الخميس, ديسمبر 12, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةكلام الناسأزمة الجنوب السوري

أزمة الجنوب السوري

هاشتاغ_مازن بلال

في محافظتي درعا والسويداء أزمة مزدوجة تظهر في الاشتباكات على الحدود الأردنية السورية، إضافة للحوادث الأمنية سواء عبر عمليات إطلاق النار أو الاعتصامات في السويداء، ومع عدم وجود بيانات رسمية سورية حول ما يحدث، فإن الحكومة الأردنية تعلن بشكل دوري عن اشتباكات أو استهداف لمهربين يحاولن عبور الحدود، ورغم الطبيعة الواضحة لهذه العمليات لكنها تتشابك سياسيا، فهي تتجاوز بشكلها المسائل الأمنية وتؤشر على أزمة عميقة خلفتها الحرب السورية.

بالتأكيد فإن الحدود الجنوبية السورية ليست حيوية فقط لحركة التجارة “إقليميا” فقط، بل أيضا للدور السياسي السورية المعطل نتيجة الحصار الاقتصادي والحرب الطويلة، ورغم العديد من الإجراءات الإقليمية أو حتى الثنائية بين دمشق وعمان، فإن المعابر الحدودية بين البلدين لم تأخذ وضعها الطبيعي كبوابات بين الشمال والجنوب في شرقي المتوسط، بينما تبدو خطوات الأردن العسكرية ضد حركة التهريب نوعا من تخفيف نتائج فقدان الحدود لدورها الحقيقي، ومن الصعب وسط التصعيد العام في المنطقة معرفة ما ستؤول إليه العمليات العسكرية الأردنية.

أقرأ المزيد: سورية.. النهايات الحدية

بالنسبة لسورية فإن الأزمة تبدو أعمق من كل الأحداث الأمنية، ومتشابكة مع التوترات في محافظة السويداء، وهي بالمجمل تعبر عن واقع اقتصادي أكثر من كونه شأنا أمنيا خالصا، وسواء تعلق الأمر بالتظاهرات في السويداء التي بدأت كمطالب معيشية، وتشظت لتصبح اعتراضات غير محددة لشؤون سياسية متنوعة، أو ما يجري في محافظة درعا من عمليات تهريب وحوادث أمنية؛ فإن الحلول هي في الاستقرار الاقتصادي الذي يُضيق من جهة على مسائل “التهريب” التي تنتعش في ظل الفقر، ومن جانب آخر يتيح لأجهزة الدولة تحريك عمليات التنمية بشكل يعزل التطرف الأمني الذي يتجلى بالاغتيالات أو التهريب أو التظاهرات.

ضمن المستوى السياسي فإن التحرك السوري على الحدود الجنوبية محكوم باعتبارات متعددة، فهي طوال عقد كامل كانت مسرحا لحركة المجموعات المسلحة وانتهت بتفاهمات روسية – أمريكية جعلت من جنوب السوري منطقة حمراء يصعب على الحومة السورية التحرك فيها، وتخضع أيضا لاعتبارين أساسيين:

الأول أنها جغرافية تحتفظ الولايات المتحدة فيها بدور مؤجل حتى ظهور الحل السياسي، فقاعدتها البعيدة في التنف هي ليست تواجد عسكري فقط، بل أيضا ضمن التأثير السياسي الذي يمنع حل المشاكل في الجنوب دون شروط أمريكية.

أقرأ المزيد: سورية.. العبور لعالم جديد

الثاني أن الجنوب الغربي لسورية كان يمثل الحزام الأمني لسورية في مواجهة “إسرائيل”، وهو ما عملت المجموعات المسلحة على تدميره طوال سنوات الحرب، فالقاعدة العسكرية الصلبة التي امتلكتها سورية في المثلث الحدودي السوري – الأردني – “الإسرائيلي” لمتعد متوفرة وهو ما نعكس سلبا على الوضع الأمني عموما.

ما يدفعه الجنوب السوري اليوم من حوادث أمنية ومصاعب اقتصادية يرتبط بالدرجة الأولى في مسألة التفاهم الإقليمي على الدور السوري، وعلى الحد من تأثيرات سورية كعقدة اتصال في المنطقة ووضع هذا الأمر خارج إطار التأثير السياسي، وفي النهاية فإن مسألة التوترات في الجنوب السوري ستبقى كمؤشر على خلافات إقليمية وربما دولية حول موقع سورية في الأمن الإقليمي العام.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
مقالات ذات صلة