السبت, مارس 15, 2025
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةخطوط حمرإلى إياد شاهين... كم فاتك من ضحك في هذه البلاد المعدة للسخرية...

إلى إياد شاهين… كم فاتك من ضحك في هذه البلاد المعدة للسخرية السوداء!

هاشتاغ- رأي-وسام كنعان
كل شيئ خذلك. مرت السنين كمشانق الحجاج! كالرؤية وسط عاصفة العجاج! كل سنة كانت شرفة بيت في الشام. أسدل أصحابه ستائره، أحكموا إغلاق النوافذ… لفوا الحنين والذكريات… وبهدوء سافروا إلى الأبد! تركوا لنا جرعة التأمل في الغبار.. نفدوا بريشهم من هذا الوباء القاتل. بلادنا هي الوباء، ونحن القاتل والمقتول! مساكين هؤلاء الذين سافروا، فوٌتوا على أنفسهم كل هذا الترف المسيج بيومياتنا! غاب عنهم لغز حكومة سورية نائمة ليل نهار، ووزير الإعلام فيها لايعرف كيف يحرر خبراّ، أو يصوغ جملة مرتجلة مفيدة! لا يعرف أن يجيب على سؤال دون أن يحذف ثلاث إجابات ومن ثم يجري اتصال بصديق؟! ووزير النفط يخدع متابعيه، ويعدهم بأن الأسعار ثابتة، ووزير الاقتصاد يمضي وقته بالعد بشكل تنازلي لحين ارتطامنا بالقاع، ووزير الكهرباء يموّن بيته من الشمع لكي يحارب الظلام، والأمن يعتقل الصحافيين بدون محاكمة علنية، والداخلية تصدر بياناً تورد فيه الحرفين الأولين من اسم صحافية معتقلة كانت تعمل في التلفزيون الرسمي، وكأنها مجرمة! أما القائمين على المشاريع الخدمية والفنية، فيكتبون تعليقات ينتقدون فيها العبودية وهم يمارسونها بحذافيرها!
وصلتني الآن رسالة لتبديل جرة غاز. المعتمد يسكن قبل الله بدرجة. في الشيخ إبراهيم! على علو سبعين قصيدة، من مقام الشيخ الأكبر! نحن نعرفه شاعر و متصوف. فجأة صار مقامه مسجد؟! الله أكبر…
الغاز وسيلة لطيفة للموت خنقا! هكذا، كان نص الرسالة؟!
عموما، كل سنة كانت وردة ذابلة منسية على تلك الشرفات. مات إياد شاهين. من فرط السعادة مات. قبل ست سنوات أغمض قلبه. كنا نرى روحه تسخر من كل شيئ. يومها شرب عرق حتى رأى الولدان المخلدون! كان على وشك الحياة، لكن عندما رآهم مات مجدداً من شدة الضحك…
إياد طبيب، والأطباء بارعون في اختيار حتفهم المحتوم. يتفنون في صوغ نهايات مبللة بالجحيم! يعرفون بالضبط كم سنتميتر سم من حياة زعاف يحتاج هذا القلب ليهدأ! مرة قال لي رفيقي ثائر عباس عادي، منذ عشرين عاما تقريبا قال: أغلق باب غرفتي في الوحدة ٢٠ في سكن المزة الجامعي، وأشرب حتى أموت! ألا تخاف الموت وحيدا، تمتمت؟! فقال: العرق لا يميت، إلا إذا سكبته في الوريد! ثائر طبيب أيضا. غادر إلى غير رجعة. اخترق أسوار الأرض المحتلة. درس طب سوريا ليهدهد على جراح فلسطين. لا أعرف لماذا أفكر كل يوم بإياد شاهين وهو يرنّم القصيدة السورية الأثيرة، كزهو الصمت، لميت سكنت لتوها كل آلامه:
كل شيئ خذلك
الباص موقف الباص
سيور خذائك
كل شيئ خذلك
حجر النرد ولاعة التبغ
مفتاح بابك
كل شيئ خذلك
صنبور المياه
دواء الصداع
كل شيئ خذلك
والسم الذي شربته سرا
وما قتلك؟!
إياد شاهين شاعر. الشعر لا يموت! بديوان واحد صفع الحياة ومضى. على عدد صفحاته سامر فصول حياتنا البائدة من وراء الغياب!.

مقالات ذات صلة