محمد محمود هرشو
في ذكرى ثورة البعث (٨ آذار) واحتفاءً بها كما كل عام أسترجع كمواطن “مستقل” ساهم الحزب الحاكم في سوريا في كل جوانب تكوينه، لأتساءل عن مصير الثورة وما حققته من أهدافها، وأتساءل أكثر من ذلك، عن البعث وأحواله حتى يومنا هذا، وما قدمه ويقدمه للمستقلين ومن قبلهم للبعثيين، وتأثيره على الحياة العامة في البلاد.
سنوات البعث الأخيرة كانت كحال البلاد “عجاف” وهي كذلك على البعثيين، لاسيما قواعده الشعبية، وحال المواطنين السوريين جميعا.
أذكر أماني البعثيين خلال نقاشاتنا، وما كانوا يُشيعونه عن أن الأمين العام للحزب عازم على حركة تصحيحية جديدة داخل الحزب وقياداته تزامناً مع ذكرى الثامن من آذار، وهذا ما كان يتكرر كل عام، وتمر البلاد بما يعصف بها من شدائد، فيُبددون أمانيهم الى التصحيح تزامناً مع ذكرى ميلاد الحزب (٧ نيسان) ويتكرر الأمر كل عام مع كل ذكرى حتى وصلنا إلى هذا العام، إلى ذكرى الثورة دون احتفالات تذكر، واقتربت ذكرى ميلاد الحزب، لكن تزامناً مع انتخابات قواعدية هي الأولى في تاريخ الحزب، إذ أصر الأمين العام على أنها ستستمر لتصل إلى اختيار القيادات انتخابياً، في مسار زمني لن يتجاوز ما بين المناسبتين (ثورة الحزب و ميلاده) وستفرز قيادة وقواعد ومنطلقات وأسس مغايرة لكل ما مر في تاريخ الحزب، لتبدأ في تقبل الآخر وتقبل المشاركة، وتؤمن بالتعددية.
في الواقع، أن يكتب مستقل عن الحزب ويتابع أخباره هو أمر قد تجدونه غريبا، لكن عملياً أحاط الحزب بي كما كل مواطن سوري منذ طلائع البعث إلى يومنا هذا، وبما أنني لم اختر مصيري بت أتعايش معه وأطالب بإصلاحه، فأنا المستقل الذي ليس له “رفاق” ماذا أتمنى من أخوتنا في الوطن قواعدياً وقيادياً ؟!
أولا، أتمنى أن أرى فيهم من يدرك أن الوطن هو مكان لعيش جميع أبنائه والتفضيل بينهم يكون لمن يعطيه أكثر، لا لمن يزاود عليه أكثر، وأن أجد فيهم من رسخت قناعته بأن “القيادة” هي خدمة للعامة لا استعلاءً عليهم.
أرجوا من الله أن أجد منهم من نضج فكرياً ورسم سياسات تصب في مصلحة البلاد، وتترك أثرا يستطيع أن يناقشني وغيري بملامسته ويستطيع إسكاتي بأفضاله لا أن يستخدم سلطته التي يلوح للضرب بها لإسكاتي وغيري.
يا حبذا لو يأتي من يكون خادماً “لرفاقه” محبوباً بين الناس فيكون هو ورفاقه في الحزب رصيداً حقيقياً للأمين العام، لاسيما في الاستحقاقات الدستورية، واللوبيات العالمية، لا عبئا عليه.
أنا كما غيري متشوق لمن يعرف مصطلح اقتصاد السوق، أو معنى التضخم، أو كلفة إعالة الأسرة، أو حتى معنى الاقتصاد السياسي، أو المسؤولية الاجتماعية، أو دور المجتمع المدني، لا أن يكون “باصماً” لكليشة الصمود أو الاشتراكية التي لم يبق منها إلا اسمها، او الشعارات التي لم يبق منها إلا رسمها.
هي مرحلة جديدة في حياة سوريا السياسية، و’الرفاق” كمن يمشي بالبلاد على الصراط المستقيم، فإن اجتازوها “بمسؤولية” أدخلونا الجنة بخياراتهم الجيدة، وإن ضلوا الطريق كما هي العادة، أدخلونا والبلاد النار فبتنا فيها إلى يوم “يبعثون”.