على وقع قرقعة الأواني المنزلية ورائحة الأرز المطهو مع الدجاج، يتناوب عشرات المتطوعين في مدينة حلب
في شمال سوريا على توضيب وجبات طعام ساخنة، بهدف توزيعها على عائلات شرّدها الزلزال المدمر أو صدّع منازلها.
وكخلية نحل لا تهدأ، يتقاسم متطوعو جمعية ساعد الخيرية المهام داخل قبو تابع لحديقة عامة في المدينة، في مبادرة من سلسلة مبادرات تطوعية تشهدها حلب ومدن سورية أخرى ضربها الزلزال، ومركزه في تركيا، في السادس من الشهر الحالي، متسبباً بمقتل قرابة 46 ألف شخص في البلدين.
محاطين بأكياس من الخضار وصوان من الأرز، يعمل قرابة مئة متطوع من مختلف الأعمار بالتناوب داخل المطبخ الجماعي لإعداد وجبات على مدار الساعة، استفاد منها حتى الآن قرابة سبعين ألف شخص في المدينة.
ويقول مؤسس المبادرة، عصام حبّال، لوكالة فرانس برس، “نوزع وجباتنا في الغالب على مراكز الإيواء (..) إضافة لفرق جوالة توزع الطعام على الناس المشردة في الحدائق والشوارع”.
ويُضيف حبّال الذي تنشط جمعيته، ومقرها في دمشق، في إطعام المحتاجين خصوصاً خلال شهر رمضان “كانت الاستجابة هذه المرة مختلفة” لأنها “طارئة ومستعجلة ولم نكن مستعدين لها”.
ويوضح حبال “نحن في مدينة حلب المشهورة بمطبخها ووجباتها وناسها الذواقة” مضيفا “لذا لا نقبل أن تكون وجباتنا أقل جودة من تلك التي توضع على موائد الحلبيين عادة”.
عروض ترفيهية
بعد مشاهدتها طفلة في السادسة من عمرها ترسم بعد يومين من الزلزال الأول على ورقة أمامها دوائر متداخلة وتقول لمن حولها “أنا أرسم الزلزال”، قررت الفنانة المتخصصة في مسرح الأطفال، صونا سلوكجيان، أن تخصّص وقتها للترفيه عن الأطفال الذين روّعهم الزلزال.
وتقول سلوكجيان (38 عاماً) “شاهدت الخوف في عيون الطفلة، وشاهدت الخوف في عيون ابنتيّ، وقررت أن أتطوع في الشيء الذي أحبه، الغناء والرقص مع الأطفال”.
ومنذ نحو أسبوعين، تنتقل سلوكجيان مع ابنتيها ومتطوعين آخرين عصر كل يوم من مركز إيواء لآخر من أجل تقديم عروض ترفيهية.
وتوضح “ثمة مبادرات عدّة لتقديم الطعام، لكن ذلك لا يكفي وحده” لافتة الى أن “الطفل لا يحتاج الطعام والشراب فحسب، بل يريد أن يلعب وينسى”.
وعلى خشبة مسرح تابع لكنيسة مار الياس في حي الفيلات في حلب، قدّمت سلوكجيان برفقة مهرّج عرضاً فنياً حضره العشرات من كبار وصغار، من المقيمين في مركز إيواء تابع للكنيسة يضم أكثر من 800 شخص شرّدهم الزلزال.
وعلى المسرح، يلتفّ الأطفال حولها وهي تردّد أغانيهم: بعضهم يعانقها بينما لا يترك طفل مُصاب بالتوحد يدها، تنهمر دموعها وهي تغنّي له وتضع يدها على رأسه.
وقرب صونا، تؤدي لِيلا حركات بهلوانية وهي ترتدي زي المهرّج، ويتجمع عشرات الأطفال حولها ويقهقهون ويطلبون التقاط الصور معها.
وتقول الشابة بتأثر : “هذا أقل ما يمكن أن نقدمه (..) ليس الأطفال وحدهم من يفرحون، أشعر كأنني خارج الزمن، أشعر بالأمان” خلال تقديم العرض.