السبت, أبريل 19, 2025
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةالواجهة الرئيسيةواشنطن بوست: الإعلان الدستوري للحكومة السورية المؤقتة "شريعة إسلامية بغطاء أنيق"

واشنطن بوست: الإعلان الدستوري للحكومة السورية المؤقتة “شريعة إسلامية بغطاء أنيق”

هاشتاغ: ترجمة

في الوقت الذي يدرس فيه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب انسحاب القوات الأميركية المتمركزة في سوريا، وإيقافه بعض برامج المساعدات الإنسانية للبلد الذي مزقته الحرب، يتزايد خلافه مع حلفائه في أوروبا والشرق الأوسط الذين تحركوا لدعم الحكومة السورية الجديدة.

سرعان ما تضاءل نفوذ إيران وروسيا فيما كان يُعرف سابقا بشريكهما الإقليمي الأكثر تبعية، منذ أن أطاحت القوات التي يقودها الرئيس أحمد الشرع، المتحالف سابقا مع تنظيم “القاعدة”، ببشار الأسد في كانون الاول/ديسمبر.

ورغم أن الشرع تواصل مع الغرب فيما يراه العديد من حلفاء الولايات المتحدة – باستثناء إسرائيل – فرصة لتحقيق نصر في منطقة مضطربة وخطيرة، إلا ان إدارة ترامب، التي لا تزال تُبقي على عقوبات عهد الأسد على دمشق، مترددة.

ووفقا لـ تقرير صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، قال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية: “نواصل التعامل مع سوريا بحذر شديد” حتى يثبت الشرع أنه تخلص من المتشددين الإسلاميين الأجانب وبقايا تنظيم القاعدة، ويُظهر قدرته على توحيد الأقليات المتباينة في سوريا”.

وأضاف المسؤول، وهو واحد من عدة مسؤولين أميركيين وأجانب تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم: “نحن لا نتطلع بالضرورة إلى إنقاذ سوريا من أجل الشعب السوري. نحن ننظر إلى عدم عودة إيران وعدم عودة (الدولة الإسلامية) كمصلحة حيوية للشعب الأميركي هناك”.

ويقول العديد من الحلفاء والخبراء الإقليميين والمشرعين الأميركيين من كلا الحزبين إن تردد إدارة ترامب قد يضمن نفس الأشياء التي تحاول منعها.

رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ جيمس إي. ريش، قال في جلسة استماع في شباط/فبراير: “إن المشاركة المفرطة في وقت مبكر جدا قد تخلق المزيد من المعضلات الأمنية”، وأضاف: “لكن عدم المشاركة أو قلة المشاركة سيمنح روسيا وإيران القدرة على ممارسة نفوذ كبير مرة أخرى”.

وأشار ريش: “الباب مفتوح، لكنه سيُغلق في وجوهنا إذا لم نستغل وضعنا الراهن”.

بعد شهرين، لم تُقرر الإدارة بعد ما إذا كانت ستدخل من الباب أم تغلقه. وقال دبلوماسي أوروبي حثّ واشنطن على المشاركة في إعادة تأهيل سوريا: “الأميركيون واضحون لنا، للأسف، أنهم يفتقرون إلى سياسة واضحة”.

مطالب واشنطن

في اجتماع دولي عُقد في بروكسل الشهر الماضي، سلّم مسؤول متوسط ​​المستوى في إدارة ترامب، وزير الخارجية السوري الجديد قائمة تضم ثماني خطوات “لبناء الثقة” يتعين على حكومته اتخاذها للنظر في تخفيف العقوبات جزئيا.

وتتضمن القائمة، التي اطلعت صحيفة “واشنطن بوست” على نسخة منها، السماح للحكومة الأميركية بإجراء عمليات مكافحة الإرهاب على الأراضي السورية ضد أي شخص تعتبره واشنطن تهديدا للأمن القومي.

كما تُلزم القائمة الحكومة السورية “بإصدار إعلان رسمي عام يحظر جميع الميليشيات الفلسطينية والأنشطة السياسية” على الأراضي السورية وترحيل أعضاء هذه الجماعات “لتهدئة المخاوف الإسرائيلية”.

وحتى مع تفكير الإدارة في سحب جزء كبير من الوجود الأمريكي في سوريا، طالبت القائمة أيضا دمشق بإصدار إعلان رسمي بدعم عملية العزم الصلب، وهي مهمة حوالي 2000 جندي أميركي متمركزين هناك ضد “تنظيم الدولة الإسلامية”.

منذ توليه منصبه، لم يتحدث ترامب الكثير عن سوريا.  عندما سُئل بعد فترة وجيزة من تنصيبه عما إذا كان سيسحب القوات الأميركية – التي قيل إنه أمر بسحبها ثلاث مرات خلال ولايته الأولى قبل أن يُقنع بالتراجع عنها – قال إنه “سيتخذ قرارا بشأن ذلك”.

