قالت مديرة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة، سليمى الخليفي، ورئيسة مبادرة “لا لقهر النساء”، أميرة عثمان، إن عناصر من قوات الدعم السريع ضربوا إحدى الأمهات السودانيات كانت تسير مع ابنتيها، 14 و13 عاما، مساء الأحد، واختطفوا الفتاتين.
واستنفر سكان المنطقة “وحشدوا الأحياء المجاورة قبل أن تقوم عناصر الدعم السريع بإنزال الفتيات في مكان بعيد عن تجمهر الأهالي في الحادية عشر مساء، بعد حوالي خمس ساعات من اختطافهن”، بحسب الخليفي وعثمان.
وتقول عثمان إنه “يتم اختطاف النساء في وضح النهار، ويتم استعبادهن أو اغتصابهن”.
وكشفت الخليفي في حديثها مع موقع “الحرة”، أرقاما صادمة، وثقتها الوحدة التي تديرها، والتي تتبع وزارة التنمية الاجتماعية.
تزايد الحالات
تقول “بلغ إجمالي حالات الاعتداء الجنسي في الخرطوم 42 حالة، وفي نيالا 25 حالة”، بينما سجلنا في الجنينة 21 حالة عنف جنسي مرتبط بالنزاع”.
كما عبرت عن أسفها “لتنامي حالات الاختفاء القسري للنساء والفتيات وتزايد حالات العنف الجنسي المتصل بالنزاع بمعدل لا يتناسب مع البلاغات المسجلة لديها”.
تلفت الخليفي إلى أن “معظم البلاغات في الخرطوم قيدت ضد قوات الدعم السريع وبعضها ضد مجهول في إطار عمليات سطو ونهب”.
وتضيف “لكن جميع الناجيات في نيالا والجنينة أفدن في شهاداتهن أن الاعتداءات كانت على يد عناصر من قوات الدعم السريع”.
لكن الخليفي تؤكد في الوقت ذاته أن هذه الأرقام لا تدل على حقيقة الوضع، وأنها لا تمثل إلا اثنين في المئة فقط من عدد الحالات الحقيقي.
وتشير إلى أن “هناك الكثير ممن لا يستطعن الإبلاغ أو الوصول إلينا، فضلا عن أن الجريمة نفسها ليست من نوع الجرائم التي يتم الحديث عنها”.
“كما أن الصمت في أماكن النزاع قد يحمي الضحايا والناجيات من أن يطالهن أذى أكبر”. حسب الخليفي.
وتقول عثمان إن “معظم الضحايا في أماكن في نطاق الدعم السريع، وحديثهن عما يحدث لهن من عنف جنسي، يعرض حياتهن لخطر أكبر هو الموت، ولذلك فالأفضل لهن هو عدم الكلام”.
وتضيف عثمان “قد يكون الإعلان عن تزايد حالات العنف الجنسي في السودان، لأن الدعم السريع تمدد ودخل في أماكن لها صوت مسموع، ربما كانت تحدث هذه الجرائم بنفس الوتيرة في مناطق أخرى لكن في أحياء أخرى فقيرة ليس لديها إمكانية الوصول للإعلام مثلا”.
ووفقاً للخليفي إن هناك تواترا عن وجود حالات عنف جنسي ضد النساء في تسع ولايات من أصل 18 ولاية في السودان.
وقالت “ليس لدينا توثيق مؤكد، لكن هناك شهادات من أشخاص وشهود عيان ولجان حماية”.
وأكدت الخليفي أن “أي عنف جنسي يصدر ضد النساء جريمة حرب ولدينا اتفاقية مع الأمم المتحدة في هذا الإطار”.
توقيع اتفاق مع الأمم المتحدة
ووقّع السودان في مارس 2020 على اتفاق إطاري مع الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال العنف الجنسي المتصل بالنزاع.
والاتفاق يخص ولايات دارفور “وهو ركن مهم ومحوري في خطة حماية المدنيين المعتمدة من مجلس الأمن الدولي”، بحسب الخليفي.
في حين أشارت إلى أنه منذ اندلاع الحرب في السودان في 15 نيسان/أبريل الماضي تستمر الانتهاكات بحق المدنيين في ولايات دارفور، ولا سيما غرب دارفور وعاصمتها الجنينة.
وأضافت: “مع دمار البنية التحتية وانعدام الأمن، تتعرض النساء والفتيات لمخاطر عدة، بدءا من الموت والعنف الجنسي بأشكاله المختلفة والتهديد والاختطاف، وهي مخاطر لم تسلم منها حتى النساء الهاربات من جحيم الحرب ليصبحن لاجئات مرة أخرى من التهديد والنهب والقتل”.
عرضة للخطر
وتعتبر الخليفي أن كل النساء في كل مناطق الاشتباكات معرضات للخطر وللعنف الجنسي خاصة، في ظل اختفاء أدوات الحماية ودور القانون.
كما تشير إلى صعوبة عملهن في توثيق الحالات.
وتنتقد الخليفي ما تعتبره صمتا من المجتمع الدولي “أنا عايشت العنف الجنسي ضد النساء في دارفور منذ 2004 إلى 2006”.
وتكمل “ما يحدث حاليا هو تكرار لما حدث سابقا، لكن الفرق أن المجتمع الدولي الآن يتحرك ببطء كبير ولا يعير المسألة اهتماما كما حدث سابقا”.
كما تتساءل “هل النساء السود الذين ألهموا العالم في ثورة كانون الأول/ديسمبر المجيدة يستحقون هذا التجاهل الحاصل”.