الجمعة, سبتمبر 13, 2024
HashtagSyria
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةالواجهة الرئيسيةمقاربة بين عالمين

مقاربة بين عالمين

نضال الخضري

هناك “عالم” خاسر على الدوام، أو على الأقل هذه هي الصورة المرتبطة في أذهاننا بين ألق المدن وصورة الحروب، وبين أناقة الحياة ومشاهد الموت، هذه المقاربة كانت حاضرة دائما في فلسطين بين غزة وتل أبيب، فمشاهد الموت والدمار يصعب نسيانها في مواجهة شواطئ حيفا، والفيديوهات التي تبثها حماس لرجل مخفي الوجه يقف أمام صور المجندات “الإسرائيليات” في موقع “إنستغرام”.

الصورة الذهنية للعالم “المنتصر” هي الصراع الحقيقي الذي نواجهه، فسرديات “إسرائيل” أقرب للمعاصرة، وروايتنا من التراث أكثر مما تتحمله الحياة، وما بين العالمين تنكسر أحياناً صورة المنتصر، وهو عملياً مجرد أسطورة في عقولنا، أو مشهد نحاول إعادة تكوينه لأننا لا نملك مشهدنا المعاصر الذي نستطيع به دفع الحياة، فـ”إسرائيل” منتصرة في الشكل الذي يحاكي صورة العالم، ونحن مهزومون بمعاييرنا وليس بعدد شهدائنا.

في حرب غزة أصبح “عداد القتلى” متفوقاً علينا، فميزان الخسارة والربح يصعب إبعاده عن صورة الأطفال الممزقين في شوارع غزة، وبالتأكيد فإن “إسرائيل” لم تخسر الكثير لكنها مأزومة بوجودها، والعنف الناري الذي تستخدمه يشير إلى أنها تقف عند حدود خطرة، لكن صورتها لم تتبدل لأنها لم تفقد الكثير من جنودها، فخسائرها هي في الأسئلة التي طرحتها الحرب في غزة وليس في مسألة القتلى، لكنها في الصورة الأوسع على الأقل ضمن مستوى ما يصلنا من الإعلام بقيت “منتصرة”، وبقيت قاتلة ومعتدية على الدوام.

هل لمقاربة “المنتصر الأبدي” من نهاية؟ ربما في اللحظة التي نستطيع الاقتناع بأن ثقافتنا قادرة على الانتصار ستنتهي تلك الصورة، لكننا حتى اللحظة نملك شكوكاً متنوعة، وهواجس من المواجهة غير متكافئة على الأقل ضمن الصورة النمطية التي اعتدنا عليها، فحتى اللحظة تبقى الصورة المشوشة للتراث الذي يخلق كل الحاضر شكلاً يخلق نوعاً من “اللايقين” بشكل المعركة القائمة.

صراعنا منذ البداية غارق في الأسئلة، وفي التصورات السياسية التي دفعت “إسرائيل” في العقد الأول من تأسيسها لإنتاج “الماء الثقيل” لتصبح جزءا من عالم يدخل العصر النووي بسرعة، ويتكرر الأمر اليوم فتدخل “إسرائيل” وسط حروبها القاسية عالم الذكاء الصناعي بقوة، ومن دون مهرجانات ودعاية وبرامج تلفزيونية، فما يُبقي صورتها منتصرة لا يحتاج إلى ميزانيات للعلاقات عامة، فوجودها الفيزيائي قوي على الرغم من هشاشة بنية علاقاتها على الأرض.

كيف نتخلص من صورة “المنتصر الدائم”؟ هذا السؤال يجب أن يخترق كل الواقع السياسي، والتفاوض القائم اليوم، لأن الحرب بصورها المغروسة في الذاكرة أصبحت “مسارا إسرائيلياً” في عقولنا، وشكل المقاومة ضدها هو في المقابل حالة يمكن قراءتها خارج السياق الاعتيادي، لأن الخسارة والربح اليوم لم يعودا مرتبطين بالصورة المسبقة التي نملكها منذ أن حرر صلاح الدين القدس، فهناك صراع في أشكال التفكير بالحياة يبدأ قبل أن تنطلق رصاصات الحرب الأولى.

يمكنكم متابعة قناتنا على يوتيوب

مقالات ذات صلة