الخميس, ديسمبر 12, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةأخبارالبعث.. هل من مرحلة جديدة؟

البعث.. هل من مرحلة جديدة؟

  • مازن بلال

على أعتاب مؤتمر حزب البعث الذي سينعقد وفق بعض التوقعات في شهر نيسان القادم تظهر صور متعددة لمستقبل العمل السياسي، فالانتخابات التي انتهت مؤخرا جرت على قاعدة تسعى لرسم مرحلة مختلفة بعد زمن من الاضطراب لم يعاني منها البعث فقط بل طالت البنية السياسية السورية بأكملها، فمنذ بداية الأزمة السورية ظهرت عدة تشريعات بشأن التعددية السياسية لكنها بقيت خارج إطار التحول الحقيقي، وحتى المادة الثامنة من الدستور التي تم إلغاؤها، والمرتبطة بقيادة البعث للدولة المجتمع، لم تبدل الكثير من المعطيات القائمة.

 

الرؤية المطروحة اليوم تبدو أنها تحمل محاولة لإنتاج بيئة سياسية، سواء عبر التأكيد على انفصال الحزب عن الدولة، وإتاحة العمل للنقابات بشكل مستقل، وهو ما يتم الآن في الاتحاد الوطني لطلبة السورية، وصولا لإيجاد صيغة في مسألة علاقة الرئاسة مع الحزب، وهذه الإجراءات التي تبدو في ظاهرها مرتبطة بأداء الحزب، إلا أنها في العمق تتعلق بإنتاج مجتمع سياسي مختلف نوعيا، فالمسألة متشعبة وتتجاوز حزب البعث لأنها تمس المساحة السياسية العامة، حيث سينسحب البعث من مساحات احتكرها لنفسه طوال عقود، ونجاح التجربة التي ينوي خوضها سيرتبط بإنتاج سياسي جديد؛ يشكل حالة منافسة أو على أقل تفدير “تشاركية” في رسم سياسات الدولة.

 

عملياً هناك أسئلة مفتوحة لطموح البعث سواء في إجراءته الحالية، أو حتى في التطوير المطروح لرؤيته ونظامه الفكري عموما، فما سيحدث هو تطوير “نظام سياسي” للمرحلة القادمة، وحتى الآن لم يتم تعريف هذا “النظام بالكامل”، وهذه التجربة تعيدنا قليلا للوراء عند محاولة الخروج من “النظام الاشتراكي” إلى “نظام السوق الاجتماعي”، مع فارق خطير هو نتائج الأزمة التي أنهكت البنيتين الاجتماعية والسياسية، فالتشريعات الناظمة للعمل السياسي ستواجه الحالة الجديدة بنوع من التعقيدات غير المسبوقة والمرتبطة بمسألتين أساسيتين:

 

ينص الدستور السوري على التعددية السياسية، لذلك فإن أي إجراء حالي لحزب البعث يمكن اعتباره حالة عادية أو ربما مؤجلة، ولكن مسألة التعددية لم تكن طوال العقد الماضي مسألة نص دستوري، إنما في اعتبار التعددية خاضعة للأمر الواقع الذي يجعل من الأحزاب قوة دون ركائز سياسية، وأمام دولة متداخلة مع الحزب الحاكم بشكل كبير.

 

ظهرت معظم القوى السياسية بعد عام 2011 من خارج المنظومة الاجتماعية، فهي تجمعات لنشطاء لا أكثر، وفي المقابل فإنها واجهت كتلة سياسية متمثلة في البعث ليست أكبر منها فقط بعدد الأعضاء، بل موزعة ضمن مساحة “المجتمع السياسي” ومترابطة مع كافة أجهزة الدولة؛ الأمر الذي جعل أي حزب جديد يقف في “ظل البعث”، وحتى الأحزاب التقليدية القديمة كانت عاجزة عن التحرك أمام جهاز البعث المتشابك مع كافة مؤسسات الدولة.

 

الحياة السياسية هي نتاج ظرف موضوعي أكثر من كونها نص دستوري أو قوانين ناظمة، وهو ما يجعل “التعددية السياسية” ظاهرة تحتاج لعوامل اجتماعية مختلفة على الأخص أن البنى السياسية في سورية تجاوز عمرها النصف قرن، بالمقابل فإن ظهور أحزاب جديدة مازال أمرا مجهولا.

 

النظرة السياسية لمؤتمر حزب البعث القادم لم تختلف عن السابق فإجراءته ماتزال ضمن السياق ذاته، فيتم النظر للبنية السياسية السورية من خلال ما سينتجه البعث وليس عبر الديناميكيات الاجتماعية، ورغم أن ما صدر عن قيادات البعث يتعلق ببنية الحزب نفسه، لكن تأثيراته ستطال “السياسة العامة” إجمالا لأنه ما يزال التشكيل السياسي الأكبر ضمن البنية السياسية السورية.

مقالات ذات صلة