السبت, فبراير 22, 2025
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةأخبارأكبر مشكلة تواجهها سوريا.. كيف سيعاد توطين ملايين اللاجئين والنازحين؟

أكبر مشكلة تواجهها سوريا.. كيف سيعاد توطين ملايين اللاجئين والنازحين؟

هاشتاغ: ترجمة

أثار السقوط المدوي لنظام بشار الأسد موجة من التفاؤل المحلي والدولي، لكن بالمقابل أصبح مستقبل سوريا على حافة السكين. فالعقبات التي تحول دون إعادة إعمار البلاد هائلة ومن أهم هذه العقبات قضية اللاجئين الذين أجبروا على مغادرة البلاد في الحرب التي استمرت عقدا ونيف من الزمان.

وفي تقرير مطوّل ترى مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية أن عودة اللاجئين قد تصبح أكبر عملية إعادة إلى الوطن منذ عقود، مع وجود أكثر من ستة ملايين لاجئ سوري في الخارج وسبعة ملايين نازح داخلياً، وقد عاد مئات الآلاف منهم بالفعل إلى وطنهم.

لكن العائدين سيجدون بلدهم مختلف كلياً عما تركوه. فالمنازل والبنية التحتية الحيوية مدمرة ناهيك عن فقدان الأحباء، وانتشار الفقر ومخاطر تجدد العنف، وعدم اليقين بشأن القادة الجدد عديمي الخبرة في البلاد، إضافة إلى الأزمة الإنسانية التي طال أمدها في العقد الماضي والتي جعلت الحياة لا تطاق لملايين الأشخاص الذين ما زالوا في سوريا.

وترى المجلة أن عودة مئات الآلاف من السوريين في الأشهر المقبلة قد يفاقم الوضع المتدهور أصلاً. وقد تشكّل العودة الجماعية غير المُدارة إدارة جيدة ضغطاً على الموارد المحدودة، وهذا يضع ضغوطاً هائلة على السلطات الانتقالية ووكالات الأمم المتحدة والمجتمع المدني السوري للاستجابة لاحتياجات مواطني البلاد بطريقة تعزز الاستقرار والتعافي.

مهمة تاريخية

إن مستقبل سوريا يعتمد على مهمة تاريخية تتمثل بتسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم من جهة مع تلبية احتياجات السوريين الذين بقوا في بلدهم من جهة ثانية وفق خطة مدروسة جيدا.

إن هذه المهمة تحتم على الدول المجاورة والمنظمات الدولية والحكومة الانتقالية السورية الجديدة أن تتعاون لإنشاء برنامج لإعادة اللاجئين قادر على إدارة عودة السوريين وحماية حقوق الفئات الضعيفة وحل النزاعات القانونية فيما يخص الأراضي وإعادة تشكيل المجتمع السوري بعد الحرب.

وفي الوقت نفسه، على الحكومة الانتقالية والمنظمات غير الحكومية المحلية والدولية أن تعمل معاً، على الرغم من تشككها المتبادل، لدعم الاحتياجات الإنسانية الفورية والمستمرة للسوريين الذين لم يغادروا البلاد أبداً. لأن التركيز على المسار الأول من دون الاهتمام الكافي بالمسار الثاني سيخلق الظروف التي قد تدفع البلاد إلى الأزمة مرة أخرى قبل أن تتاح لها فرصة إعادة البناء.

مخاطر الترحيل القسري

وترى المجلة أن اللاجئين السوريين قد يتعرضون للترحيل قسراً من قبل الدول المضيفة وخصوصاً الدول المجاورة بعد رحيل الأسد، أو ربما بسبب الظروف المتدهورة في الدول المضيفة نفسها؛ إذ تؤدي الصعوبات الاقتصادية وارتفاع تكاليف المعيشة والفرص المحدودة إلى جعل الحياة أمام اللاجئين غير قابلة للاستمرار استمرارا متزايدا.

وقد رحّلت لبنان وتركيا بالفعل اللاجئين السوريين ترحيلا جماعيا منذ عام 2022، وهذا أجبرهم على العودة حتى في ظل استمرار الحرب في البلاد. وقد تؤدي عمليات الترحيل الجماعي إلى تقويض الاستقرار الذي سعت الدول المضيفة إلى تحقيقه في سوريا.

في بلد تعرض للدمار في عقد ونصف من الحرب، لن تجد غالبية العائدين داخل سوريا مكاناً تعود إليه؛ إذ لا تزال مساحات شاسعة من البلاد غير صالحة للسكن، ولا تزال أحياء بأكملها في المدن الكبرى مثل حلب ودمشق والرقة مدمرة بالكامل.

وفي ظل التراجع الاقتصادي الذي زاد على 80% منذ بدأت الحرب عام 2011 وانتشار البطالة والتضخم وارتفاع معدلات الفقر إلى 90%، والافتقار إلى البنية الأساسية والمياه النظيفة والكهرباء والرعاية الصحية والمدارس، سيكون من الصعب تحقيق إعادة الإدماج الجماعي والتهديد بمخاطر إشعال فتيل التوترات وتقويض الاستقرار الهش الذي نشأ في أعقاب سقوط الأسد.

