في خطوة أثارت أصداء إيجابية على المستويين المحلي والدولي، أُعلن عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين “إسرائيل” وحزب الله اللبناني، مما يفتح الباب لإنهاء أكثر من عام من القتال على الحدود بين الجانبين.
وبينما يُنظر إلى الاتفاق كخطوة إيجابية نحو استعادة الهدوء، يبقى نجاحه مرهوناً بمدى التزام الأطراف بتعهداتها، وقدرة الوساطة الدولية على تجاوز العقبات الميدانية والسياسية.
ويأتي الاتفاق بعد وساطة أميركية مكثفة، ويُعد بمثابة مخرج للأعمال العدائية التي أدت إلى نزوح أكثر من 1.2 مليون لبناني و50 ألف إسرائيلي، فضلا عن خسائر بشرية ومادية جسيمة.
دعم الأطراف للاتفاق
حظي الاتفاق بتأييد واسع من القيادات الإسرائيلية، حيث أُعرب عن تفاؤل بإمكانية إعادة الهدوء إلى المناطق الحدودية التي شهدت تصعيداً مستمراً.
على الجانب الآخر، أبدى قادة “حزب الله” دعماً مشروطاً للاتفاق، مشيرين إلى أنه يوفر فرصة لوقف المعاناة الإنسانية التي لحقت بالسكان المدنيين في الجنوب اللبناني.
ووفقاً للمسؤولين اللبنانيين، فإن الهجمات الجوية الإسرائيلية المكثفة خلال الفترة الماضية أدت إلى استشهاد أكثر من 3800 شخص، العديد منهم من المدنيين، مما زاد من تعقيد الوضع الإنساني.
أبرز بنود الاتفاق
يتضمن الاتفاق عدداً من البنود الرئيسية التي تهدف إلى ضمان تنفيذ وقف إطلاق النار واستعادة الهدوء على الحدود. وتشمل هذه البنود:
موعد بدء وقف إطلاق النار:
يدخل وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في الساعة الرابعة من صباح الأربعاء بالتوقيت المحلي (الثانية بتوقيت غرينيتش).
انسحاب الجيش الإسرائيلي:
يتعين على الجيش الإسرائيلي الانسحاب تدريجياً من لبنان في غضون 60 يوماً.
انسحاب حزب الله:
يلتزم حزب الله بالانسحاب من جنوب لبنان إلى المناطق الواقعة شمال نهر الليطاني.
إخلاء المناطق جنوب الليطاني:
يتم إخلاء المناطق اللبنانية الواقعة جنوب نهر الليطاني من أسلحة حزب الله الثقيلة.
تسليم المواقع:
يتولى الجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية مسؤولية المواقع التي يسيطر عليها حاليا الجيش الإسرائيلي وحزب الله.
حق الدفاع عن النفس:
يحتفظ كل من لبنان وإسرائيل بحق الدفاع عن النفس وفقا للقانون الدولي.
دعم تقني وعسكري:
يقدم الجيش الأميركي بالتعاون مع الجيش الفرنسي دعما فنيا وتقنيا للجيش اللبناني.
لجنة عسكرية داعمة:
تساهم لجنة عسكرية متعددة الجنسيات في توفير دعم إضافي للجيش اللبناني، يشمل العتاد والتدريب والتمويل.
آلية الإشراف الخماسية:
تنضم الولايات المتحدة وفرنسا إلى الآلية الثلاثية التي تم إنشاؤها بعد حرب 2006، والتي تضم حالياً قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، و”إسرائيل”، ولبنان.
رئاسة الآلية الخماسية:
تتولى الولايات المتحدة الأمريكية رئاسة الآلية الخماسية، وتعمل على ضمان تواصل مباشر بين الأطراف المختلفة.
معالجة الانتهاكات:
تتم معالجة أي انتهاك خطير يتم رصده بسرعة، بهدف منع التصعيد والحفاظ على وقف إطلاق النار.
أهمية الاتفاق والتحديات المقبلة
يمثل الاتفاق خطوة مهمة نحو التهدئة في منطقة عانت لسنوات من التوترات المستمرة.
لكن تساؤلات كثيرة تُثار حول استدامة الاتفاق في ظل وجود ملفات خلافية عالقة بين الطرفين، أبرزها يتعلق بكيفية ضمان التزام الأطراف بالبنود، وفعالية الآليات الدولية في فرض الاستقرار ومنع التصعيد.
دور الوساطة الدولية
تأتي الوساطة الأميركية والفرنسية في هذا السياق كعنصر أساسي في إنجاح الاتفاق.
وقد أكد المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين أن واشنطن ستواصل العمل لضمان تنفيذ الاتفاق بطريقة تحقق الاستقرار الإقليمي.
من جانبها، أوضحت فرنسا أنها ملتزمة بدعم الجيش اللبناني وتقويته ليتمكن من أداء دوره كضامن للأمن في جنوب لبنان.
ردود الفعل الدولية والمحلية
لاقى الاتفاق ترحيباً دولياً واسعاً باعتباره خطوة نحو وقف معاناة المدنيين، لكنه في المقابل واجه انتقادات من بعض الأطراف داخل “إسرائيل” ولبنان.
في “إسرائيل”، أبدت بعض القيادات السياسية والعسكرية تحفظاتها، معتبرة أن الاتفاق قد يمنح حزب الله فرصة لإعادة ترتيب صفوفه.
أما في لبنان، فرغم الدعم المبدئي للاتفاق، يظل هناك قلق من عدم التزام “إسرائيل” بالتفاهمات السابقة، وهو ما أثار مخاوف بشأن فعالية الآلية الخماسية الجديدة.