الأحد, ديسمبر 22, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةأخبارالبعث "طريقهم"!

البعث “طريقهم”!

محمد محمود هرشو

لم يمسك البعث بزمام السلطة في سوريا قبل أكثر من خمس عقود بسطوته وتجبره، إنما أسسه مفكرون، وأنجب سياسيين ومخضرمين.

بعد عقود من وصوله الى السلطة أمنت قياداته الحساب فأساءت التصرف.
واليوم، يتحدث الأمين العام للحزب الذي عرف بصراحته وملامسته الموضوعية للقضايا، فيُعلن عنها بصراحة ويؤكد ما هو في أذهان المواطنين؛ أن تلك المشكلات، موجودة في الحزب والحكومة على حد سواء.

يتطرق الأمين العام للحزب خلال اجتماعه مع المفكرين البعثيين علانية ومن دون تردد إلى علاقة الحزب بالحكومة، ويبدو أنه علم ورأى كتباً رسمية وتوجيهات علانية صدرت عن قيادات الحزب للحكومة تخص مواضيع شخصية، ومهاترات فردية.

جرى الحديث خلال الاجتماع المذكور عن علاقة الحزب بالحكومة على لسان أمين عام الحزب، ورئيس البلاد، فلا سُلطة اليوم تعارض أو تمانع تلك العلاقة، وهي أن يكون الحزب الحاكم مخططاً لسياسات واستراتيجيات الحكومة ليتم بناءً عليها قياس أثر الأداء الحكومي، وربما المحاسبة وتصحيح المسار لحكومة “البعث” كونه المسؤول الأول أمام المواطنين بصفته حزباً حاكماً.

فالحزب يخطط دون أن يتدخل، والحكومة تنفذ سياسات، هو مسار واضح اختصر بسطر واحد تشابك علاقة كانت ولازالت معضلة يصعب على قيادات الفريقين معرفتها، فيُفسرها كلٌ على هواه، ما نتج عن التفسير أحياناً نسف التعديل الدستوري الأخير الذي نص على إلغاء المادة الثامنة التي تنص على قيادة الحزب للدولة والمجتمع.

أبتُلي الحزب الذي تأسس على الفكر والعقائدية بقيادات كانت ولازالت بعيدة كل البعد عن ذلك، أغوتها السلطة، واستسهلت السطوة والحكم فأنتجت كوادر وصولية هشة سنعاني من وجودها لسنوات.

تلك هي النقطة الثانية التي اجتمع عليها الحزب والحكومة، وهو ما لامسه أمين عام الحزب رئيس البلاد خلال اجتماعه الحزبي وكلامه المباشر، والذي تناهى إلى أسماع الحكومة فيما يخص بنية المؤسسات وآليات العمل القديمة التي تحكمها.

لست بعثياً، ولم أنتسب لأي حزب يوماً،  أكره السياسة، وأعتبرها بعدا عن الواقعية، لكني رددت كما كل السوريين الشعارات آلاف المرات، وقلتها وأنا شامخ مصطف خلف زملائي بالمدرسة “البعث طريقنا”.

كمواطن سوري كان البعث محيطاً بي، كنت أستغرب احتضانه للكثير من الوصوليين، وخذلانه الكثير من الكادحين.

ولازلت أذكر حوارا دار بيني وبين أحد قياديي “البعث” في مدينتي عندما كشف لي اسم رئيس أحد النقابات القادم بعد أيام، ونحن في خضم معركة وجود مع المسلحين، لأجيبه بأن اختيار هذا الاسم سيساهم في نفور هذه الشريحة الهامة من نقابتهم. لكن الغريب أنه أكد صفاته السيئة، مبررا أن الخيار محصور بينه وبين خصم لقيادة الحزب، بالتالي وقع الاختيار على المذكور! لأجيبه بأن واجب قيادة الحزب هو البعد عن محيطها “الوصولي”، والتفتيش عن كوادر مؤهلة ومحبوبة وإقناعها بقبول المناصب، لأنه بغير ذلك لن تصلح البلاد، ولا يكون للحزب والدولة قيامة.

رددت القصة كثيراً، ولا زلت أعتبرها عنوان عمل هام لدور الحزب، في الوقت الذي ما زال فيه هؤلاء غارقين بالمحسوبية والوصولية، بينما ما زلت أُعاني وبلادي من تجاذبات المنادين “بالبعث طريقنا” لتعبيد طريقهم بالوصول السريع إلى تحقيق مكاسب ومناصب، ضاربين عرض الحائط بمصالح البلاد والعباد.

مقالات ذات صلة