هاشتاغ _ نضال الخضري
بعض أشكال الفرح تداهمنا وتترك بصمات من الدهشة، فعندما يفوز المنتخب السوري على الهند في تصفيات كأس آسيا يتكسر إيقاع المدينة لساعات قليلة، قبل أن يعود لمساره الطبيعي بعد حدث ربما لا يوازي بالأهمية أي تفصيل سوري آخر، لكنه قادم من “أفق الأمل” الذي يطوف على السوريين كل صباح.
ورغم أن الخيبات المتراكمة خففت من ألق المباراة قبل لحظات الفوز، لكن الحديث استمر حول الصورة التي انطبعت عن فرحة عابرة تخترق الحياة السورية.
“الانتصار” بذاته لا يغير شيئا في العلاقة الحالية بين الناس وهمومهم، وعندما يتخذ أي شخص موقع “الراصد” لهذا الحدث فإنه بالتأكيد سيتلمس المزاج المنخفض لهذا الفوز، فهناك فتور في المتابعة قبل أن ترسم نهاية المباراة قفزة فرح وسط مشهد غريب، فلا أحد قادر على متابعة سياق المباراة، وربما تبقى “الشاشة” الوحيدة في ساحة الأمويين نافذة السوريين لمتابعة ما يجري، ومقارنة لمباريات ماضية فإن الأعداد القليلة التي توقفت أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون لمتابعة التفاصيل لا تحمل صورة شغف حقيقي بالفوز، إنما نوعا من الفضول لما يجري خارج إطار الروتين اليومي.
بالتأكيد شغف السوريين بالحدث الرياضي مستمر رغم كل الظروف، وذاكرتنا تحمل لونا قديما للإعلام الرياضي الذي كان رائجا قبل أكثر من عقد؛ قبل أن تقلص الحرب من مساحته الواسعة، وإذا كانت وسائل الإعلام اليوم لا تقدم صورة عن اهتمام السوريين بأنشطة رياضية كما كانت تفعل سابقا، فلأن الاضطراب بدل الأولويات لكنه لم يكسر جماهير النوادي السورية عن المتابعة المباشرة لنشاطات أنديتهم، ورصد هذا المزاج يقدم صورة رغبة خاصة للخروج من كل مخلفات الحرب.
جزء من الرياضة يحرك الحياة ضمن هامش مختلف، والفوز على الهند ربما يمر عابرا وسط الصور السورية المتكررة، لكنه في النهاية مسار موازٍ يقفز إليه البعض للهروب من بؤس التفاصيل التي تحاصرهم، فيشعرون ولو لساعات قليلة أن الشغف بالحياة هو اللون الطبيعي الذي يميز البشرية، فالمسألة ليست في مباراة حقق فيها فريق ما الفوز، إنما في التعبير عن روح المنافسة التي يحملها جمهور المباراة، وربما يكفي الانضمام لفعل جماعي حتى تتشابك الفرحة مع كل لحظة من أي مباراة.
ما حدث لم يكن فوزا رياضيا على الهند إنما نافذة يمكن العبور منها لزمن نسيناه، وهو ما يجري دائما عندما نشهد منافسات محلية ترفع من إيقاع الحياة وتدفع نحو تفاؤل خاص بشأن المزاج السوري الذي يعود نحو روح المنافسة للمتعة وليس لفرض ثقافة الحرب كما حدث خلال سنوات الأزمة، فالفوز السوري على الهند أيقظ “المتعة” التي افتقدناها نتيجة الظرف القاسي، وهي متعة داخلية تدفع الكثيرين للبحث عن التشويق في حدث عام لا يشاركون فيه سوى في الترقب، أو رفع معنويات من يخوضون المنافسة، وفي النهاية هناك شعور إنساني ربما يتفوق على كل أشكال القسوة التي نحياها، ويرسم فرحة سريعة لانتصار لا يؤدي لضرر أو إيذاء لأحد