كشف تحقيق استقصائي، عن مصنع شهادات الموت المزورة لآلاف المفقودين في سوريا، وشبكة وهيكلية آلة التزوير وتصفية المعتقلين في الأفرع الأمنية وسجن “صيدنايا” وداخل مستشفى “تشرين العسكري”.
جاء في التحقيق، أن مستشفى “تشرين العسكري” كان الثقب الأسود الذي تمر عبره معظم جثث المعتقلين في سجن صيدنايا” والأفرع الأمنية والشرطة العسكرية، التابعة للنظام السوري المخلوع،
وبحسب تحقيق موقع “سيريا إنديكيتور – Syria indicator” بالتعاون مع “رابطة معتقلي ومفقودي صيدنايا، قبل تحويل المعتقلين من سجونهم إلى مستشفى “تشرين العسكري”، لا بد أن يكون المعتقل في حالة النزع الأخير، إذ كانت حالات المعتقلين ممن يحولون إلى المستشفيات قليلة، وفي غالبها كان المعتقل على وشك الموت.
في حالة المعتقلين السوريين، يجبر النظام السوري المخلوع الأطباء الشرعيين على كتابة تشخيصات مغايرة وموّرة ومنها “الوهط القلبي الدوراني”، وذلك لإغفال السبب الرئيس عن الموت وهو التعذيب، وفقا للمصدر سابق الذكر.
وفقا للتحقيق، أصبح المستشفى بعد عام 2011 يضم ثلاث مقرات للمخابرات، مفرزة الباب الرئيسي، ومهمتها التأكد من هوية كل من يدخل المستشفى وتأمين الحماية الداخلية، ومفرزة الشرطة العسكرية المسؤولة عن التحقيق مع المعتقلين وتحميل جثثهم ونقلها، وألحقت مفرزة للمخابرات العسكرية عام 2012 في الطابق الثامن، مهمتها ضمان سرية ما يجري داخل أروقة المستشفى، والإشراف على عمليات نقل الجثث إلى المقابر الجماعية، إضافة للتحقيق مع ذوي المعتقلين.
وحتى عام 2017، أصدرت مستشفى “تشرين العسكري” شهادات الوفاة، وسلمها بشكل مباشر لذوي المفقودين والمعتقلين ممن وجهتهم الأفرع الأمنية والشرطة العسكرية بالسؤال عن ذويهم في المستشفى المذكور.
ومنذ عام 2018، توقف المستشفى عن إصدار شهادات الوفاة، وبدأت السجلات المدنية بإبلاغ ذوي المعتقلين والمفقودين بحالات الوفاة لذويهم دون تحديد الجهة المسؤولة، وذلك بسبب رغبة النظام في تشتيت كل أنواع المطالب الحقوقية بمعرفة مصير المفقودين، وبهدف التهرب من مسؤوليته تسليم جثثهم لذويهم.
وفنّد التحقيق الأماكن المسؤولة عن قتل المعتقلين إلى 3 أقسام رئيسة، الأول فروع الأمن المنتشرة في المحافظات، التي تحولت إلى مسالخ بشرية بهدف انتزاع الاعترافات من معارضي السلطة.
القسم الثاني هي السجون، حيث توجد في سوريا أربعة سجون رئيسة، هي السجن المركزي في عدرا، والمزة العسكري، وسجن صيدنايا، وسجن تدمر، بالإضافة للسجون المركزية في المحافظات، وسجون سرية في القطع العسكرية والمطارات.
القسم الثالث كان المستشفيات العسكرية، ومنها مستشفى “حرستا العسكري”، ومستشفى “تشرين العسكري”، وهو المصدر الأول لشهادات الوفاة الصادرة لمعتقلين من مختلف فروع الأمن.
وكان لعملية نقل الجثث إلى المستشفيات العسكرية وتصويرها على أرض فارغة أو في مستودعات كبيرة هدف يرتبط بتغيير مكان الوفاة، ورفع المسؤولية عن الأجهزة الأمنية ومراكز الاعتقال.
وعمد النظام السوري لإخلاء مسؤولية الأجهزة الأمنية من ناحية توثيق الطبابة الشرعية للجثث في مكان مختلف عن أماكن القتل والتعذيب، بحسب التحقيق.