في عالمٍ تَتماهى فيه الألوان وتنساب الأحلام كما تنساب الريشة على القماش، تبرز آية شاهين بوصفها فنانة شابة نادرة، تُحول كل خط وكل لون إلى قصيدة مرئية.
في سن العشرين فقط، تمكنت آية من مزج الموهبة الفطرية التي ولدت معها مع الشغف والاجتهاد، لتُبدع أعمالاً فنية ملفتة تخطف الأبصار.
من السويداء، تلك المدينة الصغيرة الهادئة، انطلقت آية تحمل بين أناملها قوة خفية، قادرة على إضفاء الحياة على الورق الأبيض، وترجمة أحاسيسها وأفكارها إلى لوحاتٍ تُظهر عمق روحها وصدق مشاعرها.
وكأنها بموهبتها تعيد تشكيل العالم من حولها، لتجعله أكثر إشراقاً وجمالاً، وتنقل بألوانها لمحةً من عالمها الداخلي الثري بالأمل والطموح.
ولادة الموهبة
آية شاهين، فنانة شابة تبلغ من العمر عشرين عاماً من محافظة السويداء، وهي طالبة في السنة الثالثة في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق، تخصص تصميم جرافيكي.
ترى آية في حديثها لـ “هاشتاغ” أن الموهبة الفنية لا تظهر بين ليلة وضحاها، بل تولد مع الإنسان.
وتعتقد أن حبها للرسم والألوان هو جزء لا يتجزأ من شخصيتها منذ طفولتها، إذ تقول: “لا أستطيع تحديد تاريخ معين لبدايتي مع الرسم، لأني منذ ولدت وأنا أحب الألوان وأستمتع بالرسم. تاريخ ولادتي هو نفسه تاريخ ولادة موهبتي”.
البداية الحقيقية والتعلم الذاتي
كان لفترة الحجر الصحي، عندما كانت آية في الخامسة عشرة من عمرها، دور كبير في تطوير مهاراتها الفنية.
وقد بدأت تتعلم الرسم بطرائق صحيحة من متابعة الفنانين الأجانب في منصات مثل اليوتيوب.
تعلّمت أساسيات الكاريكاتير والشخصيات الكرتونية، وجرّبت تقنيات متنوعة باستخدام أدوات مثل الأكريليك، والزيت، والألوان المائية، والرصاص، والفحم، والألوان الخشبية، والباستيل.
التجربة الأولى في الرسم ثلاثي الأبعاد
تروي آية عن تجربتها الأولى مع الرسم ثلاثي الأبعاد: “كنت في السادسة عشرة عندما أنجزت أول لوحة ثلاثية الأبعاد”.
وتضيف: “عندما نشرتها في حساباتي، تلقّيت تعليقات تعتقد أن اللوحة عبارة عن صورة حقيقية لمشرط، وهذا جعلني أحب هذا النوع من الفن حباً أكبر وأرغب في التوسع فيه”.
ردود الأفعال هذه دفعتها لاستكشاف قدراتها أكثر والتساؤل عن مدى إمكانياتها الفنية.
الدعم والتشجيع من العائلة والمجتمع
تشعر آية أنها محظوظة لوجود الدعم الكبير من عائلتها وأصدقائها. “دور أهلي كان محورياً في حياتي الفنية، فهم أيضاً لديهم هواية الرسم ودائماً ما يشجعونني في كل خطوة أخطوها”، تقول آية.
بالرغم من أن المجتمع قد لا يعترف دومًا بأهمية الفن، ويعد مستقبله غير مضمون، تؤمن آية بأن هذا الاعتقاد خاطئ تماماً.
التعليم الفني واختيار التصميم الجرافيكي
اختارت آية دراسة الفنون الجميلة لأنها أرادت أن تكون قادرة على ممارسة ما تحب وتعلمه بطريقة صحيحة.
في السنة الثانية من دراستها، اختارت التخصص في التصميم الجرافيكي، لأنها شعرت أنه يعبر عنها تعبيراً أفضل ويمكّنها من تجسيد أفكارها بصرياً.
ترى آية أن كلية الفنون الجميلة لم تكن فقط مكاناً للدراسة، بل هي أيضاً بيئة تشكل الفنان داخلها.
وتقول: “تعلمت في الكلية أن التواضع هو من أهم صفات الفنان، بصرف النظر عن مدى نجاحه أو تطوره”.
وتشير إلى أن الكلية قدّمت لها الفرصة للتعرف إلى أشخاص يشاركونها الهواية نفسها والطموح نفسه، وهذا ساهم في تطوير عملها الفني تطويراً كبيراً.
الرؤى المستقبلية والطموح
تتطلع آية إلى فترة ما بعد التخرج بوصفها مرحلة لتحقيق أهدافها الفنية.
وبالرغم من أنها تفضل عدم الكشف عن هذه الأهداف حالياً، فإنها واثقة من أن اسمها سيبرز قريباً بوصفها فنانة ومصممة، وأن أعمالها ستُعرض في دول مختلفة.
نظرة المجتمع للفنانة
تقول آية إنها لا تشعر أن شكلها الخارجي، الجميل والملفت، هو محور اهتمام الناس بقدر ما هو فنها وإبداعها.
في بداياتها، لم تنشر صوراً لها في مواقع التواصل الاجتماعي، بل فقط بعض من رسوماتها، وبالرغم من ذلك كانت تتلقى الدعم والتشجيع، وهذا جعلها تؤمن بأن الفن هو الذي يتحدث عن الفنان.
مصادر التحفيز والتطوير
ما يحفز آية هو النظر إلى الوراء وملاحظة التطور الذي أحرزته في عملها. “هذا يعطيني طاقة رهيبة ويدفعني للاستمرار”، تضيف آية.
وتسعى دائماً إلى تطوير نفسها بتجربة أساليب جديدة والبحث المستمر في مجال الرسم والتصميم، كما تولي اهتماماً كبيراً لصحتها النفسية وتحيط نفسها بأشخاص طموحين وناجحين، لأن “الوسط المحيط بالإنسان يؤثر فيه من دون أن يشعر”، على حد تعبيرها.
تبدو آية شاهين مصممة على أن تترك بصمة في عالم الفن، بإيمانها العميق بموهبتها وشغفها الذي لا ينتهي بالرسم والألوان، بوصفها تمثل نموذجاً للشباب الطموح، الذي يجمع بين الشغف والجد في سعيه إلى تحقيق أحلامه.