الخميس, فبراير 6, 2025
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةخطوط حمربناء المسؤول الجديد

بناء المسؤول الجديد

هاشتاغ سوريا- رشا سيروب

عندما لا نقبل النقد البنّاء الصادر عن مختصين والمبني على أدلة ومحاكمة منطقية، نكون أمام كارثة تربوية، وعندما نقارن عملية افتتاح المدارس في سورية مع مثيلاتها في السويد نكون أمام كارثة فكرية.

لعل من أهم التحديات التي تواجه سورية هو بناء كادر وطني مدّرب مهنياً وفكرياً للصمود في وجه التحديات القادمة. فليس سرّاً أن المجتمع السوري يرثي يوماً بعد يوم أجيال الخمسينات والستينات التي لعبت دوراً هاماً في عملية البناء والنهوض الوطني، ويرثي حالنا التي وصلنا إليها من عملية انتقاء وإحلال الكوادر والقيادات في كافة المستويات -العليا والوسطى- في العديد من المواقع الإدارية والمهنية والأكاديمية التي أظهرت ضعفاً كبيراً في التكوين المهني والعلمي وتآكل في “نظام القيم” حيث تسود قيم “النفع الخاص” على حساب “اعتبارات الصالح العام”.

ما حدث الأسبوع الماضي من ردود غير مدروسة وغير مهنية من قبل وزير التربية -لسنا بصدد ذكرها، المواطن ووسائل التواصل كانت كفيلة بتفنيدها- ما حدث يضعنا أمام إشكالية حقيقية وهي غياب روح تقبل “النقد البنّاء” واستمرار اتباع “النهج الدعائي” في سلوكيات وتصريحات العديد من المسؤولين والتي تقوم على تضخيم الإيجابيات وحتمية تحققها، وعدم تسليط الضوء على السلبيات وحتمية عدم وقوعها، وكأن المواطن جاهلاً بحقائق الأمور.

أبسط مثال على ذلك، ما حدث يوم أمس اليوم الأول لبدء العام الدراسي، وقيام وسائل الإعلام الرسمية بتغطية زيارة وزير التربية إلى إحدى المدارس والتي تعرض صور ملونة من مستقبل مشرق وزاهٍ توحي بأنها ليست مدرسة خاصة في سورية وحسب بل مدرسة نموذجية في الدول الاسكندنافية.

فإن سلّمنا جدلاً أن الشكليات التي تم عرضها وبثها على وسائل الإعلام من حقائق الأمور، لماذا لم تُعرض على التوازي بواطنها، بمعنى لماذا لا يتحدث السيد وزير التربية ولم يتحدث الإعلام “الرسمي” عن نسب التسرب من التعليم (من ما قبل كورونا) والتي تتجاوز 30%، ولماذا لا يتحدث عن نسبة الإنفاق لكل طالب في المرحلة ما قبل الجامعية والتي تشكل 10 آلاف دولار لكل طالب في السويد بنسبة 5.4% من الناتج المحلي الإجمالي التي قارنها السيد وزير التربية بسورية – في إحدى مقابلاته ولقاءاته.

يبدو أننا لم نعد العدّة الكافية لعلمية الإحلال والاستبدال، وتسليم مسؤولية قيادة المجتمع والمستقبل لكفاءات قادرة على البناء والنهوض، فلا خير في “نخبة” عالية التعليم تخرجها مراكز علمية متقدمة إذا كانت هذه النخبة معزولة عن “الوسط الطبيعي للمجتمع”.

مقالات ذات صلة