هاشتاغ – أيهم أسد
تبدو عملية الانتقال إلى اللامركزية الإدارية في سوريا عملية عسيرة نوعاً ما، مثلها مثل عمليات الإصلاح الاقتصادي والإصلاح الإداري، فالإصلاح الاقتصادي توقف تماماً منذ زمن والإصلاح الإدارية ما زال في بداياته ويصعب الحكم على نتائجه.
وبالعودة إلى اللامركزية الإدارية والتي يحدد مضمونها بدقة قانون الإدارة المحلية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 107 في عام 2011، نجد أن حركة الخطة الوطنية للامركزية هي حركة بطيئة تماماً، توقفت خلال سنوات الحرب كلها، وها هي الآن تعاود السير على طريق تطبيقها.
والخطة الوطنية اللامركزية هي الخطة التي يتم بموجبها نقل الاختصاصات والصلاحيات من السلطة المركزية إلى السلطة المحلية، أي إلى مجالس الوحدات الإدارية ومكاتبها التنفيذية والأجهزة المرتبطة بها.
وبموجب القانون 107 يتولى المجلس الأعلى للإدارة المحلية وضع الخطة الوطنية للامركزية وفق برنامج زمني محدد ويشرف على تنفيذها ويدعم هذه الخطة وينسق مع كل الجهات المعنية في سبيل تنفيذها.
وقد نص القانون عند صدوره على أن يقوم المجلس الأعلى للإدارة المحلية خلال فترة زمنية لا تزيد على ستة أشهر من تاريخ صدور القانون بإصدار الخطة الوطنية للامركزية، كما نص على أن تحدد الخطة الوطنية للامركزية برنامجاً زمنياً ضمن فترة أقصاها خمس سنوات يجوز تمديدها لمرة واحدة لاستكمال نقل الاختصاصات المنصوص عليها في هذا القانون إلى المجالس المحلية.
ومر حتى الآن قرابة 12 عاماً على تاريخ صدور قانون الإدارة المحلية، ولم نعرف ما هو التقدم المحرز في مجال تطبيق الخطة الوطنية للامركزية، وأي من الوزارات تم نقل اختصاصاتها وصلاحياتها للمجالس المحلية وكيف يتم ذلك؟ وما هي الاختصاصات والصلاحيات التي سوف يتم نقلها دون غيرها؟ وماذا تفعل الحكومة السورية اليوم من أجل تسريع ذلك الانتقال.
يعتبر الانتقال إلى اللامركزية الإدارية حالة تغييرية في نمط اقتسام السلطة والمسؤولية كما أنه حالة تغييرية في علاقة المجتمع مع موارده ومؤسساته المحلية والمركزية، وبالتالي، ومثل أي عملية تغيير تقوم بها المجتمعات، فإن الانتقال إلى اللامركزية الإدارية سيواجه مقاومة التغيير وذلك بسبب اختلال مراكز السلطة الإدارية التقليدية وخلق مستويات جديدة من السلطات والمسؤوليات الإدارية المحلية لم تكن موجودة سابقاً.
ومثله مثل أي عملية إصلاح مشابهة فإن هناك خاسرين ورابحين على المستوى الفردي وعلى المستوى المؤسسي، ومن هنا منبع المقاومة للتغير، وتحديداً من قبل الخاسرين لمكتسبات تاريخية إدارية أو مالية قد استقروا ضمنها لزمن طويل واعتادوا على نعيمها ونتيجة لتلك المقاومة للتغير فإن النتائج ستأخذ أحد خيارين:
الأول: هو عرقلة وتأخير إنجاز المشروع الوطني للامركزية الإدارية لأطول زمن ممكن من قبل مستويات إدارية مختلفة تمديداً لحالة الاستفادة من النفوذ.
الثاني: هو مسخ مكونات المشروع الوطني للامركزية الإدارية من خلال تقليص ما يمكن نقله من اختصاصات وصلاحيات للوحدات الإدارية وتقزيم دورها اللامركزي.
ولكن الحل الجذري في مثل هذه المشروعات الوطنية هو وجود الإرادة السياسية الحاسمة لتغليب الوطني على الشخصي، وللدفع بالمشروع الوطني إلى أقصاه دون تأخيره أو تشويهه، وهذا بالضبط ما ينتظره المجتمع السوري اليوم بشأن الخطة الوطنية للامركزية.