Site icon هاشتاغ

وسط اختصاصاتها المثيرة للجدل.. كيف يمكن للمحكمة مقاضاة نتنياهو وغالانت؟

تسببت المحكمة الجنائية الدولية، ومقرها في لاهاي، في جدل عالمي واسع عقب إصدارها مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة.

 

وتسلط هذه الخطوة الضوء على مدى سلطة المحكمة وحدودها، خاصة في ظل مواقف متباينة من الدول الأعضاء وغير الأعضاء في نظام روما الأساسي.

 

اختصاصات المحكمة

تأسست المحكمة الجنائية الدولية قبل أكثر من عقدين، وتتمثل مهمتها الرئيسية في ملاحقة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والإبادة الجماعية والعدوان.

 

وعلى الرغم من أن المحكمة تضم في عضويتها 120 دولة، إلا أن اختصاصاتها القضائية قد تمتد إلى ما هو أبعد من حدود الدول الأعضاء، خصوصاً في الحالات التي يحيلها مجلس الأمن الدولي للتحقيق.

 

وفي القضية الأخيرة، وجهت المحكمة اتهامات لنتنياهو وغالانت باستخدام “التجويع كسلاح حرب”، إلى جانب ارتكاب جرائم أخرى خلال الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة.

 

كما وجهت المحكمة اتهامات لقائد كتائب القسام، محمد الضيف، بارتكاب جرائم ضد الإنسانية على خلفية أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

 

معضلة العضوية وعدم الالتزام

تشكل العضوية في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية أساساً قانونياً حاسماً لتنفيذ مذكرات الاعتقال، ولكن “إسرائيل” ليست عضواً في المحكمة، كما أنها ترفض الاعتراف بسلطتها.

 

ومن المفارقات أن السلطة الفلسطينية، التي لا تعترف بها العديد من الدول كدولة مستقلة، قد انضمت إلى المحكمة، مما يمنحها صلاحية التقدم بشكاوى ضد “إسرائيل”.

 

كما أن الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين ليست أعضاء أيضاً، وترفض التعاون مع المحكمة.

 

ومن المعروف أن المحكمة أصدرت مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في عام 2023، ومع ذلك، زار بوتين دولاً أعضاء دون أن يتم اعتقاله، مما يعكس صعوبة إنفاذ أوامر المحكمة حتى بين الدول الموقعة على نظامها.

 

التوترات داخل مجلس الأمن

تُعد إحالة القضايا إلى المحكمة من قبل مجلس الأمن الدولي وسيلة لتوسيع نطاق اختصاصها القضائي ليشمل دولاً غير أعضاء.

 

ومع ذلك، فإن الخلافات بين الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا، والمملكة المتحدة) تجعل من الصعب إصدار مثل هذه الإحالات.

 

ووفقاً للسفير الأميركي السابق ديفيد شيفر، فإن حالة الجمود في مجلس الأمن تجعل من إحالة أي قضية للمحكمة أمرًا مستبعدًا في المستقبل القريب.

 

سابقة تاريخية وحدود التنفيذ

إلى جانب بوتين، سبق أن أصدرت المحكمة الجنائية مذكرات اعتقال بحق الرئيس السوداني السابق عمر البشير، ولكن الأخير تمكن من السفر إلى دول أعضاء في المحكمة دون أن يتم القبض عليه.

 

وفي بعض الحالات، اضطرت السلطات المحلية إلى إصدار أوامر طرد مستعجلة لتجنب تنفيذ مذكرات المحكمة.

 

كما أن المحكمة افتتحت تحقيقات في أفغانستان، شملت اتهامات بارتكاب جرائم حرب من قبل الولايات المتحدة، لكن إدارة الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب فرضت عقوبات على المحكمة والمدعية العامة فاتو بنسودا، ما أجبرها على تعليق القضية.

 

التحديات أمام مذكرات نتنياهو وغالانت

بالنسبة لنتنياهو وغالانت، فإن المعضلة لا تتوقف عند حدود “إسرائيل”، إذ أن المحكمة تعتمد على تعاون الدول الأعضاء لتنفيذ مذكراتها.

 

ومع ذلك، لا توجد ضمانات أن جميع الدول ستلتزم، خاصة في الحالات التي قد تؤثر على علاقاتها الدبلوماسية.

 

على سبيل المثال، أعلن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الذي دعا نتنياهو لزيارة بلاده، أنه سيتجاهل مذكرة الاعتقال الصادرة عن المحكمة.

 

ويأتي هذا الموقف في سياق تاريخ من التردد في تنفيذ مذكرات المحكمة، حيث سبق أن تجاهلت دول أخرى الالتزامات القانونية الدولية تحت ضغوط سياسية.

 

انعكاسات دولية

تطرح مذكرة الاعتقال الأخيرة تساؤلات أوسع حول فعالية المحكمة الجنائية الدولية في فرض العدالة الدولية.

 

فعلى الرغم من سلطتها النظرية، فإنها تعتمد بشكل كبير على الإرادة السياسية للدول الأعضاء، وهو ما يحد من تأثيرها في مواجهة قادة الدول الكبرى أو الأفراد الذين يحظون بدعم قوي من حلفائهم.

 

في هذا السياق، قد تشكل مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت اختباراً جديداً لمدى التزام المجتمع الدولي بمبادئ العدالة الدولية، ولكنها قد تواجه أيضاً العقبات نفسها التي حالت دون تنفيذ مذكرات اعتقال سابقة بحق قادة بارزين.

Exit mobile version