وأضاف أن سوريا “في فوضى عارمة. لديهم ما يكفي من الفوضى هناك. لا يحتاجون إلى تدخلنا في كل منها.”

وفي ظل حالة عدم الاستقرار الواسعة في المنطقة، تُحافظ الولايات المتحدة على دعمها القوي لحرب إسرائيل في غزة، وتشن غارات جوية منتظمة ضد الحوثيين في اليمن، وتدعم حكومة هشة في لبنان، وتُفكر في عمل عسكري ضد إيران.

وفي حين أن الانسحاب الكامل للقوات الأميركية في سوريا ليس قيد الدراسة حاليا، فإن التخطيط العسكري جار “لتقليص” و”تعزيز” الوجود الأمريكي، وفقا لمسؤول دفاعي يوم الأربعاء.

وقال المسؤول، في إشارة إلى المفاوضات بين طهران وواشنطن بشأن البرنامج النووي الإيراني التي بدأت الأسبوع الماضي: “الأمور تسير على ما يُرام بالفعل، على الرغم من أنهم على الأرجح لن يُعلنوا عن أي شيء قبل محادثات إيران”.  ومن المقرر عقد جولة ثانية من المحادثات في روما في نهاية هذا الأسبوع.

لكن مسؤولا أميركيا، قال إنه كان هناك توقعات بأن الإدارة ستخفض عدد القوات “إلى الحد الأدنى… أعتقد أننا سننخفض إلى مكان صغير جدا في الشمال الشرقي”.

ولم يتضح بعد مدى تأثر خطط الانسحاب الأميركية بالأحداث على الأرض. إذ يزيد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” من هجماته في شرق سوريا سعيا منه للاستفادة من أي فراغ يخلفه تقليص الوجود الروسي واحتمال رحيل الولايات المتحدة.

من بين الأهداف الأكثر نضجا معسكرات الاعتقال في شمال شرق سوريا التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، والتي تضم حوالي 9000 مقاتل من “داعش” و40 ألفا من أفراد عائلاتهم. تعمل قوات سوريا الديمقراطية تحت إشراف القوات الأميركية هناك، وبمساعدة استخباراتية وأسلحة منها.

اختبار نوايا الشرع

يقول الحلفاء والخبراء الإقليميون إن لديهم مخاوف أوسع نطاقا. يشكك الكثيرون في التزام الشرع وقدرته على بناء دولة مركزية شاملة وديمقراطية، ويدعون إلى اتباع نهج تدريجي لاختبار نوايا الحكومة الجديدة وقدرتها على البقاء. لكن بدون رفع تدريجي للعقوبات على الأقل، “لن يتمكن الشرع من تلبية احتياجات شعبه”، كما قال مروان المعشر، نائب رئيس ‘مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي” ووزير خارجية الأردن الأسبق.

وأضاف المعشر: “الكهرباء متوفرة لبضع ساعات فقط يوميا… والاقتصاد في حالة يرثى لها. بدون رفع العقوبات، لن يتمكن من إحراز تقدم. ما لم يتمكن من إحراز تقدم، فسيكون في ورطة”.  على الرغم من أن إدارة بايدن ألغت مكافأة قدرها 10 ملايين دولار على رأس الشرع في كانون الأول/ديسمبر، إلا أن تصنيف الولايات المتحدة لسوريا كدولة داعمة للإرهاب لا يزال قائما.

مع استمرار العقوبات في شل الجهود في دمشق لإنعاش الاقتصاد، تحاول روسيا استعادة موطئ قدمها بشحنات النفط والضروريات الأخرى. قال جيمس إف جيفري، الدبلوماسي الأميركي المتقاعد الذي شغل منصب المبعوث الخاص لترامب إلى سوريا في ولايته الأولى: “ستجد إيران طريقا للعودة إلى سوريا” إذا لم تدعم دمشق شركاء متعددي الجنسيات.

إعلان “شريعة إسلامية بغطاء أنيق”

وفق الـ “واشنطن بوست”، يُنظر إلى سيباستيان جوركا، المدير الأول لمكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي، على أنه يقود الهجوم ضد أي تنازلات. قال جوركا في مقابلة الأسبوع الماضي: “لا أعتقد أن أحدا ذرف دمعة على سقوط نظام الأسد”، ولكن: “ما لديك في دمشق الآن ليس نوعا من الديمقراطيين الجيفرسونيين”.

