التقى وزير التجارة والصناعة الإسرائيلي، نير بركات، الاثنين، بالوزير السعودي، ماجد القصبي، على هامش مؤتمر تستضيفه الإمارات.
وعبّر الوزير الإسرائيلي عن ثقته في قدرة الجانبين على “صنع التاريخ معا”، حسبما نقلت “رويترز” عن المتحدث باسم بركات.
ويعد اللقاء المصور مع وزير التجارة السعودي حدثا نادرا نظرا لعدم وجود علاقات رسمية بين البلدين، على الرغم من أن الولايات المتحدة تسعى إلى التقريب بينهما.
خلال اللقاء، قال بركات للقصبي بحسب مكتب الوزير الإسرائيلي، إن “دولة إسرائيل مهتمة بالسلام مع الدول الساعية للسلام، ويمكننا أن نصنع التاريخ معا”، بحسب تعبيره.
ويحضر بركات والقصبي المؤتمر الوزاري لمنظمة التجارة العالمية في أبوظبي الذي يهدف إلى وضع قواعد جديدة للتجارة العالمية.
ولا تعترف السعودية بـ”إسرائيل” ولم تنضم إلى اتفاقيات “إبراهيم” التي طبّعت بموجبها الإمارات والبحرين والمغرب علاقاتها مع “إسرائيل”.
وبذلت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، جهودا حثيثة لإقناع السعودية بتطبيع علاقاتها مع “إسرائيل”.
مسار التطبيع
في جولته الخامسة إلى الشرق الأوسط عقب هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر، أكد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أن السعودية لا تزال “مصممة” على مواصلة الجهود نحو التطبيع مع “إسرائيل”، مؤكدا أن ذلك سيتطلب تهدئة الأوضاع في غزة والدفع نحو حل الدولتين.
وقال بلينكن إن “ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، كرر رغبته وتصميمه على مواصلة مساعي تطبيع العلاقات مع إسرائيل”.
وأضاف أن بن سلمان “قال إن التطبيع سيتطلب الهدوء في غزة ومسارا لإقامة دولة فلسطينية”.
و في 6 شباط/فبراير، أفاد البيت الأبيض، بأن إدارة الرئيس جو بايدن تلقت ردا إيجابيا يفيد باستعداد السعودية و”إسرائيل” لمواصلة المناقشات الخاصة بتطبيع العلاقات بينهما.
وقال جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي للصحفيين: “إن إدارة الرئيس جو بايدن تلقت ردا إيجابيا يفيد باستعداد السعودية وإسرائيل لمواصلة المناقشات الخاصة بتطبيع العلاقات بينهما”.
لكن، الرياض انتقدت تصريحات كيربي، التي أشار فيها إلى مناقشات “إيجابية” بهدف تطبيع العلاقات بين السعودية و”إسرائيل”.
وقالت وزارة الخارجية السعودية في بيان إن “المملكة أبلغت موقفها الثابت للإدارة الأميركية بأنه لن تكون هناك علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ما لم يتم الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وإيقاف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وانسحاب كافة أفراد قوات الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة”.
وأضافت الوزارة أنه “فيما يتعلق بالمناقشات الجارية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة بخصوص مسار السلام العربي – الإسرائيلي وفي ضوء ما ورد على لسان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي بهذا الشأن، فإن وزارة الخارجية تؤكد أن موقف المملكة العربية السعودية كان ولا يزال ثابتا تجاه القضية الفلسطينية وضرورة حصول الشعب الفلسطيني الشقيق على حقوقه المشروعة”.
ولفتت الوزراة في بيانها إلى أن “المملكة تؤكد دعوتها للمجتمع الدولي، وعلى وجه الخصوص، الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن التي لم تعترف حتى الآن بالدولة الفلسطينية بأهمية الإسراع في الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ليتمكن الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه المشروعة وليتحقّق السلام الشامل والعادل للجميع”.
ومن جهته، أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أن السبيل الوحيد نحو الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط هو إقامة دولة فلسطينية.
وردا على سؤال عن تطبيع العلاقات مع “إسرائيل”، أشار بن فرحان إلى أن المملكة تركز الآن على التوصل إلى هدنة في حرب غزة.
وخلال مشاركته في مؤتمر ميونخ للأمن، أوضح وزير الخارجية السعودي قائلا: “نحن نركز على وقف إطلاق النار وعلى الانسحاب الإسرائيلي من غزة ونركز على إدخال المساعدات الإنسانية إلى شعب غزة”.
جاء ذلك بالتزامن مع رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بينامين نتنياهو، إقامة دولة فلسطينية، معتبرا أنها ستكون “مكافأة” للفلسطينيين، بحسب زعمه.
أين وصلت الجهود الدبلوماسية؟
ويشار إلى أنه بعد أشهر من الجهود الدبلوماسية التي قادتها الولايات المتحدة لحمل السعودية على تطبيع العلاقات مع “إسرائيل” والاعتراف بها للمرة الأولى، أوقفتها الرياض في تشرين الاول/أكتوبر في مواجهة الغضب العربي المتزايد بعد هجوم 7 تشرين الاول/أكتوبر الذي شنته حركة “حماس”، الذي أدى إلى فتيل الحرب التي تدور رحاها حاليا في قطاع غزة.
لكن مصدرين إقليميين قالا لوكالة “رويترز” إن السعودية تحرص بشكل متزايد على تعزيز أمنها ودرء التهديدات من إيران حتى تتمكن المملكة من المضي قدما في خطتها الطموحة لتحويل اقتصادها وجذب استثمارات أجنبية ضخمة.
وأفادت المصادر بأنه من أجل خلق مساحة للمناورة في المحادثات حول الاعتراف بـ”إسرائيل” وإعادة الاتفاق الأمريكي إلى المسار الصحيح، أبلغ المسؤولون السعوديون نظراءهم الأمريكيين أن الرياض لن تصر على أن تتخذ “إسرائيل” خطوات ملموسة على طريق إنشاء دولة فلسطينية، وستقبل بدلا من ذلك التزاما سياسيا بحل الدولتين، بحسب ما نقلت “رويترز”.
وقال أحد المصادر الإقليمية إن المسؤولين السعوديين حثوا واشنطن سرا على الضغط على “إسرائيل” لإنهاء حرب غزة والالتزام “بأفق سياسي” للدولة الفلسطينية، قائلين إن الرياض ستقوم بعد ذلك بتطبيع العلاقات والمساعدة في تمويل إعادة إعمار غزة.
واعتبرت “رويترز” أن مثل هذه الصفقة الإقليمية الكبرى، والتي ينظر إليها على نطاق واسع باعتبارها بعيدة المنال حتى قبل الحرب بين “إسرائيل” و”حماس”، سوف تظل تواجه العديد من العقبات السياسية والدبلوماسية، وخاصة عدم اليقين بشأن الكيفية التي قد تنتهي إليها الحرب بين “إسرائيل” و”حماس”.