هاشتاغ-مازن بلال
وفق مركز حميميم الروسي للمصالحة السورية فإن الاعتداء الإسرائيلي طال محطة رادار سورية، وهذا الشكل من الاعتداءات يقارب حالة سياسية تحدث عنها وزير الخارجية التركي تشاووش أوغلو عن نوعية الحل السياسي، ففي الحالة التركية وفق تصريحات أوغلو هناك حل سياسي وانتخابات بإشراف الأمم المتحدة، وفي التصور “الإسرائيلي” يبدو أن الحل بدولة سورية منزوعة القوة، وموقف الدولتين يلتقي عند واقع سوري مكشوف استراتيجيا يستند في شرعيته إلى حالة إقليمية ودولية، وليس إلى عقد اجتماعي سوري يؤمن مصالح سورية عليا.
عمليا فإن أوغلو الذي رفض تقسيم سورية حسب تصريحاته، اعتبر أن اللجنة الدستورية لم تستطع التوصل إلى أي نتائج، ويرى أن الدول الضامنة (إيران وروسيا وتركيا) تعمل مع كافة الأطراف السورية من أجل خارطة طريق للتسوية.
ورغم أن الحديث عن وحدة سورية ليس جديدا إلا أنه يستند اليوم إلى مسألتين بالنسبة لأنقرة:
المسألة الأولى أن الحديث عن وحدة الأراضي السورية يأخذ اليوم بعدا عمليا أكثر منه سياسي، فالمناطق الآمنة التي كانت تريدها تركيا كجزء من الحل السياسي غابت لصالح عودة اللاجئين ضمن إطار التسوية السياسية وليس وفق عملية عسكرية كما كان التوجه التركي سابقا.
المفارقة في الموقف التركي تأتي من التشكيك في قدرة الأمم المتحدة على القيام بوضع دستور يؤمن التوافق، بينما تعول على “الدول الضامنة” وتترك مسألة الهيئات الدولية للمراحل المتأخرة في العملية عبر الإشراف على الانتخابات، وبهذه الصورة فإن الدول الضامنة هي طرف في مواجهة طرف آخر هي الدول الأوروبية والولايات المتحدة الداعمة لمسار جنيف، وبهذا التصور فإن الحل السوري أصبح ضمن الانشقاق الدولي العميق الذي تشكل مع بدء الحرب الأوكرانية.
المسألة الثانية مرتبطة بخلاف بات واضحا بين التوجه التركي وأطراف المعارضة التي تدعمها أنقرة، فالسياسة التركية مهتمة في الظرف الدولي الحالي بنفوذها الإقليمي حتى ولو جاء عبر تفاهمات سياسية، في الوقت الذي تقرأ الأطراف السورية الأزمة بصيغة أبعد ما تكون عن المرونة التي بدأت أنقرة وغيرها من الدول اعتمادها في الموضوع السوري.
قدم أوغلو مقاربة بين الحالتين السورية والليبية، وبغض النظر عن صحة هذه المقاربة لكنها تكشف طبيعة العمل السياسي لأنقرة واعتماده على تصفية التوتر لصالح التفاهمات السياسية، إلا أن مثل هذه “التفاهمات” قائمة على دولة “مكشوفة” استراتيجيا وتستمد وجودها من نوعية القوة للدول المنخرطة في “الأزمة السياسية”، وتلتقي “إسرائيل” وتركيا في هذا التوجه حيث تفضلان وفق المؤشرات على الأقل التعامل مع أطراف داخلية وليس مع دولة بقوة سياسية، فأنقرة تعتبر أنها نجحت في ليبيا وهو أمر يدعو للاستغراب، ومنطقها على ما يبدو يستند إلى علاقاتها مع الميليشيات أكثر من أشكال الشرعية التي تتجاوز حالة الفصائل المسلحة.
هناك بلا شك تحول في زاوية النظر التركية، لكنه لا يقدم أي ضمانات للشرعية السورية الداخلية، فهو يرى أن التعامل مع الأمر الواقع بوجود الدولة السورية أمر لابد منه ولكن ضمن شرط آخر هو النفوذ لأنقرة ضمن السياسة السورية عموما، ورغم أن هذا الأمر لا يتم الإعلان عنه لكنه موجود في الحديث عن “الدول الضامنة” وعن الحل السياسي الذي مازال يستند إلى “الهشاشة” في التوافق بدل التعامل مع الدولة السورية بشكل مباشر.