هاشتاغ_ إيفين دوبا
تشكل الجامعات الخاصة في سوريا بيئة خصبة للتحايل على القوانين عبر التهرب من التزامها بشروط تأسيسها ودفع ما يتوجب عليها من مستحقات لخزينة الدولة.
إلا أن الأكثر غرابة من ذلك هو تهاون و’تواطؤ” المسؤولين في وزارة التعليم العالي في هذه اللعبة التي رافقت مسيرة الجامعات الخاصة منذ إنشائها وختى اليوم.
هذا” التواطؤ” كلف وما يزال، الخزينة العامة للدولة مليارات الليرات، وحول ما يفترض أنها مؤسسات تعليمية رائدة إلى مجرد شركات همها الربح وتحصيل أموال طائلة من طلابها، بمخالفة لشروط تأسيسها الواضحة والصريحة. وبالمقابل؛ دفع ما يتوجب عليها للخزينة “بالقطارة”.
بالوثائق والأرقام..
وحسب وثائق خاصة حصل عليها “هاشتاغ” فقد درست وزارة التعليم العالي ملف الهيئة التعليمية في الجامعات الخاصة والتراكم والتأخر في إنجاز الدراسة منذ العام 2017/2018.
وتم حصر المخالفات التي بلغ مجموعها ما يقارب 42.6 مليار ليرة عن كل عام دراسي بعد إنجاز دراسة مبدئية ل22 جامعة خاصة عن لأعوام الدراسية من 2019 حتى 2022 وأوصت بضرورة البدء بدراسة ملفات العام الدراسي 2022\2023.
وحسب الوثائق فقد تم التركيز على موضوع الفارق الكبير لليرة السورية بين العام 2018\2019 والعام 2023
وبالتالي فإن مبالغ المخالفات التي كان من المفترض أن يكون قد تم تسديده لخزينة الدولة العامة تراجعت قيمته ليتضاعف المبلغ المطلوب تحصيله أكثر من 33 مرة بناء على القدرة الشرائية للسوريين بين عامي 2018 و 2023.
وبعملية حسابية بسيطة يتبين أنّ هذا التأخير فوّت على خزينة الدولة 100 مليار ليرة في قيمة مخالفات العام الدراسي 2018\2019 فقط.
وحسب الوثائق يوجد 23 جامعة خاصة، وفي حال تطبيق المرسوم تبلغ مخالفة كل جامعة بالحد الأدنى من الأعوام المذكورة 5 مليار لكل جامعة أي 127 مليار للجامعات ال23.
تريث..!
وبعد إجراء دراسة أولية من قبل وزارة التعليم العالي ورغم “دهشتها” من حجم المخالفات والمبالغ المترتبة على الجامعات إلا أنها تريثت بإصدار قرار تحصيلها وحاولت تخفيض المبالغ عبر تقديم تفسيرات جديدة، للتقليل من كتلة أرقام المخالفات وتحويلها إلى لجنة عامة لتبرير مخالفات بعض الجامعات.
وزارة التعليم العالي تباطأت في كشف المخالفات وتعامت عن تنفيذ عقوبة المخالفات لتكون النتيجة تحصيل بضع ملايين “بالقطارة” وفي حال استمرت بذلك فإنها تحرم خزينة الدولة من ترليون ليرة سورية حسب قول مصادر خاصة في وزارة التعليم العالي لهاشتاغ.
مخالفات بالجملة..
المصادر تحدثت لهاشتاغ عن أنّ مجموع مبالغ الغرامات المفروضة على الجامعات تتعلق بالقبول الجامعي أو النقل خلافاً لقواعد وشروط القبول والنقل والتكليف بالتدريس من غير حملة شهادة الدكتوراة أو ما يعادلها خلافاً للأنظمة المعتمدة.
إضافةً إلى عدم توافر مرافق الخدمات الصحية أو العامة أو الخاصة في الجامعات وفروقات قواعد الاعتماد.
أيضاً، من أهم مخالفات الجامعات الخاصة المسجلة زيادة عدد الطلاب مقارنة بعدد الأساتذة، مع العلم أن الجامعات الحكومية تعاني نقصاً في الكادر التعليمي.
يذكر أنه وخلال إعداد المادة، علم هاشتاغ من مصادر خاصة في الوزارة أن المعنيين على متابعة ملفات الهيئة التعليمية طلبوا من اللجان الخاصة الإسراع بإنجاز تحصيل “ما تيسر” لهم من المخالفات المستحقة على الجامعات الخاصة.
