هاشتاغ- إيفين دوبا
وسط شح في المعلومات المتعلقة بتطبيع العلاقات بين سوريا وتركيا جرى افتتاح معبر “أبو الزندين” بين مناطق سيطرة الدولة السورية والفصائل المسلحة التي تدعمها تركيا في ريف مدينة الباب شرقي حلب.
مصادر “هاشتاغ” أشارت إلى استعداد عشرات الشاحنات إلى جانبي المعبر المغلق منذ 17 آذار/مارس 2020 لعبوره بالاتجاهين منذ الأمس. وهي شاحنات محمّلة بالبضائع ومعظمها منتجات زراعية.
قرار إعادة افتتاح المعبر ترافق مع استعدادات أمنية واسعة في مدينة الباب أجرتها الفصائل المسلحة التي تدعمها تركيا بشكل أساسي. والتي تتحضّر لمواجهة أي احتجاجات على افتتاحه كما حدث في المرات السابقة.
يشار إلى أن فصائل المعارضة المسلّحة سيطرت على المعبر، عام 2017، بعدما تمكنت من دحر تنظيم “داعش” من المنطقة، وجرى إغلاق المعبر ومعابر أخرى عند الحدود مع تركيا، عام 2020، ضمن الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي فيروس “كورونا“، ليُعاد طرح فتح معبر “أبو الزندين” في حزيران/ يونيو الماضي، نتيجة تفاهمات تركية روسية.
وبعد تجهيزه وفتحه تجريبياً، هاجم متظاهرون وفصائل مسلّحة، في 28 تموز/ يوليو الماضي، المعبر وحطّموا غُرفه ومحتوياتها، ليعاد إغلاقه. ومع الحديث عن إعادة افتتاح، تجددت المخاوف من اقتحامه مجدداً، إذ دعا ناشطون في مدينة الباب، أول أمس السبت، إلى اعتصام؛ رفضاً لافتتاح معبر “أبو الزندين”، على أساس أن افتتاحه جاء في سياق مساعي موسكو للتقريب بين أنقرة ودمشق.
معابر وخصوم
رئيس لجنة المصالحة في سوريا عمر رحمون، يقول إن فتح معبر “أبو الزندين” دليل تفاهم وتقارب روسي سوري تركي، وهو خطوة مهمة لفتح معبر ترمبة بسراقب وميزناز بريف حلب الغربي. ويضيف لـ”هاشتاغ”: “فتح المعابر أقوى رسالة تقارب بين الخصوم”.
ويوجد معبران في ريف حلب الشرقي؛ معبر يصل مناطق سيطرة “قسد” بمناطق سيطرة الدولة وهو معبر “التايهة“. ومعبر “أبو الزندين” بين مناطق سيطرة الدولة ومناطق سيطرة الفصائل الموالية لتركيا.
ويشكل معبر “أبو الزندين” قيمة اقتصادية للسوريين، وعلى الصعيد الإقليمي يعد مفتاحاً لعودة الترانزيت من تركيا إلى الخليج العربي عبر سوريا.
ويشير “رحمون” إلى أنه في حال ثبت افتتاح المعبر فإنه مؤشر قوي على كسر الحصار المفروض على سوريا وتجاوز “قيصر“. كما أنه يمثّل مفتاح تصريف بضائع متبادلة بين المناطق السورية بما فيها ما هو صناعي وزراعي ومواد خام. وسط تداول معلومات عن أن مناطق شمالي وغربي سوريا تعاني صعوبات في تصريف المواد الزراعية بشكل رئيسي ووجود فائض إنتاج فيها.
يصل معبر “أبو الزندين” بين منطقتين سوريتين الأولى تفرض عليها أمريكا عقوبات اقتصادية خانقة، والثانية ترفع عنها واشنطن عقوباتها. ما يجعل لدى مناطق “درع الفرات” مرونة وقدرة على استيراد البضائع والاحتياجات واللوازم بمختلف أنواعها من الطبيعية إلى الصناعية. بينما تعاني دمشق حتى صعوبة في القدرة على استيراد الأدوية والتجهيزات الطبية بسبب العقوبات على المصرف المركزي.
ويشير “رحمون” إلى أن فتح المعبر سيقطع الطريق أمام المهربين والمواد الممنوعة التي انتشرت في مدة إغلاق المعبر.
وفي حال استمر المعبر بالعمل التجاري، سيتم فتح المجال أمام عودة السوريين إلى مناطقهم، وبالتالي تسهيل عمل المصالحة الشاملة، بحسب قول “رحمون”.
وعن الخطوة اللاحقة لإعادة الأعمال التجارية وإمكانية عودة السوريين إلى مناطقهم يقول “رحمون”: “سيتبع فتح المعبر تخديم منطقة الباب بكل ما يتعلق بعمل وزارة الداخلية من فتح نقاط للشرطة ودوائر النفوس والهجرة والجوازات وما يتبعها من تثبيت وجود الدولة بافتتاح المدارس ومراكز الاتصالات وكل ما يعيد الحياة للمنطقة”.
اقرأ أيضاً.. التقارب السوري التركي المتسارع.. ما فرص التوصل إلى اتفاق؟
تلطيف الأجواء
رئيس لجنة الشؤون العربية والخارجية في مجلس الشعب سابقا، بطرس مرجانة، يقول لـ”هاشتاغ” إن لفتح المعبر أهمية إنسانية أكثر من أي أهمية أخرى “رغم ضرورة فتح المجال أمام الحركة التجارية في المنطقة”.
ويلفت إلى أنه مؤشر جيد بسوريا التي لم تقطع التواصل مع المنظمات الإنسانية حين كانت تنوي إدخال مساعداتها إلى المناطق خارج سيطرة الدولة السورية.
ويشير “مرجانة” إلى أن فتح معبر “أبو الزندين” مؤشر أيضا على تلطيف الأجواء بين سوريا وتركيا التي تسعى روسيا إلى إتمام عملية المصالحة بينهما؛ إذ إن التعامل “بحسن الجوار” في العرف الدبلوماسي من أهم شروط التوصل لأي اتفاق لاحق.
وعن آخر تطورات عملية التطبيع بين سوريا وتركيا والتي تتم برعاية روسية، قال “مرجانة” إن “شح المعلومات يعني أن مسيرة التطبيع تجري في الطريق الصحيح؛ إذ إن تسريب المعلومات من الممكن أن يخلط الأوراق بغير الاتجاه المقصود”.
يشار إلى أنّ دمشق وأنقرة بدأتا مساراً لتطبيع علاقاتهما رسمياً نهاية 2022، بلقاء على مستوى وزيري الدفاع تبعه لقاء في عام 2023 على مستوى وزراء الخارجية، بحضور وزيري الخارجية الروسي والإيراني.
واعترض مسارَ تطبيع العلاقات بين البلدين عدد من القضايا الخلافية بين الجانبين، أبرزها مسألة جدولة خروج القوات التركية غير الشرعية من الأراضي السورية.
من جهته أكد وزير الدفاع التركي يشار غولر في 1 حزيران/يونيو أن بلاده تدرس إمكانية سحب قواتها من سوريا بشرط أن يتمّ ضمان “بيئة آمنة”، وأن تكون الحدود التركية آمنة.
وتبع ذلك إعلان وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، أنّ “الشرط الأساسي لأيّ حوار سوري- تركي هو إعلان أنقرة استعدادها للانسحاب من سوريا”.