الأحد, ديسمبر 22, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةخطوط حمروصف الحدث السوري..

وصف الحدث السوري..

هاشتاغ_رأي مازن بلال

ما تناولته بعض وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي فيما يعرف بـ”مجزرة التضامن” يشكل باباً لرؤية الحدث السوري، فما جرى خلال أكثر من عقد يظهر عصيا عن التوصيف، فهناك “سرديات” لإدانة “الطرف الآخر” دون النظر إلى الفشل العميق في تفكيك الأزمة، والحديث عن “المجازر” بغض النظر عن صحتها هي تأكيد على مسار “السرديات” بدلا من السياسة، واعتماد خلق حالة ذعر من الآخر تمنع في النهاية أي تلاقِ سوري – سوري.

المشكلة اليوم ليست في “إحياء” ذاكرة الموت لأنها سردية لم تتوقف طوال سنوات الحرب؛ فبناء الرعب الذي خلقته الأزمة السورية قائم على “سرديات” تحاول جعل الأزمة معركة بين أخيار وأشرار، بينما يدور الحدث ضمن “مجتمع واحد” بعض النظر عن اصطفافاته الداخلية، فسياسيا يمكن فهم “سردية المجازر” على أنها مسار يظهر من طرف يحتكر الحق، ويفرض أيضا منظومة كاملة لسياق العدالة وذلك على نسق ما حدث في يوغوسلافيا على سبيل المثال فقط، وفي سورية يمكن ملاحظة أمرين:

الأول أن تحويل الأزمة لأخيار وأشرار هو تجاوز لأي حل سياسي أو مصالحة وطنية، والأهم أنه عدم اعتراف بأن “الأزمة السورية” تحدث في مجتمع محدد أنجز منذ بداية القرن الماضي دولة واستقلالا وعلاقات على المستويين الاجتماعي والسياسي.

العلاقات بين المجتمع والدولة السورية هي محور الحدث السوري، ومنها يمكن أن تظهر “السردية” أو “الرواية” للأزمة السورية، وكل أحداث العنف التي شهدناها كسوريين لا يمكن أن تنتهي وفق قاعدة “أخيار وأشرار”، لأن هذه القاعدة كانت ولا تزال ضمن أولويات دولية لتفكيك سورية بالدرجة الأولى، وما يعنيه “التفكيك” هو إنهائها كحالة مثلت “كتلة صلبة” منذ عام 1918 تاريخ أول مؤتمر لتأسيس الدولة السورية الحديثة.

الثاني اعتبار خروج الأزمة السورية من “دائرة السرديات” التي توثقها بعض الأطراف هو بداية انتهاء التأزم السوري عموما، فما حدث في سورية ليس سرديات بل “صراع علاقات” تحتاج إلى إعادة ترتيب كي تصبح “علاقات منتجة”.

هناك تجاوز خطير على طول “الأزمة السورية” للعلاقات التي تحكم سورية داخليا، وهو أمر مقصود منذ أول مؤتمر لجنيف وضع قواعد الحل وفق توازن إقليمي غير مؤكد، وأي “سردية” ظهرت سابقا أو يمكن أن تظهر حاليا هي تأكيد على وضع كافة السوريين ضمن تأرجح التوازنات القلقة، والابتعاد عن مساحة الاستقرار التي يريدها السوريون.

وصف الحدث السوري هو سياق علاقات وليس تصنيفا لأخيار وأشرار، وفي المقابل فإن الخلافات في السرديات حول تفاصيل ما حدث طوال السنوات الماضية لا تعفينا من الاعتراف بإخفاق “العلاقات” التي رافقت الأزمة، فالفوضى العارمة التي حدثت مع تطور الأزمة تحتاج لوضع كافة السرديات ضمن بناء العلاقات الجديدة، وعدم تركها لعبث السياسة الدولية التي تحتل اليوم موقع “الحكم المطلق” القادر على اختراق كل شيء وإدانته أو تبرئته، فليس هناك من قيم مطلقة أو عدالة من منطق العلاقات الدولية، فهناك توازنات فقط تخدم القوى المركزية ضمن النظام الدولي.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

مقالات ذات صلة