كان الشرع، الملقب بأبي محمد الجولاني، عضوا مؤسسا في جبهة النصرة، وهي جماعة مناهضة للأسد بدأت كفرع من تنظيم القاعدة، لكنها أعلنت في عام 2016 انفصالها عن التنظيم المتطرف. وقال جوركا في المقابلة: “كل ما نعرفه هو أن ما يُسمى بالرئيس المؤقت قد قال إن الشريعة الإسلامية ستكون قانون سوريا”. وأضاف: “لذا، لا يزال مصير الجولاني معلقا في سوريا”.

وأشار تقرير الصحيفة الأميركية إلى أعمال العنف الطائفية التي تندلع بشكل متكرر، وكان أبرزها الشهر الماضي عندما قُوبل هجوم شنته مجموعة من الموالين من الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد على القوات الحكومية قرب ساحل البحر الأبيض المتوسط ​​بعمليات انتقامية عنيفة من القوات الحكومية السنية الجديدة، مما أسفر عن خسائر فادحة في صفوف المدنيين.

وقال مسؤول كبير في الإدارة: “نحن ننظر إلى ما يفعلونه، وليس إلى ما يقولونه”.  لا تزال واشنطن متشككة بشأن الحكومة السورية الجديدة المعينة، والتي تفتقر إلى تمثيل يُذكر للأقليات، بينما تضم ​​في مناصب بارزة مقاتلين أجانب متطرفين لعبوا أدوارا رئيسية في الإطاحة بالأسد. وقال المسؤول إن الإعلان الدستوري للحكومة المؤقتة ليس أكثر من “شريعة إسلامية بغطاء أنيق”.

من جهته، كبير مفاوضي ترامب ومبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، أظهر وجهة نظر أكثر تفاؤلا تجاه الحكومة الجديدة. وقال ويتكوف في مقابلة الشهر الماضي مع مذيع “فوكس نيوز” السابق، تاكر كارلسون: “تشير المؤشرات إلى أن الجولاني أصبح شخصا مختلفا عما كان عليه في السابق”.

وأضاف ويتكوف: “الناس قادرون على التغيير”. وأشار إلى أن تطبيع العلاقات مع سوريا قد يكون جزءا من اتفاق سلام “ملحمي” في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

تنافس تركيا وإسرائيل

إلى ذلك، اقترب حليفان إقليميان رئيسيان للولايات المتحدة في المنطقة – إسرائيل وتركيا – من الصراع المباشر مع تنافسهما على دعم ترامب لأهدافهما المختلفة لمستقبل سوريا.

لدى تركيا العديد من الحوافز التي تدفعها إلى الرغبة في استقرار حكومة الشرع، بما في ذلك عودة ملايين اللاجئين السوريين الذين فروا من الحرب التي استمرت 13 عاما، وقمع مطالب الأكراد السوريين بإقامة دولتهم الخاصة على الحدود التركية أو دور مهم في سوريا الجديدة، ومكانة أكثر هيمنة في المنطقة وفرص استثمارية لاقتصاد أنقرة المتعثر.

وقال مسؤول تركي: “على حد علمنا، تحاول الإدارة الأميركية أن تقرر ما إذا كانت ستبقى في سوريا أم لا”. وفي محادثات مع مسؤولين أميركيين، أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن دمشق، بدعم من تركيا، يمكنها إبقاء تنظيم الدولة الإسلامية تحت السيطرة مع القضاء على الحاجة إلى القوات الكردية المسلحة التابعة لقوات سوريا الديمقراطية، وفق تعبيره.

 إسرائيل، التي تعتبر الشرع “إسلاميا متطرفا في ثوب حمل”، تُفضّل سوريا ضعيفة ولامركزية على حدودها. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي لطالما توترت علاقاته بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال اجتماع في المكتب البيضاوي مع ترامب الأسبوع الماضي: “لا نريد أن نرى سوريا تُستخدم من قِبل أي جهة، بما في ذلك تركيا، كقاعدة لمهاجمة إسرائيل”.

يذكر أنه بعد أيام من الإطاحة بالأسد في كانون الأول/ديسمبر، بدأت إسرائيل بقصف منشآت عسكرية تابعة لجيش الأسد السابق، وكان آخرها قاعدة جوية في تدمر، جنوب دمشق، كانت تركيا تتطلع إليها. كما احتلت القوات الإسرائيلية أراض على بُعد عدة أميال داخل جنوب غرب سوريا، وعرضت حوافز مالية على الدروز وغيرهم من الأقليات لمقاومة الحكومة الجديدة.

وفي اجتماعه مع نتنياهو الأسبوع الماضي في المكتب البيضاوي، قال ترامب للزعيم الإسرائيلي إنه يُحب أردوغان “وأردوغان يُحبني”. واضاف: “أعتقد أنني أستطيع حل أي مشكلة مع تركيا. أعني، طالما أنك مُتعقل”.

المصدر: واشنطن بوست

مقالات ذات صلة