الأربعاء, فبراير 5, 2025
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

2022.. ماذا بعد؟

هاشتاغ-نضال الخضري

تبقى الأعوام لونا يعبر بنا نحو مساحة لم تعد مقروءة، فنحن مع سنوات نعجز عن نسج أشكال قادرة على رسم ملامح جديدة، وربما يصعب اختيار حدث لأن “الحدث” اختارنا، ووضعنا ضمن ترنيمة ميلاد مستمرة في سورية منذ ظهور المسيح.

فتلك العذابات نكتبها في تاريخنا، ونضعها تعويذة وكأنها الخلاص الذي لم يأت، وسورية لا يمكن مشاهدتها في عام أو حتى عقود، والحرب التي أصبحت تقويما هي في النهاية “شكل الخلاص” المفقود.

تشكلت ملامحنا في عام 2011 وبعدها ربما فقدنا القدرة على تمييز الزمن، لأن الحروب لا تجمع التصورات أو الذكريات، إنما تجمع “الذعر” وتضعه تاجا فوق السنوات، و “ملامحنا” تبدو موزعة على عقد كامل تائه في غربة خاصة ومختلفة عن غربة تاريخنا، وعن آلام المسيح التي ترافقنا بمعالم الخصب والتسامح، وبالقدرة على تشكيل “ملمح” آخر يختصر الأزمنة، ولكن عام 2011 علمنا ألا نثق بقناعاتنا ولا بتلك الحماية لأرض يراها الجميع مقدسة، ويبدو لنا أن جمالها متعب من المعاني التي يفرضها علينا.

ما تغير بنا في عام 2022 لا يرتبط بمسار الحرب، فهناك اختناق مختلف تتجمع حوله الأزمنة وترتد نحو “الزمن البدئي” حيث الاختلاف حالة دهشة، ورؤية الآخر نوع من تجاوز كل القوانين التي ظهرت بعد الزمن المجهول، فنحن لم نعش فقرا أو ألما جديدا، لأن “الشح” الذي يحاصرنا يتقلب بنا بعيدا، ويرمينا على صحراء علاقات لم نكونها، ولم نستطيع رغم وحشة الحرب أن نجعلها صفحات لحياة نحلم بها.

العام الذي يرحل مكتوب خارج الحرب، فهو ثرثرة الناقمين وعجز المستضعفين و “غثاء” النخب التي تترك لنا سرديات كراهية، وهو تجوال في ذوات لم تشوهها الحرب إنما استنسختها في صفحات الفردية المطلقة لحرب لا عمق لها، ولا ألوان فيها رغم كل مزيح الانفجارات التي أحاطت بنا طوال عقد من زمن.

لا خلاصات لعام سيرحل.. فهو شذوذ لحالة بقاء غير مسبوقة، سحبت أنفاس البعض وتركت الكثيرين غرباء فيما بينهم، لا يلفهم الفقر أو المعاناة، بل يطوقهم العجز عن فهم أن الحروب لا تنته لأنها تحز في القلوب وربما تمنع لون الحب من الولادة، ففي عام واحد كنا مرسومين فوق الدائرة المغلقة لزمن يتكرر ويجفف أي علاقة يمكن أن تكسر قاعدة الحرب التي كتبناها بشكل سريع، ثم جعلناها أرضا نعيش عليها.

كل القلوب المكسرة تبدو مع نهاية هذا العام “طوق مناجاة” في أعناق الجميع، وفي زمن لا يمكن لـ”المناجاة” أن ترسم لحنا أو تحقق رغبة، فالهاربون من الحرب يروننا في “مساحة عنجهية” الخلاص الذاتي، والباقون يكتبون من جديد فشل الجميع في جعل الحرب ذكرى مدفونة داخل أرض بقيت في “خلاصة التاريخ” الذي ندعي أننا اخترعناه.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
مقالات ذات صلة