النيران المشتعلة متنشقين هواءها، مع ما قد يتسبب به ذلك من مشاكل للجهاز التنفسي، والقلب والأوعية الدموية، والآثار طويلة المدى للتعرض للملوثات.

أقرأ المزيد: قمم المسارات المفقودة!

من الضرورة التفكير بمعالجة المخاطر البيئية المرتبطة ببعض الممارسات حتى لو كانت تراثية او وليدة الحاضر، فحرق الإطارات القديمة، وانبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون والملوثات السامة يشكل عبئا إضافياً على ساحل تكتظ سماؤه بانبعاثات مصفاة بانياس والمحطة الحرارية ومعمل الإسمنت بمعدل قرابة معمل تلوث كل عشرين كيلومتراً.

ولمواجهة هذه التحديات، لا بد من التفكير بتبني المجتمع الطرطوسي تغييرات تعطي الأولوية للاستدامة البيئية: عبر التفكير ببدائل منطقية لإشعال النيران بعيداً عن استعمال الحطب مثل الأغصان المجففة أو الخيزران، بما يقلل من مخاطر التلوث، وكذلك يمكن استخدام ألعاب نارية صديقة للبيئة تنبعث منها ملوثات أقل، بالإضافة إلى العمل على تعزيز برامج ومبادرات إعادة التدوير لتقليل النفايات وتشجيع ممارسات إدارة النفايات المسؤولة، إلى جانب القيام بحملات توعوية لتثقيف أفراد المجتمع حول الآثار البيئية للممارسات التقليدية المرتبطة بالعادات والتقاليد وغيرها وتعزيز الشعور بالمسؤولية البيئية.

ومن خلال تطبيق مثل هذه الممارسات المستدامة، يمكن تحسين جودة الهواء، وتحسين الصحة العامة، وتعزيز المشاركة الإيجابية للمجتمع من خلال الجهود التعاونية والالتزام المشترك بالمسؤولية البيئية. وبذلك يمكننا تقديم نموذج للآخرين يكون مصدر إلهام للمجتمعات الأخرى التي تسعى إلى تحقيق التوازن بين التراث والاستدامة البيئية.

بالمجمل ما قيل سابقاً ينطبق على كثير من الممارسات التي تتعلق بالتراث، ومالم نكن صاحين لها فقد لا نجد بيئة تحتضن طقوسنا.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
مقالات ذات صلة