الخميس, ديسمبر 12, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةأخبارحلب.. مسارات الأزمة السورية

حلب.. مسارات الأزمة السورية

هاشتاغ-رأي مازن بلال

تحضيرات “هيئة تحرير الشام” لم تكن مخفية، والتحذيرات بشأن نشاط إرهابي كان ملحوظا على الرغم من سخونة المنطقة والتركيز على قضية وقف إطلاق النار في لبنان، وبصرف النظر عن المسؤولية ومن يتحملها فإن “احتلال حلب” كسر حتى المعادلات الإقليمية، ووضع قضية الإرهاب ووجود المسلحين في إدلب في بؤرة الحدث، فالحالة الشاذة في الشمال السوري عموما تم تحييدها منذ البداية عن المسار السياسي، وبقيت ورقة ضغط على الأطراف كافة.
كان هناك تجاهل واضح لواقع إدلب الذي يحرك الأحداث، فمع كل فشل في جولات المفاوضات ينفجر الوضع، وحتى مع تفاهمات أستانا فإن “هيئة تحرير الشام” بقيت خارج الضوء على الرغم من أنها المعنية بكل مناطق خفض التصعيد، فالتمثيل السياسي للمعارضة السورية اعتمد على شخصيات لا ترتكز إلى قوة فعلية على الأرض، ولا تملك السلطة اللازمة لفرض إرادتها على الفصائل الموجودة في إدلب وغيرها، وإنهاء الحالات في عدد من المناطق التي سيطر عليها الإرهاب جاءت بالتفاوض المباشر مع قيادات هذه المجموعات وترحيلها إلى إدلب.
الصورة تتكرر في مناطق وجود قسد ولكن بآليات مختلفة، فالتفاوض مع ”الإدارة الذاتية” كان بوساطة روسيا، بينما غابت الإدارة عن دائرة المفاوضات المشتركة في جنيف، وانفجار الوضع في سوريا يوضح أن أي تفاوض سياسي هو مسار لا يملك أي شرعية في بحث التعامل مع معظم مناطق الشمال السوري التي تتحكم بها العلاقة المباشرة مع أنقرة، والتفاوض معها الذي ينتهي غالبا بتثبيت واقع لمنطقة رمادية لا يريد أحد أن يبحث مستقبلها.
المعارك الأخيرة وما رافقها من اتصالات دبلوماسية يضعنا أمام طريق مختلف مع تملص الأطراف الدولية والإقليمية كافة من المسؤولية وراء الهجوم، وهذا الأمر يضعنا أمام احتمالات متعددة في طبيعة ما حدث، وعلى الأخص أن أقطاب تفاهمات أستانا يتواصلون بشكل يشير إلى تنسيق مشترك على الرغم من انهيار “مناطق خفض التصعيد”، فهل التفاهمات لا تزال مستمرة بين موسكو وأنقرة؟ وهذا السؤال لا يزال موضع شك مع غياب تصريحات تركية صريحة حول رؤيتها للوجود الإرهابي في إدلب.
كانت أنقرة تراقب كل الصراعات في إدلب وسيطرة “هيئة تحرير الشام” على الفصائل الأخرى كافة، وكانت تعرف أن المجموعات التي تتبع لها بشكل مباشر لا تملك قدرة على المبادرة إلا في الشمال الشرقي لسوريا، وليس من المستبعد أن التحرك الأخير للهيئة تم بمبادرة تركية، وذلك لتغيير العلاقات العسكرية داخل محافظة إدلب، فرد الفعل الإقليمي على ما حدث كان واضحا وأعطى لدمشق مساحة للرد ومنح موسكو أيضا مرونة للتعامل مع الوضع، ولكن أزمة إدلب وكامل الشمال السوري ستبقى مستمرة إذا لم تتم رؤيتها ضمن مساحة السيادة السورية مهما كانت نتائج التفاوض السياسي المتوقف منذ سنوات.

هناك قرارات دولية بشأن سوريا، ولكنها قامت على معادلة القوة الخاصة بوجود المجموعات المسلحة الإرهابية بالدرجة الأولى، وليس قوة الأطراف السياسية داخل المجتمع السوري، وهذا الأمر فرض واقعا مغلقا لا بد من إعادة النظر فيها، فكل التفاصيل العسكرية والمعاناة الإنسانية لأهل حلب سببها في النهاية التجاهل المتعمد لواقع الشمال السوري ككل.

مقالات ذات صلة