هاشتاغ – عبد الرحيم أحمد
يبدو أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو اختار في حربه على لبنان طريقة سرد الأخبار “المفرحة” على جمهور المستوطنين الإسرائيليين أولاً، واليوم جاء دور الأخبار “السيئة” التي تحاشى الحديث عنها وسط النشوة التي عاشها باغتيال نخبة من قادة المقاومة اللبنانية وعلى رأسهم سماحة الأمين العام السيد حسن نصر الله.
يجمع الإعلام الإسرائيلي على أن الحرب اليوم تثبت أن التقديرات الإسرائيلية لحجم الخسائر التي مُني بها حزب الله جراء ضربات “البيجر” والاغتيالات والقصف الجوي العنيف على الضاحية الجنوبية والمناطق الحدودية في جنوب لبنان، كانت خاطئة لدرجة كبيرة شكّلت فضيحة لنتنياهو وقياداته العسكرية.
الأصوات الإسرائيلية بدأت ترتفع حول مآلات الحرب الميدانية وخسائرها البشرية وتداعياتها الاقتصادية على الكيان، مع عملية الطائرة المسيرة التي أطلقها حزب الله على مقر اللواء “غولاني” في مدينة حيفا مساء الأحد 13 تشرين الأول وقتلت 4 جنود إسرائيليين وأصابت 67 آخرين منهم 7 في حالة الخطر باعتراف العدو نفسه، والتي كشفت بشكل فاضح خطأ الحسابات العسكرية الإسرائيلية التي روجت بأن حزب الله أُصيب بالانهيار.
ومع كل يوم يمر على المعارك البرية الضارية التي يواجهها جيش الاحتلال الإسرائيلي على التخوم الجنوبية للحدود اللبنانية، وعدم قدرته على التوغل رغم كل الحشود العسكرية والقصف الجوي الكثيف، تتكشف الحقائق التي تدحض ادعاءات نتنياهو وزمرته العسكرية بأنه تم القضاء على 80% من قدرات حزب الله العسكرية.
فالصواريخ والطائرات المسيرة “الجديدة” التي تدخل المعركة وتضرب بها المقاومة عمق الكيان وفق متوالية تصاعدية سواء بالعمق أم بالتأثير، تؤكد أن حزب الله استعاد عافيته وسلسلة القيادة والتحكم، على عكس الصورة التي روج لها المنظرون العسكريون في تل أبيب وفي واشنطن والعواصم العربية المؤيدة لهم.
لذلك بدأ الإسرائيليون يدركون أن الحرب التي أعلن نتنياهو أنها مقدمة لتغيير خارطة الشرق الأوسط، وإعادة صياغة المشهد السياسي في لبنان بدون حزب الله، هي مجرد أوهام يحاول أن يقنعهم بها لتحمل المزيد من الأثمان الباهظة.
الصحافة الإسرائيلية بدأت تتحدث عن توتر بين جنود الاحتلال وقادتهم العسكريين جراء الصعوبات الميدانية في الحرب البرية جنوب لبنان. وبحسب صحيفة هآراتس، أوقفت السلطات الإسرائيلية العشرات من جنود الاحتلال بسبب رفضهم الخدمة العسكرية أو الاستمرار بها جراء فشل قياداتهم في اتخاذ القرارات العسكرية.
من جانبها ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن التوتر بين جنود وحدة “إيغوز” العسكرية وقيادتهم العسكرية وصلت إلى مستويات عالية بسبب الإحباط الذي أصابهم مع بدء الهجوم البري على لبنان وخسائرهم البشرية العالية.
وهذه مجرد بداية، ليس فقط على مستوى جنود الاحتلال وقادتهم، بل وصلت إلى مجمل جمهور المستوطنين الذين لا يغادرون الملاجئ حتى يعودوا إليها. وبحسب الإحصاءات الإسرائيلية نفسها فإن الهجرة العكسية من الكيان ارتفعت بنسبة 50% منذ بداية العام في هجرة نهائية ليس بعدها عودة.
صحيفة يديعوت أحرونوت شبّهت الإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية “بدفن الرأس في الرمال” التي ينبغي على الإسرائيليين ممارستها في حين تحلق الصواريخ والطائرات المسيرة الفتاكة فوقهم لتدك المدن والبلدات الإسرائيلية من جبهات لبنان واليمن وإيران والعراق.
وتضيف صحيفة معاريف أن الإسرائيليين وعناصر الجيش بدؤوا يدركون أن ما أنفقته حكوماتهم المتعاقبة من أموال لبناء القباب الحديدية وجدران الفصل تحت عنوان تحقيق الأمن لهم، لم ولن تحميهم من ضربات المقاومة في غزة والضفة وفي لبنان ومن ساحات الإسناد.
وفي أحد المقالات رأت الصحيفة أن الذين احتفلوا في تل أبيب وفي بعض مناطق الشرق الأوسط باغتيال السيد نصر الله لم يفهموا طريقة عمل حزب الله، وفشلوا في فهم قدراته العسكرية النوعية، لذلك عليهم التوقف عن الاحتفال والتبجح والغطرسة.