الثلاثاء, مارس 11, 2025
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةخطوط حمرفي الشام الموت يوجع الموتى أيضا!

في الشام الموت يوجع الموتى أيضا!

هاشتاغ سوريا- رأي وسام كنعان

تخيل أن ترى وجوه من تحب، وقد غادرت هذا العالم! أو أن يتاح لك مراقبة وجوه محبيك بعد أن تموت! الفكرة مغرية لكل مازوشي مجنون قرر أن يلقي نظرة وداع أخيرة من عالم البرزخ مثلا!

ليموت مجددا بعد أن شهق روحه لآخر مرة، لأنه سيموت ألف ميتة جديدة مترفة بالوجع في الدقيقة الواحدة! وما الضير في ذلك؟! طالما أننا نعيش في بلد الموت من الجوع أصلا! في بلد نموت فيه في اليوم ألف مرة ولانشبع! نزامن موعد عودة التيار الكهربائي مع الفترة المخصصة لملئ خزاناتنا بالمياه، ببراعة حساباتنا لآخر الشهر، نفعل ذلك ونموت كل يوم ألف ميتة، ولا يوافينا الأجل، رغم أن بلادنا خلقت للموت.

في الدنيا البيت وطن
ونحن نستأجره بعقد مسجل في البلدية بمبلغ مزيف! نكذب على دولتنا لنوفر رسوما، عسانا نقدر شراء حليب لأطفالنا! أما في الآخرة فالقبر هو الوطن، وهناك في الشام من يستأجر قبرا لأمواته حتى اليوم! من لا يصدق فليسأل عادل بائع الصحف الأشهر في تاريخ دمشق المعاصر! الذي يرابض منذ صباه قرب باب مقهى الروضة في شارع العابد!

نداري نظافة أوطاننا الصغيرة، و نرمي قمامتنا في الشارع دون أن يرف لنا جفن، لأننا كما قال روبرت فيسك بالضبط ننتمي لبيوتنا المستأجرة ولا ننتمي لأوطاننا؟!
نعيش في بلد صار القانون فيها مجرد مزحة سمجة، تدعو للتهكم! أي قانون ذاك الذي يمنحك حق الحياة في عاصمة لا تملك فيها ترف حجز مقعد في باص نقل داخلي! لكم أن تمروا في كراجات انطلاق العباسيين مثلا، لتلمسوا شكلا عصريا وجذابا بحلة بهية للذل، بتشكيلته الجديدة، والتي لم يعثر عليها فريق حكومي آخر في أي بلد في العالم! صفقوا للحكومة الجديدة، إنها تمثل بجثثنا بعناية ذوقها الرفيع!
كل الكلام زائف أمام وجه امرأة طاعنة في السن تستوقفك، وترجوك أن توصلها إلى حرستا، فلا تستطيع لأن البنزين عملة نادرة في بلد احتل نفطها! لكنها لا تقبل أجرة تكسي منك لأنها ليست متسولة!
عليك وأنت تعيش هنا، أن تجاهد الأرق لتغفو، وعندما تصحو عليك أن تعارك من أجل حصولك على مخصصاتك من الخبز! عليك أن تخوض حرب وساطات لتقتنص حصتك من الهواء، أو من الأوكجسين في مشافيها الناصعة كشكل الموت لمؤمن سلم نفسه للقدر! عليك أن تناضل لتقنع شرطي المرور بأنك لست محتل أتى ليغتصب بلاده! عليك أن تبصق في وجه عمرك لأنك ارتكبت جريمة إنجاب في بلد ضائع تماما. يحتله الفقر تماما مثلما يكرم فيه تجار الحرب ومحدثي النعمة! من لمح منكم سيارة “فيميه” تقف على طابور محطة الوقود؟!
عندما تموت وتنظر خلفك، سترى أنك ذهبت فرق عملة، حينها ستدرك كما كانت حياتك باهتة في مكان لم يكن مخصص للحياة أصلا!
تخيلوا لو أتيح للشهداء فرصة الفرجة على ما يحدث بعد أن دفعوا دماءهم كرمى لبلادهم ومضوا!

لكم أن تتخيلوا
وعلينا جميعا أن نذرف دموع الندم، لأننا بقينا وعشنا وسنموت هنا، ونأمل ألا يتاح لنا فرصة مشاهدة ماذا سيحدث بعد موتنا!!

مقالات ذات صلة