هاشتاغ – أيهم أسد
بدأت كل حكومات العالم مع نهاية عام 2023 باستعراض ما أنجزته في اقتصاداتها من خلال عرض أهم المؤشرات الاقتصادية الكلية أو القطاعية كمعدلات النمو الاقتصادي والبطالة والتضخم وقيم الصادرات والواردات وقيم التحويلات الخارجية، بالإضافة إلى عرض حكومات تلك الدول لما أنفقته خلال العام وما حصلت من إيرادات وكيف تغيرت لديها مستويات المعيشية ومستويات الفقر وغيرها من المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية.
كما قامت تلك الدول بتحديد نسب التطور أو التراجع في تلك المؤشرات، والأهم من ذلك كله أنها قامت بنشر تلك المعلومات على الملأ وللرأي العام والمختصين من خلال الإعلام، إما على لسان أحد المسؤولين الاقتصاديين مباشرة، أو من خلال نشر التقارير الاقتصادية المعدة من قبل المؤسسات الاقتصادية والتي توضح تطور حالة الاقتصاد.
أقرأ المزيد: سلاسل القيمة الفكرية
ومن هذه الوقائع ندرك تماماً أن تلك الدول كانت تثابر خلال العام على جمع وتصنيف وتحليل البيانات وإنتاج المؤشرات دون تأخر في ذلك من أجل تقديمها للرأي العام والمختصين وإطلاعهم على ما أنجزته أو ما أخفقت في إنجازه، وبالتالي تكون قد تعاملت مع المواطنين والمختصين بمنطق الشفافية والمسؤولية والاحترام والحق في المعرفة.
وإذا نظرنا إلى الحالة السورية فيما يتعلق بهذه النقطة تحديداً، ألا وهي إطلاع الرأي العام والمختصين نهاية العام الحالي على ما أنجزته الحكومة طيلة عام 2023، أو لإطلاع الرأي العام والمختصين على تطور المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية فماذا سوف نجد؟
سوف نجد حالة من الفراغ التام تجاه كل المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، وسوف نجد حالة من السكون التام تجاه كل الأحداث التي مرت على الاقتصاد، ولن نجد إلا الحجج والمبررات المكررة حيال الواقع الاقتصادي.
سوف ندخل عام 2024 وأحدث رقم إحصائي رسمي منشور يعود لعام 2021
سوف ندخل عام 2024 ونحن لا نعرف كم هي معدلات البطالة الحقيقية ومعدلات التضخم ومعدلات النمو الاقتصادي.
سوف ندخل عام 2024 ونحن لا نعرف هل ارتفعت مستويات الفقر أم انخفضت؟
أقرأ المزيد: اللامركزية الإدارية لا تأخير ولا تقزيم
سوف ندخل عام 2024 ونحن لا نعرف هل حصلت الحكومة المزيد من الضرائب أم حصلت أقل؟ وممن حصلت تلك الضرائب؟
سوف ندخل عام 2024 ونحن لا نعرف كيف توزع الدخل الوطني بين المواطنين ومن حصل على ماذا.
سوف ندخل عام 2024 ونحن نفتقد للغة المكاشفة والشفافية والموضوعية، نفتقد للغة المؤشرات والأرقام.
ونسأل الآن: لماذا لم تطور الحكومة السورية تقليداً مؤسسياً بأن يظهر أحد المسؤولين الاقتصاديين ويتحدث عن تطور المؤشرات الاقتصادية نهاية كل عام؟ أو ما الذي يمنعها من عرض تقرير عام حول حالة الاقتصاد يتضمن أهم مؤشراته؟
هل هو الضعف الحكومي في جمع وتصنيف وتحليل البيانات وإنتاج المؤشرات في توقيتها الصحيح؟ أي هل هو ضعف وظيفي؟ أم هو الانكفاء الحكومي عن المواطنين والابتعاد عن الإفصاح؟ أي هل هو ضعف اتصالي؟ أم هو كليهما معاً؟ أم هو لأسباب لأخرى يا ترى؟
ننتظر من حكومتنا أن تقدم لنا إفصاحاً، ولو أولياً، عن مؤشرات اقتصادنا الوطني خلال عام 2023.
فمن حقنا أن نعرف… أليس كذلك..