العودة الطوعية

كما هو الحال في أي بلد ما بعد الصراع، فإن العودة الطوعية للاجئين السوريين تتطلب تحسيناً شاملاً للأبعاد السياسية والقانونية والاجتماعية والاقتصادية المتشابكة للعودة المنظمة، وتفادي العودة الفوضوية التي قد تجعل العائدين عُرضة للخطر ومنفصلين عن جهود التعافي الأوسع التي تستهدف السكان الحاليين.

وترى المجلة أنه لتجنب الوقوع في هذا الفخ، تحتاج سوريا إلى خطة إعادة متماسكة في وقت مبكر لضمان دمج العائدين في التنمية بعيدة الأجل للبلاد وعدم تقويض عملية تعافيها.

وفي هذا الإطار ينبغي للحكومة الانتقالية السورية خلق إطار للتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والدول المجاورة، بما في ذلك الأردن ولبنان وتركيا، لإدارة العودة الجارية إدارة فعّالة وضمان وفاء أصحاب المصلحة الإقليميين التزاماتهم لمنع العودة القسرية.

كما ينبغي على الدول المضيفة أن تعد بعدم دفع اللاجئين إلى العودة؛ والسماح للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بقيادة عملية عودة طوعية تدريجية ومنظمة؛ والسماح للسوريين الذين يختارون العودة مؤقتاً إلى سوريا في زيارات “اذهب وشاهد” لتقييم الظروف، بالعودة إلى دول اللجوء.

وينبغي للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمجتمع الدولي تحفيز الدول على التقيد بهذه الالتزامات من خلال ربط المساعدات الإنسانية والتنموية بالامتثال لتفادي انزلاق سوريا مرة أخرى إلى الصراع لأن العودة المبكرة أو القسرية لن تؤدي إلاّ إلى نزوح جديد للعائدين، الذين قد يفرون مرة أخرى إلى الدول المجاورة بحثاً عن الأمان.

إعادة بناء مؤسسات الدولة

يتحتم على حكومة تصريف الأعمال السورية في هذا الإطار، إعادة بناء مؤسسات الدولة لاستئناف تقديم الخدمات العامة وإعادة بناء البنية التحتية واستعادة الخدمات المدنية الأساسية، ومعالجة التحديات التي سيواجهها العائدون، بما في ذلك ضمان حمايتهم ودعم إعادة دمجهم في المجتمعات المحلية.

لكن هذه المهمة تتطلب أيضاً من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين العمل لتسهيل العودة الطوعية للاجئين بتوسيع نطاق رصدها لنيات اللاجئين، وتوثيق تدفقات العودة، وضمان حصول العائدين على الخدمات في مناطق عودتهم. وتقديم المشورة لجهود الحكومة المؤقتة لصياغة وتعديل القوانين الوطنية بما يتماشى مع الحماية القانونية الدولية للنازحين.

تحقيق الأمن والاستقرار

إن العودة الطوعية للاجئين سوف تعتمد اعتمادا كبيرا على مدى تحقيق الحكومة الانتقالية السورية مستوى مقبول من الأمن والاستقرار، خصوصاً أن احتمالات تجدد الصراع مرتفعة، نتيجة الاشتباكات المستمرة بين الجماعات الموالية لتركيا وقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة والتي يهيمن عليها الأكراد في شمال شرقي سوريا.

كما أن الحفاظ على الاستجابة الإنسانية في سوريا وتعزيزها، جزئيا بتوسيع دور مجموعات المجتمع المدني التي تقودها حالياً، أمر بالغ الأهمية لتحسين الظروف على الأرض وجعل العودة الواسعة النطاق للسوريين ممكنة في نهاية المطاف.

وعلى الرغم من أن المجتمع الدولي ينظر إلى منظمات المجتمع المدني السورية نظرة أكثر إيجابية من الحكومة المؤقتة كقناة لإيصال المساعدات الإنسانية، لكن لا ينبغي للعالم أن ينظر إلى تلك المنظمات بوصفها بديلا من دور الحكومة دائما، وكي يستمر التعافي استمرارا مستداما، يجب أن يُنظر إلى الحكومة على أنها شرعية وقادرة على إدارة إعادة الإعمار.

نقطة العودة

إن الفشل في تنسيق عودة اللاجئين السوريين ستكون له عواقب وخيمة على سوريا والدول المضيفة المجاورة واللاجئين السوريين أنفسهم. ويعتمد استقرار سوريا على التعافي الوطني المستدام؛ لذلك فإن العودة الفوضوية قد تؤدي إلى تقويض استقرار الدولة الهش وإثارة أزمة أخرى قد تدفع الآلاف من اللاجئين الجدد باتجاه حدود الدول المجاورة.

وأما في حال عملية العودة المنظمة وإعادة الإدماج الممنهجة فيمكن أن تسمح لسوريا بتحقيق استقرار اقتصادي وسياسي دائم من دون إثقال كاهل مؤسسات الدولة أو المجتمع المدني السوري أو وكالات الإغاثة.

وتخلص المجلة إلى أن مستقبل سوريا يعتمد على العودة الآمنة والكريمة للاجئين الذين سيساعدون في إعادة بناء دولة مزقتها سنوات من الصراع. وعلى السوريين، بالتعاون مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، اغتنام هذه اللحظة لوضع الأساس للسلام الدائم وإلاّ فإنهم يخاطرون بالانزلاق إلى حالة من عدم الاستقرار العميق وإغلاق النافذة التي تلوح أمامهم وتحمُّل تبعات ذلك لأجيال قادمة.

 

 

 

http://لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

مقالات ذات صلة