هاشتاغ- خاص
بعد تأخر دام أكثر من شهر، أعلنت الحكومة السورية المؤقتة خطتها لصرف رواتب موظفي القطاع العام، وفي حين تضمنت الوعود زيادة على الرواتب قدرت بـ400 في المئة، لكن آلية صرفها فتحت الباب أمام جدل واسع ومخاوف من الموظفين إزاء الآلية الجديدة، وذلك بعد تلقيهم طلباً من المصارف المرتبطة بمؤسساتهم لتحميل تطبيق “شام كاش” غير الموثوق، إذ إنه غير مرخص أو متوفر في متاجر التطبيقات المعروفة الموثوقة، ولا يرتبط بالمنظومة المالية في سوريا.
وبعد تأخر صرف رواتب العاملين في الدولة، وعلى الرغم من إصرار رؤساء العمل على تطبيق بنود تطبيق “شام كاش” من أجل فرض الرواتب، فإنه وبحسب شهادة عدد من العاملين في المؤسسات الحكومية، فإن تسليم الرواتب “المنتظرة” سيكون غالبه يدوياً. ما فتح الباب أمام تساؤلات أكثر عن حقيقة إلغاء الحسابات القديمة التي تم توطينها في مصارف الدولة وبنوكها.
وفي السياق، قال الباحث الاقتصادي عمار يوسف في تصريح لـ”هاشتاغ” إن المشكلة في الغالب ليست مرتبطة بتنفيذ العمل أكثر منها عدم وجود سيولة كافية في المصارف تكفي حاجة رواتب الموظفين.
وتحدثت وسائل إعلامية في وقت سابق عن إلغاء العمل وفق تطبيق “شام كاش”، لكن منصات شبه رسمية أعادت تداول روابط التكييف مع أرقام جديدة بمسمى خدمة الزبائن والدعم التقني وذلك “لتقديم أفضل الخدمات بأعلى معايير الجودة”، وفق ما كتبت.
القصة من البداية
في أواخر الشهر الفائت، أصدر مصرف سوريا المركزي تعميماً طلب بموجبه من المؤسسات المالية المصرفية كافة العاملة في سوريا، توجيه المعنيين لديها بفتح حساب على تطبيق “شام كاش” (ShamCash)، وموافاة مديرية أنظمة الدفع برقم الحساب العائد للمصرف على التطبيق المذكور.
عدد كبير من الموظفين والعاملين في القطاع الحكومي، أبدوا مخاوف جمّة إزاء الآلية الجديدة لصرف الرواتب، معربين في منشورات على منصات التواصل الاجتماعي، عن قلقهم من التطبيق الإلكتروني “غير الموثوق”، وفق وصفهم.
وفي حين استهجن بعض الموظفين هذا الطلب والآلية ككل، كان للأكاديميين والمصرفيين والخبراء رأي آخر، إذ أثيرت نقاشات فيما يتعلق بموثوقية التطبيق ومرجعيته المالية والعملات المعتمدة وعدم ارتباطه بالمنظومة المصرفية السورية، إضافة إلى الاعتراض على التفرد والاختزال للنظام المصرفي في تطبيق واحد، وأنه من غير المنطقي أن تقر آلية تحويل الرواتب لمنصة وحيدة مرتبطة بشركة صرافة تابعة لـ”هيئة تحرير الشام”، مع غياب المنافسة من جهة وضعف الأمان والموثوقية في حال حدوث طارئ ما من جهة أخرى.
الأكاديمية والباحثة الاقتصادية، الدكتورة رشا سيروب، أكدت أن الآلية الجديدة تتضمن مشكلات عدة، أولها أن التطبيق غير موثوق وغير مدرج في لوائح التطبيقات الموثوقة في برامج تشغيل الهواتف الذكية، ما يعني أن الموظفين “سيحملون تطبيقات تجسس على هواتفهم بطلب من الإدارة الجديدة في سوريا”.
وقالت “سيروب” على صفحتها الشخصية في “فيسبوك”، إنه من المفترض أن يكون التطبيق محفظة إلكترونية، والتي عادة يجب أن تأخذ الموثوقية من المصارف، لكن التطبيق موثوقيته هي شركة صرافة في إدلب، تحوّلت فيما بعد إلى مصرف “شام”، لافتةً إلى أنه غير معترف به مصرفاً لا دولياً ولا محلياً، وهو خارج الجهاز المصرفي الذي يشرف عليه مصرف سوريا المركزي.
وأضافت أن المشكلة الثالثة هي أن العملتين الوحيدتين في التطبيق هي الدولار الأمريكي والليرة التركية ولا وجود لخيار السحب بالعملة السورية، بينما تكمن المشكلة الرابعة أنه حتى لو دخل الراتب إلى هذه المحفظة، لا أحد يعلم كيف سيتم سحب الراتب منه، لأنه غير مربوط بالمنظومة المصرفية.
نظام سابق.. للرواتب
في زيارة الموقع الخاص بتحميل محفظة “شام كاش” الإلكترونية، تبيّن أن الضامن للتطبيق هو “بنك شام“، وهو شركة صرافة وحوالات ضخمة، مقرها الرئيس ونشاطها كان ينحصر في مناطق إدارة “حكومة الإنقاذ” بإدلب. وبذلك، لم تكن تلك الشركة ضمن الجهاز المصرفي المرتبط بمصرف سوريا المركزي في أثناء حكم النظام المخلوع.
وكمعظم التطبيقات الإلكترونية، يطلب التطبيق السماح بالوصول إلى كاميرا الهاتف ومعلومات الأمان البايومترية كبصمات الأصابع والوجه.
وبعد الدخول إلى التطبيق المصمم للتحميل على نظام آندرويد فقط؛ اتضح أنه يعتمد في تحويله المالي على عملتي الدولار الأمريكي والليرة التركية فقط، وليس واضحاً إذا كانت الليرة السورية ستضاف إليه لاحقاً أو أن الراتب سيتم تحويله وفق العملتين المذكورتين.
أما أبرز الملاحظات التقنية المتعلقة بالتطبيق، فتختصر ببقاء التطبيق قيد العمل في الخلفية بعد الخروج منه، إضافة إلى أنه يحاول التعرف إلى بقية التطبيقات المحملة على الجهاز.
كل تلك المعلومات زادت من مخاوف الموظفين السوريين عن قدرة التطبيق على التجسس على بياناتهم الخاصة.
وحاول “هاشتاغ” سؤال خبراء اقتصاديين عدة وأكاديميين متخصصين في الشأن الاقتصادي، عن التطبيق الجديد، أصر غالبهم على القول إنه غير معتمد رسميا ولا ضرورة له في الوقت الحالي.
وطالب الخبير الإداري عبد الرحمن تيشوري، في تصريح لـ”هاشتاغ” بالإبقاء على الآليات التقليدية لصرف الرواتب لحين إيجاد بدائل أكثر موثوقية وذلك بعد الأحاديث المنتشرة فيما يخص التطبيق والمخاوف من تطبيقه.
ودعا “تيشوري” إلى ضرورة تأمين الرواتب في الوقت الراهن وبالطرائق القديمة حتى تطمئن “قلوب الموظفين”.