فأين المحاسبة ولماذا تتأخر وتنحرف عن مسارها؟
لا وجود للكمال!
رئيس مجلس التعليم العالي في الوزارة الدكتور ماهر ملندي لم يخفِ وجود مخالفات في عمل بعض الجامعات الخاصة.
وقال “ملندي” لهاشتاغ إنه لا يمكن الوصول إلى مرحلة الكمال كما أنه لا يمكن التستر على أخطاء ومخالفات الجامعات الخاصة تحت أي سبب كان.
وأضاف:” تم الانتهاء من تحصيل مبالغ مخالفات أعوام 2018 و2019 والآن يتم العمل على تحصيل مبالغ 2020
وهناك لجان معتمدة للتدقيق بعضها يتألف من 50 عضو، وبالتالي لا مجال للخطأ أو التستر أو التغاضي”.
وحسب قول “ملندي” فإن العقوبات المفروضة على الجامعات الخاصة بدأت تخف تدريجياً بعد تطبيق نظام المحاسبة المفروض من المرسوم الرئاسي 292.
وفي عام 2018 صدر مرسوم حددت بموجبه لائحة الجزاءات والعقوبات للجامعات الخاصة؛ حيث تراوحت الغرامات المفروضة ما بين مليون و5 ملايين ليرة لنحو 35 عقوبة ومخالفة حددها المرسوم.
وحددت المادة الأولى من المرسوم الذي حمل رقم 292 لعام 2018، 35 مخالفة والعقوبات المالية المتعلقة بها والتي وصلت في البعض منها إلى 5 ملايين ليرة.
ومن المخالفات التي حددها المرسوم: زيادة عدد الطلاب في الشعب التدريسية خلافا لقواعد الاعتماد، عدم الالتزام بخطط تأمين أعضاء الهيئة التدريسية التي وضعتها الجامعة، قبول طلاب مستمعين خلافاً للأنظمة المعتمدة، وزيادة أعداد الطلاب في الورشة أو المخبر أو المرسم خلافاً لقواعد الاعتماد، والتكليف بالتدريس من غير حملة شهادة الدكتواره وغيرها..
ونصت المادة الثانية من المرسوم على أنه يتم ضبط المخالفات من قبل لجان يؤلفها وزير التعليم العالي بعد موافقة مجلس التعليم العالي.
مشرفون ام أعضاء؟
مصادر في وزارة التعليم العالي قالت لهاشتاغ إن كل المخالفات المحددة في المرسوم قد تم ضبطها في أكثر الجامعات الخاصة، لكن ما حصل أن اللجان التي تم تأليفها من قبل الوزارة تضم أعضاءً من بين الكادر التدريسي للجامعة نفسها.
أيضاً، تقول المصادر إن إدارة بعض الجامعات تتقاضى مبالغ كبيرة من أجل قبول طلاب لا يحق لهم التسجيل أو التحويل المماثل، أو تغيير القيد، ضاربة عرض الحائط بالتحصيل العلمي المستحق للطلبة بعد التخرج.
وحسب قول المصادر، فإن الهيئة الوطنية للجودة والاعتمادية مهمتها اعتماد الجامعات الخاصة محققة قواعد ومعايير الاعتماد ولا يجوز أن يكون هناك تبعية للوزارة على عكس ما يحصل.
هذا بالإضافة إلى عدم مصداقية المشرفين على تطبيق المرسوم 292، لكن منع التطبيق وفقاً لمصالح معينة لمسؤولين في الوزارة.
ضياع حقوق وتجاهل واجبات
ليس بعيداً عن المخالفات الواضحة للعلن في بعض الجامعات الخاصة، إلا أنها على مايبدو نسيت دورها وهدفها كرديف للجامعات الحكومية في تطوير المنظومة التعليمية، عندما أصبح اهتمامها كم ستربح من الطلبة الذين قد يبيعون ما يملكون لأجل تأمين مبالغ للدخول إلى لجامعة، وتحقيق رغباتهم التي أجهضتها طرق القبول الجامعي غير العادلة، فاليوم غالبية طلبة الجامعات الخاصة لا يترددون باتهامها بسعيها الواضح للربح لقاء علوم لا قيمة مضافة فيها، إذا ما قورنت بمناهج الجامعات الحكومية، وهذا ملف آخر سيتم فتحه قريباً.